في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الدينية والسياسية والرواية والمذكرات والفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا.
■ ■ ■
في كتابه "في هدي القرآن في السياسة والحكم: أطروحة بناء فقه المعاملات السياسية على القيم" الصادر حديثًا عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الدوحة، يسعى الباحث والأكاديمي المغربي امحمد جبرون إلى تجديد الفكر السياسي الإسلامي وتحديثه، ليكون مرجعية أخلاقية لبناء الدولة المدنية الحديثة في المجال العربي - الإسلامي. يمثّل الكتاب مناظرة علمية رصينة للتيارات السياسية الإسلامية السلفية، وهو أيضاً محاولة اجتهادية من أجل إعادة تشكيل العقل السياسي الإسلامي على أسس متصالحة مع الحداثة.
حول تغير العالم الراهن وصورته المستقبلية، صدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية" في "مكتبة الإسكندرية" كتاب "الأزمنة ما بعد العادية: نموذج معرفي جديد في الدراسات المستقبلية"، من تأليف الكاتب البريطاني الباكستاني ضياء الدين ساردار وترجمة محمد العربي. يقدم الكتاب المكوّن من 3 فصول رؤية جديدة عن تغير العالم المعاصر، من خلال دراسة الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 وتداعياتها، والتغيرات المناخية والبيئية الكبرى، وحالة اللايقين والفوضى بوصفها النموذج السائد في العالم خلال العقدين أو الثلاثة الأخيرة.
عن "دار روافد للنشر والتوزيع"، صدرت حديثاً رواية "امبريك.. عبد السودان" للروائي المغربي ميلود بنباقي. يسلّط العمل الضوء على عالم الرق والاسترقاق، والصراع الديني، واستغلال العقيدة الدينية للوصل إلى الحكم، وصراعات الجوع والعطش والحرب وتجارة البشر، عبر ترحال طويل في متاهات الصحراء من بلاد السودان القديمة إلى المغرب الأقصى، كما يرصد صراع مجموعة من الحركات الدينية التى ظهرت خلال القرن الخامس الهجري مثل حركة المرابطين التى تزعمها عبد الله بن ياسين، وقام بتوحيد المغرب وسعى إلى نشرها في أفريقيا جنوب الصحراء.
صدر حديثاً عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" كتاب "قطاع غزة: السياسات الاقتصادية للإفقار التنموي" من تأليف الباحثة الأميركية سارة روي، وترجمة محمد طربيه، التي تفصّل التغييرات التي طرأت على اقتصاد غزة بفعل تأثيرات العدوان الإسرائيلي سنة 2014، وذلك بعد عام من وقوعه، موضحاً أن السنوات الثماني والأربعين الأخيرة نقلت غزة من منطقة مدمجة اقتصادياً، وتابعة بشدة لـ"إسرائيل" ومرتبطة بالضفة الغربية ارتباطاً قوياً إلى كيان معزول، وأن عملية الإفقار فيها اقتربت من نهايتها المنطقية: جعل غزة غير قابلة للحياة.
عن منشورات "كولومبيا برس" يصدر خلال الشهر الجاري كتاب "ضابط ألماني في باريس المحتلة: يوميات الحرب 1941-1945"، للكاتب إرنست يونغر (1895-1998)، الذي كان ضابطاً في الجيش الألماني خلال الحرب وجرت لاحقاً تبرئته من تهم النازية. الإصدار يتضمن يومياته خلال احتلال باريس في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحديث عن علاقات الحب ويتطرق بتفصيل إلى النباتات والحشرات التي كان مهتماً بها، إلى جانب لقاءاته بالروائي سيلين والشاعر جان كوكتو وبيكاسو، ويروي قربه من ضباط آخرين حاولوا تدبير اغتيال هتلر.
بعنوان "ابتكار التقليد الفلسفي: السيرة الذاتية واستقبال فلسفة ابن سينا من القرن الحادي عشر إلى القرن الرابع عشر"، صدرت عن منشورات "هاراسوفيتش فيرلاغ" الأكاديمية دراسة للباحث أحمد الرحيم أستاذ تاريخ الدراسات الفكرية والدينية العربية والإسلامية في جامعة يال الأميركية. يناقش الباحث الكيفية التي يؤسَّس بها تقليد فلسفي، ودور السيرة الأدبية في تشكيل تاريخ الاستقبال الفكري، من خلال تحليل مفصل لحياة وأعمال فلاسفة المدرسة المشائية التي أسسها ابن سينا، ويبحث في أنواع الكتابات العربية السيرية كمصدر لتاريخ الفلسفة العربية.
يصدر عن داري "الروافد الثقافية" و"ابن النديم" كتاب "علم الاجتماع المعاصر" للباحثين الفرنسيين جان بيير دوران وروبرت ويل، بترجمة طواهري ميلود. يتناول العمل واقع النقاش السوسيولوجي الحالي مع نظرة شاملة إلى المرجعيات الأساسية والإنتاجات المعاصرة. ويضم تاريخاً عاماً لعلم الاجتماع ونشوئه، ثم التيارات النظرية الكبرى، وإشكاليات السوسيولوجيا وممارساتها والتيارات الثقافوية والدراسات ما بعد الكولونيالية. يذكر المترجم أنه انتقى من الكتاب الأصلي فصولاً بعينها للترجمة بالنظر إلى ضخامته، لافتاً إلى حاجته لمجهود جماعي ليترجم كاملاً.
"الأنثروبولوجيا الفرنسية: تاريخ المدرسة وآفاقها" صدر عن دار "نينوى" للأكاديمي والباحث عبد الله عبد الرحمن يتيم، ويتناول الدور الذي لعبه باحثون فرنسيون في حقلَي علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، منذ النصف الثاني من القرن العشرين، منهم بيار بورديو وكلود ليفي شتراوس ولويس دومون وموريس غوديليه وميشيل ليريس؛ مقارنة بتجارب سابقة لهم من مثل إميل دوركايم ومارك بلوخ وفرناند بروديل. يرى الباحث أن المجموعة الأولى أتت بمفاهيم ونظريات مختلفة عن الأميركية والبريطانية، ويعتبِر العمل من الدراسات العربية القليلة التي درست الموضوع.