تتواصل محاولات النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي ودوائر صناعة القرار المحيطة به، في السيطرة على الغضب الشعبي الذي أخذ في التصاعد ضده أخيراً وسط مطالبات برحيله. في السياق، كشفت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، أن محاولات حثيثة بذلها وسطاء من جانب النظام المصري لدى شيخ الأزهر أحمد الطيب، لإصدار رسالة دعم للرئيس والنظام خلال الفترة الراهنة في ظل الشعبية والثقة اللتين بات يحظى بهما. وأوضحت المصادر أن الطيب تحدث بشكل واضح مع الوسطاء بضرورة عدم الزج بالأزهر وشيخه في قضايا سياسية ليس له علاقة بها، داعياً إياهم إلى ضرورة نصح المسؤولين بالتعامل الصحيح مع تلك الأزمة، والسعي لبحث مخاوف وأسباب غضب المواطنين الحقيقية بدلاً من البحث عن رسائل دعم من هنا وهناك. وجاءت الوساطات بعدما أعاد نشطاء ومعارضون للسيسي تداول فتوى لشيخ الأزهر أصدرها عام 2013، على مستوى واسع قبيل تظاهرات يوم الجمعة الماضي تحت عنوان "جمعة الخلاص"، أكد خلالها الطيب أن المعارضة السلمية لولي الأمر جائزة شرعاً، مشيراً إلى أن العُنْف والخروج المُسلَّحَ على الحاكم معصيةٌ كبيرة، لكنه ليس كفراً.
وعاد شيخ الأزهر نهاية الأسبوع الماضي من فرنسا بعد إجراء جراحة ناجحة بالعين في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، وكان ذلك استكمالاً للرحلة العلاجية التي بدأها الطيب في شهر يوليو/ تموز الماضي، التي شملت إجراء بعض الفحوصات الطبية، وإجراء عملية جراحية بالعين.
من جهة أخرى، كشفت مصادر سياسية أن الحديث بشأن إصلاحات سياسية وانفراجة ما، أخذ في التراجع داخل دوائر النظام، بعد "مرور تظاهرات الجمعة الماضي بسلام". وكشفت أن هناك من أوعز للسيسي بأن السبب الأساسي لخروج تلك التظاهرات وتجاوب قطاعات كبيرة شعبية معها، هو المعاناة الاقتصادية وبعض القرارات الأخيرة في هذا الصدد، وأنه ليس هناك أي اضطرار لتقديم تنازلات سياسية.
ولفتت المصادر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنه على الرغم من النصائح المقدمة للنظام بتقديم حزمة امتيازات اقتصادية للمواطنين ومحدودي الدخل بعد إجراءات تخفيض الدعم الأخيرة، إلا أن الأزمة الاقتصادية وغياب التمويل تكبل أيدي أجهزة الدولة في تلبية مقتضيات تلك الخطة لتهدئة الشارع وامتصاص غضبه، كاشفة أن السيسي طلب من حلفاء ودول صديقة بالمنطقة تقديم يد العون له بمساعدات اقتصادية، إلا أن تلك المحاولات لم تكن مجدية في ظل أزمات يواجهها الحلفاء في الوقت الراهن؛ في إشارة الى الإمارات والسعودية، اللتين أكدتا أنهما ليس بوسعهما تقديم مساعدات اقتصادية، لكن في المقابل أبدتا استعدادهما لتقديم مساعدات سياسية وإعلامية عبر ما تملكانه من وسائل.
وبحسب المصادر، فإن هناك تحركات واسعة لدى النظام لتدبير السيولة المالية اللازمة لتنفيذ حكم واجب النفاذ صادر لصالح أصحاب الرواتب بأحقيتهم في ضم العلاوات الخمس، وذلك لكسب ثقتهم في ظل القوة العددية الهائلة لأصحاب المعاشات وما يمكن أن يساعد به تنفيذ ذلك الحكم من حالة رضا لدى الشارع.
وفي وقت سابق، أيدت المحكمة الإدارية العليا حكم محكمة القضاء الإداري بإضافة 80 في المائة من قيمة آخر خمس علاوات إلى الأجر المتغير لأصحاب الرواتب، وفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط. وكان رئيس اتحاد أصحاب الرواتب البدري فرغلي، قد أقام دعوى قضائية للمطالبة بضم العلاوات الخمس إلى الأجر المتغير لأصحاب الرواتب. وقضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في جلستها المنعقدة في إبريل/ نيسان 2018، بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بإضافة نسبة الـ80 في المائة من قيمة العلاوات الخمس إلى الأجر المتغير لأصحاب الرواتب. وجاء حكم محكمة الأمور المستعجلة في ضوء الاستشكال المقدم بهذا الشأن من وزارة التضامن الاجتماعي.