تزامناً مع اشتداد المعارك في حلب الشرقية بين قوات النظام والمعارضة، تتكثف التحركات الدولية الرامية للوصول إلى هدنة جديدة في المدينة، إذ أعرب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، اليوم الخميس، عن تفاؤله باحتمال التوصل لاتفاق بشأن مدينة حلب شمالي سورية، لكنه استدرك بالقول إن "العمل مع روسيا على اتفاق محتمل ينتظر حسم قضايا عدة"، وذلك عقب لقاء ثنائي جمعه بنظيره الروسي، سيرغي لافروف، في هامبورغ الألمانية اليوم الخميس.
وقال كيري للصحافيين، بعد اجتماع مع وزير الخارجية الروسي: "نعمل على شيء ما هنا"، وشدد حين سئل عما إذا كان واثقاً من تحقيق انفراج: "لست واثقاً، لكن يحذوني الأمل".
وفي مقابل لغة التفاؤل التي طبعت تصريحات كيري، أوضح مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يان إيغلاند، اليوم أيضاً، أن واشنطن وموسكو أبعد ما تكونا عن الاتفاق على شروط عمليات الإجلاء من المناطق المحاصرة في شرق حلب.
وذكر إيغلاند أن المفاوضات التي استمرت خمسة أشهر بشأن خطط الإغاثة فشلت، ولم تتمخض عن شيء، وشدد على ضرورة أن تتحد الولايات المتحدة وروسيا للاتفاق على إجلاء القطاع المحاصر، الذي تقول الأمم المتحدة إنه ربما يضم ثمانية آلاف مقاتل بين أكثر من 200 ألف مدني.
وأضاف قائلاً للصحافيين إنّ "روسيا لم تعد تقدم وعوداً بوقف القتال حتى يتمكن الناس من الخروج، وإن اقتراحها فتح ممرات آمنة لا يستحق أن يسمى بهذا الاسم دون وقف إطلاق النار".
وفي وقت سابق، أعلن مسؤول روسي عن قرب التوصل إلى تفاهم وشيك مع واشنطن.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، وفق تصريحات نقلتها وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء، إنّه "في الأيام الماضية حدث تبادل مكثف للوثائق المتعلقة بالوضع في حلب". وأضاف "نحن على وشك التوصّل لتفاهم، لكنّي أودّ أن أحذر من المبالغة في التوقعات".
ولفت إلى أن وزيري الخارجية الروسي والأميركي اجتمعا في مدينة هامبورغ الألمانية، مساء الأربعاء، وهو ثاني لقاء لهما خلال الأيام القليلة الماضية، معتبراً أنّ ذلك "يعد دليلاً آخر على كثافة الاتصالات بين الطرفين".
ويأتي لقاء لافروف وكيري، اليوم في هامبورغ، بعد ساعات من لقاء مماثل في المدينة ذاتها. وكان وزير الخارجية الأميركي، قال عقب انتهاء اللقاء الأول: "تحدثنا بوضوح عن الوضع الصعب بشكل رهيب في حلب، وتبادلنا بعض الأفكار. ونحن عازمان على اللقاء مجدّداً لنرى أين وصلنا".
وفي السياق، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الخميس أيضاً، إنّ روسيا تؤيد مواصلة الاتصالات بين كيري ولافروف لمحاولة التوصل لاتفاق، لكنّه قال إنّ آفاق التوصّل لاتفاق غير واضحة. وأضاف "كما هو في السابق.. الأسئلة أكثر من الإجابات".
كما أجرى لافروف محادثات منفصلة في هامبورغ مع نظيره الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، وصفت بـ"الطويلة والجدية".
ودعا شتاينماير إلى إعلان هدنة إنسانية فوراً في حلب، وشدد على ضرورة إعادة إطلاق العملية السياسية بأسرع وقت.
وكان الكرملين قد أعلن، أمس الأربعاء، أنّ "اتفاقاً أميركياً روسياً محتملاً للسماح لمقاتلي المعارضة السورية بمغادرة حلب بسلام، لا يزال على جدول الأعمال".
من جهته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش ارنست، إن روسيا تتحمل مسؤولية خاصة في التوصل إلى حل سياسي في سورية. وطالب بالضغط عليها لوقف نزيف الدماء في حلب، ملمحاً إلى أن واشنطن قد تفرض عقوبات مصرفية على روسيا.
ويأتي ذلك، في وقتٍ أعلنت فيه واشنطن، أنّ وزراء خارجية قطر وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة سيجتمعون، في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، في العاصمة الفرنسية باريس، لبحث سبل وقف القتال في حلب.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، الأربعاء، بحسب ما نقلت "الأناضول"، أنّ الاجتماع سيناقش "محاولة إيجاد طرق، للوصول إلى توقّف مؤقت للقتال في حلب".
وفي حين لم يذكر موعداً محدّداً للقاء، أوضح أنّ كيري موجود في باريس حتى الأحد المقبل، حيث سيجتمع مع نظرائه القطري والألماني والفرنسي، لبحث الوضع في حلب.
وتأتي هذه التحركات بينما دعت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا وبريطانيا إلى وقف فوري لإطلاق النار في حلب، وطالبت بملاحقة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، وهددت بفرض عقوبات جديدة على النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين.