* آلو! فيديريكو، في أيّ سنة ولدت أنت؟
- ولدت عام 1899، يوم 5 جوان (حزيران)
* أين؟
- في قرية "فانتا باكيروس" (نبع البقر) في إقليم غرناطة
* ما اسم والديك؟
- أبي هو فيديريكو غارثيا رودريغيز، وأمّي بيثنتا ـ لوركا
* وما هو موطنهما؟
- أندلسيّان، من غرناطة.
* ماذا ورثت عن أبيك؟
- الاندفاع والحماس.
* وعن أمّك؟
- الذّكاء.
* أريد بعض الإيضاحات عن أرومتك؟
- لست غجريّاً.
* إذن، من أنت؟
- أندلسيّ، وهو لا يعني أنّني غجريّ. وحتّى لو اعتبرنا أنّ كل أولائك الأندلسيّين هم غجر إلى حدّ ما؛ فإنّ غجريّتي لا تتجاوز أن تكون موضوعاً، ثيمة أدبية، وكتاباً، لا أكثر.
* هل من إيضاحات أخرى؟
- أبي من مالكي الأراضي؛ ثريّ ونشط، وفارس حقيقي. وأمّا أمّي فهي من عائلة كلها طيبة، وقد عرفت عائلتي الفقر في القرن الماضي، والآن، بدأت تصعد من جديد.
* أكان ذلك بمساعدتك لها؟
- أجل، تستطيع أن تقول ذلك.
* حدّثني عن طفولتك؟
- كان أبي قد ترمّل، فتزوّج ثانية، وكانت أمّي هي الزّوجة الثانية. احتشدت طفولتي بأدوات الأكل الفضيّة، وبصور تلك المرأة التي كان من الممكن أن تكون أمّي، وهي ماتيلدا دي بلاثيوس. قضيت طفولتي في دراسة الآداب والموسيقى مع أمّي.. إنها طفولة ابن ثري مدلل في قريته.
* هل غادرت قريتك مبكّراً؟
- أجل، ذهبت إلى ألمريّة، حيث التحقت بالمدرسة الابتدائيّة، وهناك أصبت بالتهاب حادّ، واعتقد أبواي أن موتي ولا ريب وشيك، فعادا بي إلى القرية للسّهر على علاجي.
* بماذا كنت تلعب في طفولتك؟
- كنت مولعاً بلعب الأطفال الذين يستهويهم تمثيل دور البلهاء، والشعراء، والقيام بألعاب تلاوة القداسات، وإقامة المذابح الكنسيّة، والمسارح الصغيرة.
* ما الذي تعمّقت في دراسته؟
- درست أشياء كثيرة. كنت تلميذاً في مدرسة القلب المقدّس في غرناطة، وهناك تعلمت أشياء كثيرة؛ بيد أنّي استسلمت للعبث، وكذلك فعلت في الجامعة حيث فشلت في دراسة الآداب، والبلاغة، وتاريخ اللغة الإسبانيّة؛ وقد حصلت في المقابل على شهرة كبيرة بلمز النّاس بالألقاب.
* كم هو عدد أشقائك؟
- ثلاثة.
* وعدد أصدقائك؟
- كثيرون.
* اذكر لي بعضهم.
- حلقة الدّيك الأدبيّة، وأسرة تحرير مجلتنا، والحلقة الغرناطيّة الجديدة، وهوكان أميغو، وأربوليا راموس، وأيالا فرناندو، وكازادو مونويو.
* وما هي الجماعات التي سبقت هؤلاء في غرناطة؟
- ويفو الذي مكّننا من المطالعة بفتح مكتبته لنا.
* وقبل ذلك؟
- كانت هناك جماعة فانيفي، مع نيكولا ماريا لوبيث، وسان ماثياس مانديث، وباراشو جبران، وقبلها، كان ثمّة أكاديميّات القرن التاسع عشر، وقبلهم بدرو سوتودي روغا وأصدقاؤه، وقبلهم، وقبلهم كثيرون.
* هناك أيضاً حلقة أبي عبد الله؟
- أجل، حلقة أبي عبد الله.
* وفي مدريد، من هم أصدقاؤك في بيت الطّلبة، وكيف وصلت إلى بيت الطّلبة؟
- كنت أدرس الحقوق والآداب في غرناطة، تعلّمت في الأوّل الموسيقى على يديّ أستاذ كان قد ألّف أياّمها أوبرا عظيمة عنوانها "بنات يفتاح" وقد قوبلت هذه الأوبرا لدى ظهورها باشمئزاز كبير. وهذا الموسيقي هو الذي أهديته كتابي الأوّل، وقد طفت معه كل إسبانيا؛ إنّه أستاذي وصديقي دومينيز برّوتا الذي أدين له بالكثير. قمنا بمساعٍ لألتحق بالقسم الداخلي ببولوني، ولكن بعد نقاشاتي مع فرناندو دي لوس ريوس، اتجهتُ إلى بيت الطلبة، وهكذا ذهبت حيث أواصل دراستي الأدبية.
* وهناك، من هم أصدقاؤك الاعتياديون؟
- دالي، بونويل، سانخيس فنتورا، فنثنيت، بيبان بيللو، برادوس... إلى آخر القائمة.
* يبدو أنّه من الممكن وضع كتاب كامل حول مغامراتك المدرسية في دار الطلبة. أيها تبدو لك أكثر بهجةً؟
- تلك التي عن الكوخ في الصّحراء. ذات يوم، مثل أيام كثيرة، وجدنا نفسينا، أنا ودالي، بلا فِلْس واحد. جعلنا من غرفتنا في بيت الطلبة صحراء. مع كوخ وملاك عجيب (حامل كاميرا بثلاث قوائم له رأس ملاك وأجنحة وياقة مُنشّاة) فتحنا النافذة لطلب المساعدة، بما أنّنا ضائعان في الصحراء! ظللنا يومين من دون حلاقة ومن دون أن نغادر الغرفة.
* ماذا تكتب؟
- بدأت الكتابة في سنّ السّابعة عشر. كتابي الأوّل كان "انطباعات ومشاهد"، ثم كتبت قصائد "ممتاليات 1" التي لم تنشر؛ وقصيدة "الكونت خندو" غير المطبوعة، ولي "كتاب القصائد" الذي طُبع سنة 1920 عند الناشر ماروتو، ثم "أغاني" عن "دار ليتورال" سنة 1927. ولي "أغاني غجرية" في "مجلة أوكسيدون" سنة 1928، ومسرحية "ماريانا بينيدا" عن "دار ألفارس"، 1928.
* ماذا تعدّ الآن؟
- قصائد غنائيّة صدرت منها قصيدة "حزّ الرؤوس" ونشرت في الجريدة الأدبية، كما أعدّ مجلّداً من المسرحيات يضمّ "غراميات دون بيرلمبلان" و"بيليز في حديقته" و"الدمية ذات الهراوة"، وكتاباً يضم رسوماً من المعرض الذي أقمته في برشلونة، وغيرها.
* ما هو موقفك النظري الحالي؟
- أن أعمل بصفاء وبساطة. العودة إلى الإلهام. اعتماد الإلهام والغريزة هو الدافع الوحيد للشاعر. لا أحتمل الشعر المنطقي. مضى عهد نظريّة الشاعر غونغورا. أنا الآن غريزيّ ومشبوب العاطفة.
* أتسمح لي أن أدعوك، عزيزي لوركا، جوهرة لا تقدر بثمن، مستقبلاً لا زمن له، أبديّة آنيّة، سرو فلك البروج، خلاصة رقصة السيغيديا، ورقة الكوتشينة ترافل الملك، هرقل ثلوج مغربياً؟
- ليس لي على ذلك إلّا مأخذاً واحداً، هو أنّك تزيحني عن امتلاك الرقم القياسي في ابتداع الألقاب.
* هوامش:
1. العنوان الأصلي للحوار: "دروب شباب إسبانيا"، وقد نشر في مجلة La gaceta Literaria، في مدريد عدد 15 ديسمبر 1928.
2. المتعارف عليه أن لوركا ولد في 5 حزيران/ يونيو 1898 وقد أثبت ذلك هو نفسه في مذكرة أرسلها إلى فرانسيس هايس مرافقه في غرفة السكن أيام كان يدرس في "جامعة كولومبيا" في نيويورك.
3. نشر هذا الحوار في كتاب Conférences, Interviews, Correspondances الصادر عن "دار غاليمار" في باريس، وهو المجلد الثاني من أعمال لوركا الكاملة بالفرنسية.