قلما ركز باحثون، سوريون أو أمميون، على خسائر السوريين غير المنظورة، الآن على الأقل، جراء تهجيرهم من وطنهم، تحت إشراف ورعاية دولية، ببعض الأحايين .
ربما أتى البعض، من قبيل الطرح الترفي وغير الموثق، لهجرة الشباب السوريين والكفاءات العلمية، إن إلى دول الجوار، أو المنافي الأوروبية، وأثر ذلك على سورية المستقبل، بيد أن التطرق لدمج الأطفال السوريين، بمجتمعاتهم الجديدة، لم يأخذ مكانه بالطرح، بما يتوازى مع خطورته، وما سينعكس على الأطفال الذين بدأوا ينسون، حتى لغتهم العربية، وفق نهج يمكن وصفه بالسلخ عن وطنهم الأم، وكأن تهجيرهم أخذ صفة الديمومة ولا أمل بعودتهم لسوريتهم بعد سقوط بشار الأسد .
قصاى القول: إن سقنا تركيا مثالاً، على أنها البلد الأكثر استضافة للاجئين السوريين، بنحو 3 مليون سوري، والتي بدأت منذ مطلع العام الدراسي الجاري، التعاطي مع السوريين، بنحو مختلف عن الأعوام السابقة، التي تركت خلالها للسوريين، حرية الاختيار بالتعليم، بين المدارس السورية أو التركية، بل وفسحت المجال واسعاً، لدعم المدارس السورية بتركيا، والتي غلب على مموليها الاهتمام الديني .
هذا العام، وبقرارات حاسمة لا تقبل الاستثناء أو التأجيل، تم نقل المدارس السورية إلى مبان تركية، لتديرها كفاءات تركية ويقتصر دور المعلمين السوريين، على تدريس اللغة العربية التي تم تخفيض حصصها أسبوعياً، إلى حصتين فقط، في حين تم رفع الحصص التركية، إلى 15 حصة أسبوعية .
وسبق هذه الخطوة، إخضاع المعلمين السوريين بتركيا، لدورة تأهيل مكثفة، تم إثرها نقل سجلاتهم لمديريات التربية التركية وتحديد أجورهم بالحد الأدنى، لتليها خطوات "تتريك " المعلين السوريين أيضاً، عبر دورات باللغة التركية، بل وفتح باب التجنيس لهم .
نهاية القول: بعيداً عن الاتهام والغرق بنظرية المؤامرة، أو حتى كيل الثناء المجاني لتركيا، ثمة حقائق لا بد من ذكرها، من قيل رد الجميل للجار الذي وقف مع السوريين وقضيتهم، منذ بدأوا نزوحهم القسري، خوفاً من صواريخ وبراميل نظام بشار الأسد .
ولكن، أن تعلن تركيا هذا العام عن تتريك الطلاب السوريين، والاستعداد لبناء 500 مدرسة لاستيعاب بقية الطلاب والتلاميذ السوريين المتسربين والمقدرين بنحو 550 ألف طالب، لينضموا لنحو 340 ألف طالب التحقوا فعلياً بالمدارس التركية، فهذا ما يلح بطرح سؤال "لماذا "؟! .
بمعنى، هل يتم التخطيط لإبقاء السوريين بتركيا، سواء بتجنيسهم كما بدأ أخيراً مع عينات تجارية وأوساط مثقفين، أم سيرّحلون إلى " المنطقة الآمنة " التي تعد تركيا لها، أم، وهو احتمال وارد، أن تركيا ضاقت بالسوريين بعد زيادة فترة اللجوء عن المتوقع وتراجع المؤسسات والدول الداعمة بخطط وبرامج المساعدة، وبات من حقها، بعد خمس سنوات، ادماجهم بمجتمعها وإن إلى أجل ..