اقرأ أيضاً: برلمان كردستان يحذّر من انهيار محتمل لسد الموصل
ويبعد سدّ الموصل، الذي شيّد عام 1983، حوالي 50 كيلومتراً شمال مدينة الموصل، ويقع على مجرى نهر دجلة، بطول يبلغ 3.2 كيلومترات وارتفاع 131 متراً. ويعتبر أكبر سدّ في العراق ورابع أكبر سدّ في الشرق الأوسط.
ويعتبر سدّ الموصل بمثابة سلاح مهم وخطير في آن، إذا ما تم استغلاله من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي يسيطر على الموصل منذ صيف 2014، بحسب ما يرى مختصون بالشأن العسكري.
ويلفت العقيد المتقاعد من الجيش العراقي عباس الزبيدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "اللجوء إلى تدمير البنى التحتية بغرض البقاء أو الخلاص أو العمل وفق قاعدة "عليّ وعلى أعدائي" قائمة لدى أي بلد أو جهة أو مجموعة تدخل في معركة من أجل البقاء". ويتساءل "كيف الحال إذاً مع داعش؟ هؤلاء يمثلون الخطر الأكبر، سواء كان السدّ منيعاً أم إنه يعاني من تصدعات ومهدد بالانهيار".
وعلى الرغم من وجود قوات كبيرة تابعة لإقليم كردستان شمال العراق، مدعومة بخبرات أميركية، لحمايته، لكن تنظيم "داعش" سبق أن سيطر على السدّ بعد معارك خاضها مع تلك القوات في مرات سابقة، وهو الأمر الذي لا يستبعد الخبير العسكري، الزبيدي، حدوثه.
وأضاف الزبيدي أن "داعش يملك من القوة ما يسمح له باستهداف السدّ. لقد أطلق في مرات عديدة سابقة صواريخ على قوات البشمركة الكردية، واحتل مواقع تسيطر عليها تلك القوات في مناطق مختلفة سواء في كركوك أو على مشارف أربيل، معتمداً على مباغتته للقوات الكردية من خلال انتحاريين وهجمات صاروخية وتقدم بري من جهات مختلفة".
ويتفق العميد المتقاعد محمد صرار الفراجي مع الزبيدي، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "داعش سبق أن استخدم حرب المياه عام 2013، حين فتح جزءاً من سدة الفلوجة، وأعاق تقدم القوات العراقية، حيث أغرق مساحات شاسعة من الأراضي".
ويبيّن أنّ "الخطر الأكبر (في هذه الحال) سيصيب الموصل التي تمثل بالنسبة للتنظيم مركز الخلافة، بحسب تسميتهم، لكنه من غير المستبعد أن يقدم على ضرب سد الموصل إن شعر بخطر داهم".
واستطرد قائلاً: "ولعلّ ما تخشاه قوات التحالف الدولي، التي لم تقدم على استهداف عناصر من التنظيم بقصف جوي، حين سيطروا في وقت سابق على جزء من سد الموصل. بل إنهم في العادة، يتجنبون ضرب تلك الأهداف حين تكون على مسافات ليست بعيدة من السد، لعلمهم بحصول ارتجاجات أرضية تشكل خطراً على قاعدته".
ويرى خبراء أن إعلان ايطاليا في 16 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري على لسان رئيس وزرائها ماتيو رينزي، عن إرسال قوات حكومية إيطالية تعدادها 450 جندياً إلى سدّ الموصل، لحماية فريق عمل إيطالي، بعد فوز شركة ايطالية بمناقصة مقدارها ملياري دولار، لإنجاز أعمال ترميمية يحتاجها السد بشكل ضروري، يدل على خطورة ما يعانيه سدّ الموصل.
ووفقاً للمهندس الخبير بالإنشاءات، ضياء رحيم، فإن "ذلك ينافي تطمينات الحكومة العراقية ومختصين عراقيين يعملون في السد أعلنوا عبر وسائل الإعلام أنهم يمارسون عملهم في تدعيم الأساسات وهو حال جميع السدود، وليس من أمر خطير، وأنهم ليسوا بحاجة لخبرات خارجية، وفق قولهم".
واعتبر أن "إعلان مناقصة وفوز شركة أجنبية له تفسير واحد، وهو أن السد في خطر، وبحاجة إلى خبرات علمية كبيرة لتأخير مدة انهياره أطول فترة ممكنة". وأوضح أن "الاعتماد على شركة أجنبية ومرافقة هذه الشركة قوات أمنية لحماية أفراد الشركة يعني أن مبلغاً كبيراً تم إنفاقه لأجل هذه المهمة، ولو افترضنا أن المهمة سهلة وليس من خطر يهدد السد لتم الاكتفاء بالخبراء العراقيين العاملين في السد، وأنا على دراية أنهم أكفاء، وبينهم من يعمل في السد منذ إنشائه".
اقرأ أيضاً: "داعش" يهدّد وزير العدل الإيطالي: سنغزو روما وسنقطع رأسك
وكانت تقارير دولية سابقة قد أكدت أن بنية السد ليست مستقرة، لأنه يعاني من ضعف في أساساته منذ إنشائه، فضلاً عن وجود مشكلة مزمنة تتعلق بتهديدات انجرافه الداخلي، إذ إن تربته شديدة التأثر بالمياه. كما أنه شيّد على الجبس والحجر الجيري، الذي يضعف عند تعرضه للماء، ويترك تجاويف في الجزء السفلي. ويتوجب ملء هذه التجاويف باستمرار بمادة الجص، بكميات قدّرت في 2007 بمائتي طن سنوياً.
هذه المشاكل التي يعاني منها سد الموصل دفعت المهندسين في الجيش الأميركي إلى وصفه "بأخطر سد في العالم"، في تقرير نشر في 2007، محذرين من خطر حدوث كارثة كبرى في حال انهياره، الذي قد يسبب موجة ارتفاعها عشرون متراً قد تغمر الموصل ومحافظات أخرى.