لا تتوقف محاولات الدوائر المحيطة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للإطاحة بشيخ الأزهر أحمد الطيب، في ظل توصيف الدائرة الضيقة المحيطة بمؤسسة الرئاسة له بـ"الشخصية الخارجة عن السيطرة". وشهدت فترة السنوات الأربع الماضية توتراً ملحوظاً بين الطيب والسيسي، بلغ ذروته خلال الاحتفال الرسمي للدولة بذكرى المولد النبوي، بسجال بين الرجلين، بعد رفض الطيب للدعوات التي تتم تسميتها "بتجديد الخطاب الديني وتنقية السنة النبوية"، وهي الدعوات التي طالما روّج السيسي لها أخيراً، بالإضافة للقرار الأخير لرئيس الجمهورية بمنع سفر كبار المسؤولين في الدولة من دون إذن مسبق منه، وتأكيدات مصادر سياسية ونيابية أن القرار يستهدف شيخ الأزهر بالمقام الأول بعد زياته الأخيرة إلى السعودية والحفاوة التي لقيها هناك، وسط تصاعد الأزمة بينه وبين الرئيس.
وكشفت مصادر سياسية، وأخرى في مشيخة الأزهر، عن فصل جديد من الأزمة، بإطلاق رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، والذي يعد بمثابة الرجل الثاني في الدولة، حملة جديدة عبر أذرعه الإعلامية، بمثابة تمهيد ناري لمعركة الإطاحة بـ"الشيخ". وكشفت المصادر أن كامل يقوم بمحاولات حثيثة لإقناع المسؤولين في الإمارات والسعودية، بصعوبة استمرار الطيب في موقعه في الفترة المقبلة نظراً لأنه "خارج عن السيطرة"، وهو ما يُسبب أزمات للسيسي، ويعطل خططه الرامية لتجديد الخطاب الديني، ومواجهة الأفكار المتطرفة.
وأشارت المصادر إلى أن أبوظبي ما زالت تتمسك بقوة بالطيب في موقعه، نظراً لصعوبة توفر بديل مقبول شعبياً، وله نفس المكانة الروحية في نفوس المسلمين، بشكل يمكنه من مواجهة علماء الدين في المحور المناوئ الذي يتصدره اتحاد علماء المسلمين، الذي كان يترأسه الدكتور يوسف القرضاوي، والذي يصنفه الرباعي العربي المُحاصر لدولة قطر "كمنظمة إرهابية". وبحسب المصادر فإن الطيب سيتوجه، خلال ساعات في زيارة إلى أبوظبي، إذ من المُقرر أن يلتقي خلالها ولي العهد هناك محمد بن زايد، مرجحة أن يتم التطرق إلى الأزمة المكتومة مع السيسي، في محاولة لتصفية الأجواء، مؤكدة، في الوقت ذاته، أن الأزمة بين السيسي والطيب ليست بالحجم الذي يصوره الإعلام، وأنه يمكن التعايش معها لفترة طويلة.
وأكد مصدر في المشيخة أن "الطيب كان قد وصل، في وقت سابق، لقناعة بضرورة تقديم الاستقالة والتنحي عن المنصب، في ظل تصاعد حملة الهجوم عليه، قبل أن يتراجع عن ذلك التصور، ويقرر التمسك بموقعه، ليس تمسكاً بكرسي ولكن حفاظاً على الأزهر والشريعة من المساس بها في ظل دعوات العلمانيين للنيل من القرآن والسنة النبوية". وقال المصدر إن "الإمام (في إشارة للطيب) يدرك جيداً أن بعض التقارير الصحافية التي نُشرت أخيراً صدرت عن وسائل تابعة بشكل أو بآخر لرئيس جهاز سيادي مهم"، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى الهجوم الذي يقوم به محمد الباز، رئيس تحرير صحيفة "الدستور" التابعة بشكل مباشر لكامل، ويتم من خلالها تسريب توجهات رئاسية.
وبحسب مصادر سياسية فإن أزمة البديل الملائم للطيب، تُعد في مقدمة الأسباب التي تدفع دولة الإمارات، الحليف الأقوى للسيسي، للتمسك بشيخ الأزهر، في ظل عدم القناعة بقدرات وإمكانيات المستشار الديني لرئيس الجمهورية أسامة الأزهري الذي كان يتم تسويقه في وقت سابق لخلافة الطيب، موضحة أن مؤسسة الرئاسة تسعى أخيراً لتسويق مفتي الجمهورية شوقي علام لخلافة الطيب، لدى الإمارات. وزاد النظام المصري أخيراً من ضغوطه على الطيب بقانون منع كبار المسؤولين من السفر من دون إذن من رئيس الجمهورية، وكذلك إجبار المستشار القانوني لمشيخة الأزهر محمد عبد السلام على إلغاء انتدابه من مجلس الدولة للمشيخة، إذ كان بمثابة الذراع اليمنى للطيب. هذا بالإضافة إلى رفض السيسي التمديد لوكيل المشيخة الدكتور عباس شومان نكايةً في الطيب. وترجّح مصادر سياسية أن تطاول النصوص الخاصة بالأزهر تعديلات في الدستور المصري، حال تم تعديله لزيادة مدة رئيس الجمهورية، فيما أكدت مصادر بالمشيخة أن الطيب تمسك بموقعه وبات رافضاً بشكل قاطع لمسألة التنحي أو التقدم بالاستقالة، مؤكداً أنه في حال استمرت الحملة الشرسة ضده قد يخرج ببيان لعموم المسلمين يوضح فيه أبعاد الموضوع برمته.