لم يكتف الأربعيني الغزي كمال سلامة بالفحص الظاهري لأسماك الرنجة التي اشتراها، من سوق خان يونس في جنوب القطاع، إذ اعتمد على حاسة الشم من أجل التأكد من سلامتها، خوفا من تعرضه وعائلته للتسمم كما وقع لـ 700 غزي في العام الماضي، وفقا لبيانات صادرة عن دائرة الطب الوقائي في وزارة الصحة بغزة.
ويستهلك الغزيون ما بين 70 طنا إلى 80 طن من أسماك الماكريل maccarello المدخنة والمنتجة محليا في مصانع رسمية وأخرى عشوائية تنتشر في قطاع غزة، وتأتي محافظة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة في المرتبة الأولى للاستهلاك، بمقدار 20 طنا تليها بلدة خان يونس الواقعة جنوب القطاع والتي تستهلك 12 طنا من أسماك الرنجة، بحسب ما قاله لـ"العربي الجديد"، أسامة أبو مرزوق رئيس قسم التفتيش الصحي في بلدية رفح وتجار وأصحاب المصانع المنتجة في قطاع غزة.
وتعد أسماك الماكريل من النوعية غزيرة اللحم قليلة الأشواك، وتعيش في المحيط الأطلسي، والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود وفق ما أوضحه مدير الخدمات السمكية في إدارة الثروة السمكية بوزارة الزراعة في غزة المهندس جهاد صلاح، والذي قال لـ"العربي الجديد" أن معيار اختيار هذه السمكة لصنع ما بات يعرف في غزة بـ"الرنجة" يعود إلى احتوائها على دهون كثيرة، ورخص أسعارها.
اقــرأ أيضاً
بكتيريا سامة
منحت وزارة الاقتصاد الوطني رخصا إلى ثلاثة مصانع تتنتج أسماك الرنجة في قطاع غزة، اثنان منهما في رفح وآخر في وسط القطاع، فيما تنتشر معامل صغيرة وعشوائية في منازل الغزيين لم يحصل القائمون عليها على تصاريح وأذون حسبما تؤكد رباب عاشور مديرة مديرية الاقتصاد الوطني في مدينة رفح، والتي تستنفر طواقمها التفتيشية لمراقبة المصانع والأسواق، مع نهاية شهر رمضان، إذ تبدأ عمليات تجهيز الرنجة والتي يقبل الغزيون على تناولها خلال أيام العيد والأسابيع التالية، الأمر الذي يتطلب ضبط المصانع المخالفة وضمان ظروف عرض صحية في الأسواق، "لكن مراقبة المصانع المنزلية تعد أمرا صعيا وخارج نطاق عمل الوزراة، فيما تكتفي بالتحذير من تناول الأسماك المصنعة منزليا في ظروف قد لا تلبي الشروط الصحية المطلوبة" كما تقول رباب عاشور.
ولا يأبه محمود جمعة لتحذيرات وزراة الاقتصاد المتكررة من تصنيع الرنجة في المنزل، إذ يعمل على تصنيع سمك الماكريل المجمد، في محاولة لتوفير نصف ثمن شراء الرنجة، والتي تكلفه 13 شيقل (3.5 دولار أميركي) فيما يبلغ ثمن الكيلوغرام الواحد 25 شيقل (7 دولارات)، "الأمر الذي يقتضى تصنيع الأسماك في المنزل حتى لو كانت احتمال التسسم قائما، إذ يعاني الغزيون من أوضاع اقتصادية خانقة".
ويصاب المستهلكون بالتسمم بعد تناولهم أسماك الرنجة، بسبب قلة الملح المستخدم في تصنيعها ما يؤدي إلى سرعة تلفها، خاصة لدى عرضها خارج الثلاجات في الهواء والشمس، الأمر الذي يصيبها ببكتيريا سامة من نوعي Bacillus spp وmicrococous spp ، تنشط في حال لم يتم تبريد الأسماك جيدا وتصيب الجهاز الهضمي بالمغص ويتعرض من يتناولها للإسهال والقيئ، وفق ما شرحه لـ"العربي الجديد"، الدكتور خالد الهور مدير الطب الوقائي في رفح.
التصينع السليم
زار معد التحقيق مصنع رسمي حاصل على ترخيص لإنتاج الرنجة وثلاثة معامل عشوائية متواجدة في منازل في مدينتي رفح وخان يونس، وعبر مقارنة بين طرق عمل المصانع والمرخصة وغير المرخصة، يتضح أن الأولى تعمل على انتاج الرنجة، عبر تخليص السمكة من التجميد وتنظيفها، ثم غمرها بالملح لمدة 12 ساعة، وتعليقها في حاويات معدنية كبيرة وأسفلها نشارة خشب مشتعلة تصدر دخانا، وتبقى السمكة كذلك لمدة تصل حتى 6 ساعات، يتحول بعدها لون السمكة من الأبيض إلى الأصفر الذهبي، بحسب ما أوضحه محمد يوسف مالك أحد المصانع المرخصة في قطاع غزة، قائلا "لا أغادر المصنع قبل الإطمئنان إلى السير على توجيهات وزارة الاقتصاد في التمليح والتدخين والحفظ، المسؤولية كبيرة جداً، ومن الممكن التعرض لعقوبات"، لكن يوسق أصر على أن يخلي مسؤوليته في الوقت نفسه من المشاكل التي تنتج عن سوء العرض في الشمس والهواء الطلق بعيدا عن الثلاجات المبردة جيدا.
وتختلف أسماك الرنجة المصنعة في غزة عن النوع المصري من حيث درجة تلميحها، إذ أن الأسماك المصرية عالية الملوحة، بينما الرنجة الغزية قليلة الملح لأن الأسماك تغسل بعد فترة تمليح قصيرة لا تزيد على 12 ساعة، ما يجعلها بيئة جاذبة للبكتيريا في حال عرضت خارج الثلاجات، حتى أن بعضها يظهر فيها الدود بسبب الفساد، حسبما قال الدكتور الهور.
ويستهلك الغزيون ما بين 70 طنا إلى 80 طن من أسماك الماكريل maccarello المدخنة والمنتجة محليا في مصانع رسمية وأخرى عشوائية تنتشر في قطاع غزة، وتأتي محافظة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة في المرتبة الأولى للاستهلاك، بمقدار 20 طنا تليها بلدة خان يونس الواقعة جنوب القطاع والتي تستهلك 12 طنا من أسماك الرنجة، بحسب ما قاله لـ"العربي الجديد"، أسامة أبو مرزوق رئيس قسم التفتيش الصحي في بلدية رفح وتجار وأصحاب المصانع المنتجة في قطاع غزة.
وتعد أسماك الماكريل من النوعية غزيرة اللحم قليلة الأشواك، وتعيش في المحيط الأطلسي، والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود وفق ما أوضحه مدير الخدمات السمكية في إدارة الثروة السمكية بوزارة الزراعة في غزة المهندس جهاد صلاح، والذي قال لـ"العربي الجديد" أن معيار اختيار هذه السمكة لصنع ما بات يعرف في غزة بـ"الرنجة" يعود إلى احتوائها على دهون كثيرة، ورخص أسعارها.
بكتيريا سامة
منحت وزارة الاقتصاد الوطني رخصا إلى ثلاثة مصانع تتنتج أسماك الرنجة في قطاع غزة، اثنان منهما في رفح وآخر في وسط القطاع، فيما تنتشر معامل صغيرة وعشوائية في منازل الغزيين لم يحصل القائمون عليها على تصاريح وأذون حسبما تؤكد رباب عاشور مديرة مديرية الاقتصاد الوطني في مدينة رفح، والتي تستنفر طواقمها التفتيشية لمراقبة المصانع والأسواق، مع نهاية شهر رمضان، إذ تبدأ عمليات تجهيز الرنجة والتي يقبل الغزيون على تناولها خلال أيام العيد والأسابيع التالية، الأمر الذي يتطلب ضبط المصانع المخالفة وضمان ظروف عرض صحية في الأسواق، "لكن مراقبة المصانع المنزلية تعد أمرا صعيا وخارج نطاق عمل الوزراة، فيما تكتفي بالتحذير من تناول الأسماك المصنعة منزليا في ظروف قد لا تلبي الشروط الصحية المطلوبة" كما تقول رباب عاشور.
ولا يأبه محمود جمعة لتحذيرات وزراة الاقتصاد المتكررة من تصنيع الرنجة في المنزل، إذ يعمل على تصنيع سمك الماكريل المجمد، في محاولة لتوفير نصف ثمن شراء الرنجة، والتي تكلفه 13 شيقل (3.5 دولار أميركي) فيما يبلغ ثمن الكيلوغرام الواحد 25 شيقل (7 دولارات)، "الأمر الذي يقتضى تصنيع الأسماك في المنزل حتى لو كانت احتمال التسسم قائما، إذ يعاني الغزيون من أوضاع اقتصادية خانقة".
ويصاب المستهلكون بالتسمم بعد تناولهم أسماك الرنجة، بسبب قلة الملح المستخدم في تصنيعها ما يؤدي إلى سرعة تلفها، خاصة لدى عرضها خارج الثلاجات في الهواء والشمس، الأمر الذي يصيبها ببكتيريا سامة من نوعي Bacillus spp وmicrococous spp ، تنشط في حال لم يتم تبريد الأسماك جيدا وتصيب الجهاز الهضمي بالمغص ويتعرض من يتناولها للإسهال والقيئ، وفق ما شرحه لـ"العربي الجديد"، الدكتور خالد الهور مدير الطب الوقائي في رفح.
التصينع السليم
زار معد التحقيق مصنع رسمي حاصل على ترخيص لإنتاج الرنجة وثلاثة معامل عشوائية متواجدة في منازل في مدينتي رفح وخان يونس، وعبر مقارنة بين طرق عمل المصانع والمرخصة وغير المرخصة، يتضح أن الأولى تعمل على انتاج الرنجة، عبر تخليص السمكة من التجميد وتنظيفها، ثم غمرها بالملح لمدة 12 ساعة، وتعليقها في حاويات معدنية كبيرة وأسفلها نشارة خشب مشتعلة تصدر دخانا، وتبقى السمكة كذلك لمدة تصل حتى 6 ساعات، يتحول بعدها لون السمكة من الأبيض إلى الأصفر الذهبي، بحسب ما أوضحه محمد يوسف مالك أحد المصانع المرخصة في قطاع غزة، قائلا "لا أغادر المصنع قبل الإطمئنان إلى السير على توجيهات وزارة الاقتصاد في التمليح والتدخين والحفظ، المسؤولية كبيرة جداً، ومن الممكن التعرض لعقوبات"، لكن يوسق أصر على أن يخلي مسؤوليته في الوقت نفسه من المشاكل التي تنتج عن سوء العرض في الشمس والهواء الطلق بعيدا عن الثلاجات المبردة جيدا.
وتختلف أسماك الرنجة المصنعة في غزة عن النوع المصري من حيث درجة تلميحها، إذ أن الأسماك المصرية عالية الملوحة، بينما الرنجة الغزية قليلة الملح لأن الأسماك تغسل بعد فترة تمليح قصيرة لا تزيد على 12 ساعة، ما يجعلها بيئة جاذبة للبكتيريا في حال عرضت خارج الثلاجات، حتى أن بعضها يظهر فيها الدود بسبب الفساد، حسبما قال الدكتور الهور.
ولم يزد عدد حالات التسمم في عام 2015 عن 50 حالة فقط على مستوى قطاع غزة، نظراً لقلة المصانع العشوائية والاعتماد على الرنجة المستوردة المغلفة والمحفوظة في ثلاجات تبريد، كما يشير مدير الطب الوقائي في رفح، والذي لفت إلى أن عمليات التصنيع العشوائية، لا تراعي وضع كميات الملح المطلوبة، أو حتى فترة ذوبان الثلج الخاصة بالسمكة إذ يقوم بعضهم بتركها فترة طويلة بعد ذوبان الثلج عنها قبل العمل على تصنيعها ما يؤدي إلى فسادها، بسبب عدم إمكانية وضع كل الأسماك التي ذاب الثلج عنها في الفرن للتدخين، فيعاد تجميدها مرة ثانية وخلال تلك العمليات تتعرض للفساد، والذي يتضاعف في حال عرض هذه الأسماك بطريقة غير سليمه خارج ثلاجات العرض في الهواء الطلق والشمس.
وتصل الأسماك المجمدة المستخدمة في تصنيع الرنجة عبر معبر كرم أبو سالم (جنوب شرق رفح)، وتراقب وزارة الاقتصاد الوطني عملية دخول الأسماك، وتفحصها للتأكد من سلامتها، وفق ما قالته رباب عاشور، والتي لفتت إلى أن الوزارة سمحت في العام 2017 لاثنين من مصانع الرنجة في رفح وواحد في محافظة الوسطى بالعمل بعد أن استوفى ملاكها كافة الشروط الصحية الملائمة، مثل النظافة ووجود مكان جيد لتدخين الأسماك، ووضع كميات كافية من الملح، والحفظ الجيد بعد التجهيز.
العقوبة القانونية
تنص المادة 27 من الفصل السادس لقانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 لسنة 2004 على أن: "كل من عرض أو باع سلعاً تموينية فاسدة أو تالفة، أو تلاعب بتاريخ صلاحيتها، يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن عشر سنوات أو بغرامة لا تتجاوز عشرة آلاف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، أو بكلتا العقوبتين، مع إتلاف البضاعة الفاسدة"، ويؤكد مفتش مباحث التموين حماد أبو جزر، الذي يقوم بجولات الرقابة الدورية والمفاجئة على الأسواق لضبط الأسماك التالفة، على مصادرة كميات تباع على بسطات عشوائية، دون عرضها داخل ثلاجات مجهزة للحفاظ عليها.
وتشير رباب عاشور إلى أن مفتشي وزارة الاقتصاد الوطني لديهم صلاحيات بمصادرة وإتلاف أي كمية من الأسماك تبدو عليها علامات فساد ظاهرة، قائلة "تم أخذ ثلاث عينات من كل مصنع منذ بداية الموسم في 15 يونيو/حزيران الماضي، وفي حال ثبت فساد عينة يتم تحرير محضر ضبط لصاحب المصنع أو البائع، ويحال للدائرة القانونية في الوزارة، ثم إلى النيابة، وهو ما أدى إلى إغلاق مصنعين في رفح، واثنين في خان يونس خلال العام الماضي".
ويحذر هشام جبر المفتش بدائرة صحة البيئة التابعة لوزارة الصحة في غزة، من الاستهلاك المفرط للرنجة حتى لو كانت الأسماك مصنعة بشكل سليم، إذ إن تلك الأسماك ثقيلة على الجهاز الهضمي، لاحتوائها نسباً عالية من الدهون، لذلك تقوم الدائرة بإصدار نشرات توعوية، وحث الناس على أكلها، مشيراً إلى أن تسمم الأسماك من أخطر وأشد أنواع التسمم على الإطلاق.