رغم لهجة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجادة في إعلانه عن قرار القيادة، وهو "وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي"، إلا أن هذا القرار الذي اتخذ صيغة الخبر العاجل في الإعلام، ليس خبراً عاجلاً على الإطلاق، حيث سبق وتم الإعلان عن هذا القرار عدة مرات دون تنفيذ.
وأعلن عباس في اجتماع للقيادة الفلسطينية عقده مساء الخميس، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله "أن القيادة قررت وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وتشكيل لجنة لتنفيذ ذلك، عملاً بقرار المجلس المركزي". ولم يصرح عباس بأية تفاصيل حول هذا القرار الذي سبق وتم إعلانه عدة مرات وتشكيل لجان بشأنه.
وكان المجلس المركزي قد قرر في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2018 "إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينيتين كافة تجاه اتفاقياتها مع سلطة الاحتلال"، وجاء في ذات البيان الختامي للمجلس المركزي: "يتولى الرئيس محمود عباس وأعضاء اللجنة التنفيذية الاستمرار في تنفيذ قرارات المجلس الوطني والمجلس المركزي كافة، واتخاذ الخطوات العملية وفق الأولويات المناسبة، وبما يعزز صمود شعبنا ويحافظ على مصالحه الوطنية العليا، يتولى الرئيس أبو مازن تشكيل لجنة وطنية عليا لهذا الغرض".
وعلق القيادي في "الجبهة الشعبية" عمر شحادة لـ"العربي الجديد" على هذا الإعلان بالقول إن "كل هذه القرارات تم اتخاذها في المجلس المركزي الفلسطيني منذ عقد المجلس المركزي في مارس/آذار 2015"، مبيناً أن المجلس المركزي "يعتبر الهيئة العليا في ظل عدم انعقاد المجلس الوطني، وقراراته نافذة على كل الهيئات التنفيذية الفلسطينية بما في ذلك اللجنة التنفيذية ورئيسها محمود عباس".
وأضاف أن "قرارات المجلس المركزي قامت على تحديد العلاقة مع الاحتلال، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي، ووقف التنسيق الأمني، ووقف العمل باتفاق باريس الاقتصادي، وفي الوقت نفسه وقف أية علاقات مع الاحتلال ورفض المفاوضات على ضوء تنصل دولة الاحتلال من كل التزاماتها".
وأكد شحادة أن "المفروض تنفيذ هذه القرارات، وبالتالي كل ما لحق ذلك من اجتماعات من مجلسين وطني ومركزي أكد على هذه الآليات".
وتابع: "الحديث عن تشكيل لجان ووضع آليات هو للتهرب من هذه القرارات، وهو يعكس ضعف وغياب الإرادة السياسية لتنفيذها، ما يعيدنا من جديد إلى دوامة الانتظار والدوران في دوامة المراهنات، والبقاء على تخوم أوسلو وعدم مغادرة هذا الخيار عبر استمرار المراوحة في المكان".
من جانبه، قال الكاتب هاني المصري لـ"العربي الجديد" إن "قرار الرئيس وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي جديد شكلاً، لكنه يحمل نفس الجوهر الذي قرره المجلسان المركزي والوطني عدة مرات ولم يُنفذ، وهذا يدل على عدم استعداد القيادة لتغيير مسارها الحالي واستمرارها في الدوران في دائرة الانتظار".
وأضاف: "أعتقد أن هذه المرة التاسعة التي يتم الحديث فيها عن تشكيل لجنة لوضع الآليات، لكن المهم هو تنفيذ هذه الآليات، والتنفيذ بحاجة إلى حشد القوى والشعب وليس مجرد قرارات من فوق".
وتابع: "هذه القرارات تم اتخاذها سابقاً منذ 2015، والأهم اليوم هو التنفيذ الذي أستبعده، لأن تشكيل لجان يعكس التردد بتنفيذ القرار المطلوب، لأن التنفيذ هو المواجهة، وواضح أنه لا يوجد استعداد للمواجهة".