ذكرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا"، اليوم الأربعاء، أن تحليق مجموعة الطيران الروسية إلى فنزويلا بقيادة القاذفتين الاستراتيجيتين "توبوليف-160" (البجعة البيضاء)، يعكس استعداد روسيا للوجود العسكري طويل الأجل في أميركا الوسطى برسائل واضحة إلى خصومها في واشنطن.
وفي مقال بعنوان "روسيا تنشر قاعدة عسكرية بحرية في البحر الكاريبي"، نقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية ودبلوماسية قولها، إن القيادة الروسية اتخذت قرار نشر الطيران الاستراتيجي الروسي بجزيرة أورتشيلا، وهو أمر لم يعارضه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وتقع جزيرة أورتشيلا على بعد 200 كيلومتر شمال شرق العاصمة الفنزويلية كاراكاس، وتضم قاعدة عسكرية بحرية ومطارا عسكريا.
وذكّرت الصحيفة بأن الرئيس الفنزويلي الراحل، هوغو تشافيز، سبق له أن عرض على روسيا استخدام هذه الجزيرة لنشر الطيران الروسي بعيد المدى، حين هبطت "توبوليف-160" لأول مرة في فنزويلا عام 2008. ورغم أن القانون الفنزويلي يحظر نشر قواعد عسكرية أجنبية في البلاد، إلا أنه يسمح بالمرابطة المؤقتة للطائرات العسكرية.
ومع ذلك، لم يتخذ الرئيس الروسي آنذاك، ديميتري مدفيديف، قرارا سياسيا بشأن هذه المسألة، بل توجه للتوقيع على معاهدة الحد مع الأسلحة الهجومية الاستراتيجية ("ستارت-3") مع الولايات المتحدة، فلم تعد "توبوليف-160" تحلق في أجواء أميركا الوسطى باستثناء عام 2013، حين هبطت في كاراكاس تعبيرا عن دعم روسيا للرئيس المنتخب مادورو.
إلا أن الوضع اليوم بات مختلفا عما كان عليه قبل عشر سنوات، في ظل نية واشنطن الانسحاب من معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى، فتتجه "توبوليف-160" إلى موقع قريب من الأراضي الأميركية لمراقبة الأجواء فوق البحر الكاريبي والمحيط الأطلنطي، وفق "نيزافيسيمايا غازيتا".
وقال الخبير العسكري، العقيد شاميل غارييف، للصحيفة "فكرة استخدام فنزويلا لتنفيذ مهام الطيران بعيد المدى صائبة جدا، وعقلانية من وجهة النظر الاقتصادية. لن تحتاج طائراتنا الاستراتيجية للعودة إلى روسيا كل مرة والتموين بالوقود في الجو أثناء مراقبة أميركا".
من جهتها، اعتبرت صحيفة "إزفيستيا" الرسمية الروسية أن تحليق "توبوليف-160" إلى فنزويلا يحمل في طياته رسالتين، أولاهما إظهار الدعم لفنزويلا، والثانية ضغط عسكري مباشر ردا على الظهور المنتظم لسفن حربية أميركية تحمل صواريخ مجنحة بعيدة المدى بالقرب من السواحل الروسية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر بوزارة الدفاع الروسية قوله: "بصرف النظر عما إذا كانت "توبوليف-160" حملت أثناء تحليقها صواريخ نووية أو غير نووية، فإن إمكاناتها عالية جدا. في حال الإطلاق الافتراضي من المجال الجوي الفنزويلي، فإن مدى الصواريخ يغطي الجزء الأكبر من الأراضي القارية الأميركية حتى الجبال الصخرية غربا، بينما يبلغ مدى صواريخ "إكس-101" شمالا، جنوب غرب كندا حتى خليج غودزونوف وشبه جزيرة لبرادور. مع ضعف مرئيتها للرادارات ودقتها العالية، فإنها تشكل تهديدا كبيرا لأهم المواقع الاستراتيجية على أراضي الولايات المتحدة".
وتعتبر "توبوليف-160" أكبر طائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت في تاريخ الطيران الحربي، وهي قادرة على حمل رؤوس نووية، وتم اختبارها للمرة الأولى في ظروف القتال في سورية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بعد اكتشاف آثارٍ لمادة متفجرة في حطام طائرة "إيرباص-321" الروسية المنكوبة في سيناء.
ووصلت قاذفتا "توبوليف-160" إلى فنزويلا أول أمس الأحد للمشاركة في تحليقات وتدريبات مشتركة مع القوات الجوية الفنزويلية، مما أثار حفيظة واشنطن التي وصفتها على لسان وزير خارجيتها، مايك بومبيو، بأنها "إهدار للمال العام من قبل حكومتين فاسدتين"، على حد تعبيره.