وبعد عودة السلطان قابوس إلى عُمان، وهو الابن الوحيد لوالده وتزوج لفترة قصيرة من نوال بنت طارق قبل أن يطلقها، تلقى عدداً من الدورات التدريبية على أيدي المستشارين البريطانيين الذين كانوا يُسيّرون شؤون السلطنة ويساعدون والده سعيد بن تيمور في الحكم، حيث كانت عمان تعيش عزلة دولية، وانعداماً أمنياً وفقراً كبيراً، نتيجة عدم وجود سياسات اقتصادية واجتماعية واضحة، وتكرّر الحروب الأهلية بين السلطان والقبائل الإمامية التي تؤمن بمبدأ انتخاب الحاكم وفقاً للمذهب الإباضي، الذي يعتنقه غالبية العمانيين، إضافة إلى التهميش الذي كانت تعانيه محافظة ظفار.
ولاحقاً، بعدما اشتعلت ثورة مسلحة كبيرة في محافظة ظفار عام 1965، وفشل السلطان سعيد في إخمادها على الرغم من الدعم البريطاني له، لجأ نجله قابوس إلى قيادة انقلاب أبيض انتهى بعزل والده عام 1970، وهو ما أدى إلى انقلاب كبير في موازين القوى، لتبدأ مرحلة جديدة كان العُمانيون يشهدون فيها تطورها تدريجاً.
السلطان قابوس الذي كان يمسك بكل المقاليد في البلاد تقريباً، تولى، إضافة إلى منصبه كسلطان للسلطنة، منصب رئاسة الوزراء، ووزارات الدفاع والخارجية والمالية، ورئاسة البنك المركزي والقوات المسلحة، لكن الكثير من هذه المناصب كانت شكلية ورمزية، إذ إنه استمر بتعيين "وزراء مفوضين" لتسيير شؤون هذه الوزارات.
ومع اندلاع الثورات العربية، انفجرت في عام 2011 تظاهرات غير مسبوقة في منطقة صحار، تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية في البلاد، وانتهت هذه المظاهرات بمواجهات أمنية شهدت مقتل متظاهر واحد على الأقل، لكن السلطان قابوس تدخل، وأعلن حزم مساعدات مالية للشعب العماني، وتوفير وظائف جديدة بعد الانكماش الاقتصادي الذي تعرضت له البلاد.
على الصعيد الخارجي، صنع السلطان قابوس لعمان دبلوماسية أساسها الحياد والوساطات، وذلك بعد أن بدأ عهده قبل عقود بإخراج عمان من عزلتها فور وصوله، وطلب الانضمام إلى جامعة الدول العربية. وتمكن من نسج علاقات دبلوماسية مع دول الخليج العربي، التي أمدته بمعونات مالية ودعم سياسي واجتماعي للمحافظة على الاستقرار في الداخل العماني، حتى تأسيس مجلس تعاون دول الخليج العربي عام 1981، الذي ساهم قابوس بشكل كبير في تأسيسه، وتقريب وجهات النظر داخله.
كذلك فإنه حظي بتفاهمات خليجية كبيرة، حيث حلّ بعض المشاكل الحدودية مع الإمارات عام 1974 حول واحة البريمي، على الرغم من العداء التاريخي بين بلاده وبين الإمارات، وقد انفجرت أزمة كبيرة بين البلدين عام 2011، عقب اكتشاف عمان لخلية تجسس إماراتية على أراضيها تسعى إلى جمع معلومات عن أجهزة الدولة، ولم تنتهِ هذه الأزمة إلا بتدخل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح ووساطته بين البلدين.
لكن المهمة الأبرز دبلوماسياً، كانت قيام السلطان قابوس بدور الوسيط في الاتفاق النووي الإيراني، حيث استضافت مسقط محادثات سرية بين الأميركيين والإيرانيين، وهي المحادثات التي سبّبت حدوث جفاء بينه وبين السعودية التي لم تكن راضية عن سياسة الوساطة التي انتهجها السلطان قابوس على مدار الأعوام الماضية.
وأدت السلطنة أدوراً عدة في الإفراج عن الرهائن، تحديداً الأميركيين، سواء لدى الإيرانيين أو حتى جماعة "الحوثي"، التي تستضيف مسقط منذ سنوات وفداً منها يقيم فيها، ويتخذ منها مقراً للقاءاته مع المسؤولين الأجانب.
ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية في يونيو/ حزيران 2017، تبنت سلطنة عمان موقفاً واضحاً بضرورة حلّ الأزمة الخليجية، عارضة أكثر من مرة جهودها لتحقيق ذلك.
تعرّض السلطان قابوس لانتقادات بعد أن استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عام 2018، في ثاني زيارة يقوم بها مسؤول إسرائيلي لمسقط بعد إسحاق رابين في عام 1994.