ويتضح مما كتبه المعلّقون الإسرائيليون حول الجولة المرتقبة ومن تصريحات إسرائيلية رسمية سابقة أن محاولة إقناع الدول الأفريقية بالتصويت لصالح إسرائيل في المحافل الدولية يعد الهدف الرئيسي للجولة. ويقول معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان إن وزارة الخارجية في تل أبيب ترى في الدول الأفريقية "كتلة ذات تأثير حاسم أثناء التصويت على القرارات المتعلقة بإسرائيل في المحافل الدولية". وفي مقال نشرته الصحيفة، أمس الأول، يلفت ميلمان إلى أن إسرائيل تستغل توجه بعض الدول الأفريقية للتصرف بعكس القرارات التي تصدرها منظمة "الاتحاد الأفريقي"، الذي يمثل جميع دول القارة، وتحاول توظيف هذا التوجه في إقناعها بدعم مواقف إسرائيل وتأمينها في الساحة الدولية.
وما يدلّ على أن الاعتبارات الدبلوماسية تقع على رأس أولويات نتنياهو خلال جولته الأفريقية حقيقة أنه طالب السفراء الأفارقة في تل أبيب صراحة بالتصويت بشكل جماعي لصالح إسرائيل في المحافل الدولية. ونقل بيان صادر عن ديوان نتنياهو قوله للسفراء أثناء مشاركتهم في حفل نُظّم، الأسبوع الماضي، في الكنيست بمناسبة تدشين "لوبي أفريقيا" في البرلمان قوله إنّ "إسرائيل عادت إلى أفريقيا وأفريقيا عادت إلى إسرائيل، وبقوة. أتوقع أن يؤثر التقارب بيننا على طابع تصويت الدول الأفريقية في المحافل الدولية".
ولفت نتنياهو أنظار السفراء إلى ما وصفه بـ"الاستراتيجية الأفريقية" التي يتّبعها، والتي تقوم على توظيف الثقل الأفريقي في المحافل الدولية لصالح إسرائيل. وقال "أعي أنّ ممثلي دولكم سيصوّتون في المحافل الدولية بما يتماشى مع مصالح أفريقيا، وأنا أرى أن مصالح إسرائيل ومصالح أفريقيا تقريباً متطابقة، ما يعني أن التصويت لصالح إسرائيل هو بالضرورة تصويت لصالح أفريقيا".
وبحسب ميلمان، فإن حدود الرهان الإسرائيلي على التعاون الأمني والعسكري مع الدول الأفريقية يتمثل في تبادل المعلومات الاستخبارية حول الجماعات المتشددة، إلى جانب حصول إسرائيل على تسهيلات في موانئ الدول الأفريقية، لا سيما التي تقع على ساحل المحيط الأطلسي لصالح سلاح بحريتها، وتحديداً أسطول الغوّاصات الذي بات رأس الحربة في تنفيذ المهام الاستراتيجية لإسرائيل.
ويشير ميلمان إلى أن نتنياهو معنيّ بالتوصل لتفاهمات مع كينيا التي تقع على المحيط الأطلسي بشأن منح تسهيلات لقطع البحرية الإسرائيلية. ويعيد المعلّق ذاته للأذهان حقيقة أنّ السبب الرئيسي الذي يدفع إسرائيل لمواصلة فتح سفارة لها في أرتيريا، على الرغم من أنها دولة فقيرة جداً، يكمن في أن نظام الرئيس الإرتري أسياس أفورقي يسمح للغواصات والسفن العسكرية الإسرائيلية باستخدام موانئها. ويوضح ميلمان أن إسرائيل تراهن أيضاً على توثيق التعاون الاستخباري مع الدول الأفريقية لمنع إيران من توظيف أنشطتها الخيرية والدينية، لا سيما من خلال توثيق العلاقة مع الشيعة الأفارقة، في تشكيل خلايا استخبارية تهدف إلى المس بالمصالح الإسرائيلية هناك. ويزعم ميلمان أن الحكومة النيجيرية تمكّنت، قبل عامين، من تفكيك خلايا تابعة لحزب الله بناء على معلومات حصلت عليها من إسرائيل.
من ناحية ثانية، تشير قناة التلفزة الإسرائيلية الأولى إلى أن إسرائيل ترى في أفريقيا قوة اقتصادية صاعدة، فضلاً عن أنها تعد "سوقاً واعداً لتصدير البضائع والخدمات". وتستدرك القناة في تقرير لها، الأربعاء الماضي، أن إسرائيل لم تقم حتى الآن باستغلال الطاقة الكامنة في الإتجار مع أفريقيا، إذ أن قيمة التبادل التجاري بين الجانبين تصل إلى مليار دولار في العام. وتلفت القناة إلى أن التصدير العسكري الإسرائيلي إلى أفريقيا يمثل فقط 2.5 في المائة من مجمل الصادرات الإسرائيلية، وذلك بفعل الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها أفريقيا.
ويذكر تقرير القناة أن إسرائيل تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع 40 دولة أفريقية، من ضمنها عشر دول تملك تل أبيب فيها سفارات، وهي: جنوب أفريقيا، والكاميرون، وكينيا، ونيجيريا، وأنغولا، وأثيوبيا، وأرتيريا، وغانا، وساحل العاج، والسنغال، في حين تم تعيين سفراء غير دائمين في بقية الدول. في المقابل، فإن 15 دولة أفريقية لها سفارات في إسرائيل. وقد شرعت الدول الأفريقية في استعادة علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، التي قطعتها في أعقاب حربَي 1967 و1973 بعد التوقيع على اتفاقية "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل، وفقاً للقناة.