على الرغم من الخروقات المتكررة من جانب قوات النظام السوري للهدنة في محافظة درعا جنوبي البلاد، إلا أن هذه الهدنة تبدو "واعدة" على الأقل من وجهة نظر روسيا الراعي الرئيسي لها، إضافة إلى الأردن بوصفه الراعي الثاني. ويعتقد الطرفان الروسي والأردني أن هناك إمكانية لإعادة فتح المعابر على الحدود السورية-الأردنية، وإيجاد نوع من "التعايش" بين النظام والمعارضة في منطقة درعا، على أساس القبول بالأمر الواقع.
وفي هذا الإطار، أعلنت قاعدة حميميم الروسية، يوم السبت الماضي، أن اجتماعاً جرى في القاعدة بين المعارضة في درعا والنظام لبحث مسألة "المصالحة"، مشيرة إلى أنه اللقاء الأول من نوعه منذ اندلاع "الأزمة" قبل ست سنوات في سورية. وقال المتحدث الروسي باسم مركز حميميم، فيكتور شولاك، في تصريحات صحافية أدلى بها عقب الاجتماع، إن "كلا الجانبين أبديا ضبط النفس، ما أتاح مناقشة جميع المسائل من الناحية العملية والتوصل إلى موقف مشترك مفاده أن من الضروري حل جميع القضايا بشكل فوري بمساعدة الإدارة المحلية والموارد التي تقدمها قيادة الجمهورية العربية السورية، والمساهمة التي تمنحها روسيا وبعض المنظمات الدولية"، على حد تعبيره. وأضاف أن الوضع مستقر في منطقة تخفيف التصعيد في الجنوب، إذ يتم "التعامل المناسب مع جميع المشاكل من قبل السكان"، بحسب قوله.
في غضون ذلك، ذكرت مصادر محلية في محافظة درعا، لـ"العربي الجديد"، أن اجتماعاً عقد مساء السبت في جمرك نصيب بين محافظ درعا الحرة، أسامة البردان، وبعض قادة الفصائل، للبحث في إمكانية إعادة فتح معبر نصيب الحدودي بين الأردن وسورية، لكنه لم يسفر عن اتخاذ قرار حاسم في هذا الصدد. وأضافت المصادر أن ضغوطاً بدأت توجّه إلى قادة الفصائل والفاعليات في درعا من أجل الموافقة على إعادة فتح معبر نصيب، والذي تسيطر عليه "غرفة عمليات البنيان المرصوص". وأشارت إلى أن "الفصائل التي تتكون منها "البنيان المرصوص" لا تدين كلها بالولاء للأردن وغرفة "الموك" هناك، ما يجعل الأردن يركز ضغوطه على بعض الفصائل المعارضة، والتي تضغط بدورها على فصائل أخرى من أجل إبداء المرونة بشأن السيطرة على المعبر، وإمكانية إعادة فتحه بمشاركة سلطات النظام السوري، والتي كانت قد اشترطت رفع علم النظام على المعبر، الأمر الذي رفضته فصائل المعارضة".
ورجحت المصادر أن تتم في النهاية الموافقة على فتح المعبر، من دون رفع علم النظام، على أن يخضع لإدارة مدنية مستقلة يشارك فيها موظفون من نظام الأسد، بضمانة روسية-أميركية-أردنية، وأن يبقى المعبر من الناحية العسكرية تحت سيطرة فصائل المعارضة.
وكان مسؤولون أردنيون قد صرّحوا في الأيام الأخيرة أن علاقة عمّان مع نظام بشار الأسد "مرشحة لأن تأخذ منحى إيجابياً"، وأن الظروف في جنوب سورية تؤسس لفتح المعابر بين البلدين.
وسيطرت فصائل المعارضة على معبري سورية مع الأردن في محافظة درعا وهما "الجمرك القديم"، ويقابله معبر "الرمثا" في الجانب الأردني في أكتوبر/ تشرين الأول 2013، ومعبر "نصيب" ويقابله معبر "جابر" بالجانب الأردني في إبريل/ نيسان 2015. وقد أغلق الأردن المعبرين ورفض التعامل مع المعارضة كقوة مسيطرة عليهما. ويرتبط الأردن وسورية بحدود جغرافية يزيد طولها عن 375 كيلومتراً، ويعيش على أراضيه ما يزيد عن مليون و300 ألف سوري، نصفهم يحملون صفة لاجئ.
من جانبها، أكدت فصائل "الجيش السوري الحر" العاملة في البادية السورية أنها تخوض اشتباكات عنيفة على محوري وادي محمود بريف السويداء الشرقي ومنطقة الفكة في ريف دمشق الشرقي، إثر محاولات قوات النظام التقدم في المنطقة. وذكر "جيش أسود الشرقية" أن مقاتليه دمّروا سيارة عسكرية وقتلوا عدة عناصر من قوات النظام خلال اشتباكات على محور محروثة بريف دمشق الشرقي، ضمن معركة "الأرض لنا". وكان "جيش أحرار العشائر" قد أطلق الأسبوع الماضي عملية عسكرية ضد قوات النظام ومليشيات إيران سمَّاها "رد الكرامة"، بهدف استعادة المناطق التي انسحب منها أخيراً في بادية السويداء بالقرب من الحدود الأردنية.
وقال مراقبون إن قوات النظام لا تبدو على عجلة من أمرها بشأن الوضع في الجنوب السوري، إذ تخرق الهدنة بشكل يومي وتسعى إلى إنضاج الحل في الجنوب على نار هادئة، مستخدمة الاغتيالات والتفجيرات "الغامضة" ومحاولة العبث بالفصائل المسلحة وتشكيك الأهالي بفاعليتها وأجنداتها بغية إيصالهم إلى مرحلة يطلبون هم فيها تدخل قوات النظام كمنقذ لهم من الفوضى الأمنية وعبث الفصائل.