عُقد أخيراً في العاصمة الأردنية عمّان، لقاء بين وجهاء وفاعليات من مدينة درعا السورية، جنوبي البلاد، ووفد أردني، بحث إمكانية إعادة فتح معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن، وذلك بعد أقلّ من ثلاثة أشهر من دخول اتفاق "خفض التصعيد" حيز التطبيق جنوبي البلاد.
في هذا السياق، قال عضو وفد المعارضة إلى اجتماع عمّان، خالد المحاميد، إن "اللقاء جمع فاعليات أساسية من مدينة درعا مع ممثلين للحكومة الأردنية لبحث إمكانية فتح المعبر". وأوضح في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "وفد درعا أصرّ على أن يكون المعبر في حال فتحه، تحت سيطرة فصائل المعارضة من دون أي وجود عسكري أو أمني للنظام".
وأكد محاميد أن "اللقاء التشاوري الذي عُقد في عمان خلال الأيام الماضية لم يسفر عن التوصل إلى أي اتفاق"، مشيراً إلى أنه "سيتم تشكيل لجنة من أبرز الفاعليات في مدينة درعا، تكلّف بمتابعة التواصل مع الجانب الأردني حول فتح المعبر". وتوقع أن "تعقد هذه اللجنة أول اجتماع لها مع الجانب الأردني الأسبوع المقبل".
وأوضح أن "النظام حاول أن يبتز وفد المعارضة بالتلويح بأنه يمكن أن يفتتح معبراً آخر في محافظة السويداء، بديلاً عن معبر نصيب، ما يعني حرمان محافظة درعا من فوائد فتح المعبر والحركة التجارية والبشرية التي ستنشط جراء ذلك".
وتكوّن وفد المعارضة من ممثلين عن فصائل الجبهة الجنوبية ودار العدل في حوران، ومجلس محافظة درعا الحرّة، وبعض الوجهاء في المدينة. وبالتزامن مع المحادثات التي أجراها وفد قوى المعارضة في عمان، وصل وفد يمثل النظام السوري إلى العاصمة الأردنية، ضمّ خبراء تقنيين، وعقد لقاءات مع المسؤولين الأردنيين بهدف التنسيق لإعادة فتح معبر نصيب، من دون لقاء وفد المعارضة.
من جهته، أفاد قائد فصيل تجمع توحيد الأمة خالد الفراج لـ"العربي الجديد"، بأن "وفد المعارضة متمسك بشدة بأن يبقى المعبر تحت سيطرة فصائل المعارضة"، موضحاً أن "الفصائل التي قدمت الكثير من الدماء للسيطرة على المعبر، لن تسلمه للنظام تحت أي سبب، وهي مجمعة على أن الشرط الوحيد لفتح المعبر هو أن يكون تحت سيطرة الجيش الحر".
وذكر "تجمع أحرار حوران" أنّ "اجتماعاً عُقد في إحدى قرى درعا بين الوفد المفاوض العائد من عمّان وهيئات ثورية ومدنية في حوران، للتشاور بشأن نتائج اجتماع عمان الخاص بإعادة فتح معبر نصيب". ونقل التجمّع عن جهاد محاميد، الذي حضر الاجتماع، أن "الدول الإقليمية أخبرتنا خلال الاجتماع في الأردن، بأنّ من الضروري فتح معبر مع المملكة الأردنية الهاشمية، إما من خلال طريق دمشق - درعا الدولي أو من جهة أخرى عن طريق السويداء".
وأضاف محاميد أنّه "تم استدعاء قادة الجبهة الجنوبية وبعض الشخصيات الاعتبارية في درعا للاجتماع في الأردن، لدراسة إمكانية فتح المعبر، وإدارته مدنياً وإمكانية قبول موظفين حكوميين من دون وجود لعناصر قوات الأسد وأمن الاستخبارات، وأن يكون تسيير أمور المعبر للفصائل الثورية لوقوعه في منطقة خفض التوتر".
وتابع قائلاً إن "الاجتماع انتهى من دون إعطاء أي موافقة ريثما يتم التشاور بين قادة فصائل الجبهة الجنوبية والهيئات المدنية والمجتمع المحلي في الجنوب السوري، للخروج بتوافق يرضي الجميع مع ضرورة ضمان إخراج المعتقلين كافة وإعادة المهجرين إلى قراهم المحتلة". وأكد أنه "لم يتم الضغط على المفاوضين من الدول الإقليمية كما يشاع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإنّما كان الاجتماع للتشاور والاستفسار عن قدرتنا على إدارة المعبر وحمايته".
وكانت فصائل المعارضة سيطرت على معبر نصيب الحدودي مطلع إبريل/ نيسان 2015، بعد اشتباكات مع قوات النظام، ما دفع الجانب الأردني إلى إغلاق المعبر. غير أن مصادر أخرى في المحافظة، تحدثت عن "وجود بعض المرونة في موقف المعارضة، في مقابل تقاسم الأرباح الناتجة عن فتح المعبر"، مشيرة إلى أن "الجانب الأردني اقترح أن تكون منطقة المعبر تحت سيطرة النظام، والموظفون القائمون عليها من أبناء المنطقة المنشقين عن النظام، فيما يكون طريق الجمرك وحتى بلدة خربة غزالة (بطول 18 كيلومتراً) تحت سيطرة الجيش الحر، على أن يتم تقاسم العائد المادي مثالثة بين أهالي المدينة والنظام والجانب الأردني". وأشارت المصادر إلى أن "الجانب الأردني اشتكى من خسائر قُدّرت بأكثر من 1.1 مليار دولار نتيجة إغلاق المعبر". وأضافت أن "وفد النظام يصرّ على أن يدير المعبر موظفون من طرفه، وأن يتم رفع علمه على مبنى المعبر وأن تؤمن فصائل المعارضة حماية المعبر والطريق المؤدية إليه حتى بلدة خربة غزالة، مقابل أن تحصل على حصة من عائدات المعبر تقدر بالثلث".
وبالتزامن مع عقد هذه الاجتماعات، بدأ الجانب الأردني في صيانة مكاتب معبر جابر الحدودي مع سورية، المقابل لمعبر نصيب. ودعا بيان وزعته نقابة أصحاب مكاتب التخليص في معبر جابر، يوم الأربعاء، أعضاء النقابة للتوجه إلى المعبر لتفقد مكاتبهم قبل تسليم مفاتيحها لمندوب النقابة لإجراء عمليات الصيانة.
وأوضح البيان أن "يوم الأربعاء هو اليوم الوحيد المسموح فيه بدخول أصحاب المكاتب إلى مركز جمرك جابر"، لافتاً إلى أن "الصيانة لا تعني أن يكون هناك موعد محدد لفتح المعبر". وكانت مصادر قريبة من النظام السوري قد ذكرت أن "فصائل درعا وافقت على تسليم المعبر للنظام السوري في مقابل الإفراج عن 100 من الأسرى والمعتقلين في السجون السورية".
من جهتها، دعت وزارة الدفاع الروسية المعارضة السورية، الاثنين الماضي، إلى "فتح معبر نصيب الحدودي". وجاء في بيان للمركز الروسي لتنسيق المصالحة في سورية التابع لوزارة الدفاع الروسية: "نطلب من قادة المعارضة المسلحة والجانبين الأميركي والأردني ورئاسة مكاتب الأمم المتحدة بمدينتي دمشق وعمّان، مساعدة الحكومة السورية على حل مسألة إعادة فتح معبر نصيب الجمركي". وترافقت الاجتماعات في عمّان مع اعتصامات شعبية في محافظة درعا، طالبت بأن "يكون لأصحاب الأراضي التي ستمر من خلالها البضائع والشاحنات بين الأردن وسورية رأي في فتح المعبر".
واعتصم العديد من الأهالي على الطريق الدولي دمشق ـ عمّان مطالبين بالسماح لأهالي القرى والبلدات الذين هُجّروا منها قسراً منذ سنوات، والمقدّر عددهم في تلك المنطقة بنحو مائة ألف نسمة بالعودة إلى ديارهم. وطالبوا قوى المعارضة بأخذ مطالبهم بعين الاعتبار في أي تسوية تخصّ فتح معبر نصيب، وفي مقدمتها إعادة المهجرين قسراً إلى قراهم وبلداتهم من دون قيد أو شرط، والإفراج عن المعتقلين، مهددين بمواصلة الاعتصام وقطع الطريق الدولية بين سورية والأردن.
وقال ممثلون عن الأهالي إن "رسالتهم إلى قادة كتائب المعارضة هي أن معبر نصيب لن يعمل قبل تحقيق شروطهم، مهما كان الثمن". وذكر بيان للمعتصمين أن "المعتصمين أنهوا المرحلة الثانية من اعتصام مهجري الكرامة، الذي جرى على الطريق الدولي فوق جسر أم المياذن في الريف الشرقي من درعا، وعلى بعد عشرات الأمتار من معبر نصيب الحدودي مع الأردن".
وطالب البيان بـ"إخراج جميع المعتقلين وإعادة المهجّرين من أبناء القرى المحتلة"، مشيراً إلى أنّ "هناك خطوات ومراحل أخرى لن يتم التصريح عنها، ونحن بصدد العمل بها، وتأتي المراحل المقبلة بناءً على استجابة المفاوضين لمطالبنا".
وتابع البيان أنّ "معبر نصيب لن يفتح أبداً دون ضمانات بعودتنا، ولن تكون عودتنا هي البند الأول، وإنّما البند الأول هو إخراج جميع المعتقلين من سجون قوات الأسد، ونحن ننفي نفياً قاطعاً ما أشيع في الآونة الأخيرة عبر مواقع الوكالات الروسية سبوتنيك ونوفوستي، بأنّه تم الاتفاق على إخراج 100 معتقل مقابل فتح المعبر".
وكان وزير الإعلام الأردني، محمد المومني، قال أخيراً إن "الوضع جنوبي سورية أصبح في حالة استقرار متنام، ما يؤسس لفتح المعابر بين الدولتين"، وأن "العلاقة بين البلدين اتخذت منحى إيجابياً، ما أدى إلى عودة كثير من اللاجئين السوريين إلى بلادهم".
كما كشفت مصادر أن "الحكومة الأردنية تحاول الحصول على موافقة جميع الفصائل الفاعلة في الجنوب، خصوصاً تلك المنتشرة من جهة القرى القريبة للمعبر، وذلك تجنباً لحدوث خلافات في ما بين الفصائل المعارضة على العائدات المالية التي يفترض أن تحصل عليها لقاء تأمينها الطريق من الحدود الأردنية إلى أقرب نقطة تنتشر فيها قوات النظام، وهي بلدة خربة غزالة. كما تسعى الحكومة الأردنية لتفادي أي تصادم بين الفصائل و(هيئة تحرير الشام) في حال فتح المعبر".