معركة الموصل: تلعفر عنواناً للانفجار وسليماني يدخل على الخط

الموصل

علي الحسيني

avata
علي الحسيني
بغداد

براء الشمري

avata
براء الشمري
27 أكتوبر 2016
11A8FBE5-18B1-4081-B992-BE98F637AA90
+ الخط -
لفت ساعات نهار أمس الأربعاء، عاشر أيام معركة الموصل، البرودة في أغلب محاورها مقارنة بمعارك الأيام التي سبقتها، بسبب انشغال القوات المشتركة بتأمين مواقعها الجديدة، ورفع الألغام ومعالجة المتفجرات والكمائن بمساعدة فريق خبراء التحالف الدولي، فضلاً عن نقل مقر القيادة المشتركة عمليات تحرير الموصل من منطقة خازر، التي تبعد 60 كيلومتراً، إلى بلدة برطلة، على بعد 20 كيلومتراً شرق الموصل، والتي تمت استعادتها أخيراً، غير أن ذلك لم يمنع من استعادة القوات الموجودة، عند المحور الشرقي والجنوبي، ست قرى جديدة انسحب منها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بلا قتال فجر أمس، بفعل القصف الجوي المكثف بالتزامن مع تقدم القوات البرية إليها.

وبدا وكأن مدينة تلعفر الواقعة إلى الغرب من الموصل والقريبة من تركيا، قد تكون هي اللغم الأخطر في المعركة، على خلفية نوايا المليشيات الحليفة لإيران الدخول إليها، وهو ما حذّرت تركيا من حصوله، بلغة أقرب إلى التهديد، على صورة تصريح وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، وتحذيره من أن بلاده ستتخذ تدابير أمنية في حال تشكيل قوات "الحشد الشعبي" خطراً على أمن تركيا، مضيفاً "كما أننا مصممون على حماية حقوق أشقائنا التركمان هنا (تلعفر)، ونحن ولله الحمد قادرون على ذلك، لاسيما وأننا لم نتركهم يوماً، وفي حال تعرضهم لهجمات فلن نقف غير مبالين". ولم يترك جاووش أوغلو مجالاً للتأويل في كلامه، فلمّح إلى إيران ودورها بشكل مبطن، مشدداً، خلال مؤتمر صحافي جمعه بنظيره السوداني، إبراهيم الغندور، في أنقرة، على أن "الحشد الشعبي الذي يتحرك بدافع الانتقام، يرغب في دخول مدينة الموصل العراقية، بدعم وتحريض من بعض الدول والمجموعات (لم يسمها)، وشن هجمات على مناطق سنية أخرى". وربما يكون مشروع دخول المليشيات إلى تلعفر، العنوان الأبرز لتحول في مسار معارك الموصل، وخططها، لأن ذلك يعني أن قوات "الحشد" تنتقل من دور المساند للجيش العراقي والعشائر السنية، إلى وضعية رأس الحربة في المعركة، مع ما يهدد من انفجار إشكالات طائفية كبيرة في مدن محافظة نينوى.

وعن هذا الموضوع، اعتبر عضو الجبهة التركمانية العراقية، محمد داود، أن هجوم المليشيات المرتقب على تلعفر "بمثابة انتقال الصراع من غير مباشر إلى مباشر بين تركيا وإيران". وأوضح داود، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "في حال كانت تحشيدات قائد فيلق القدس قاسم سليماني الحالية على المحور الجنوبي من الموصل تستهدف مدينة تلعفر، فأعتقد أن الموضوع ستكون له تبعات خطيرة للغاية داخل العراق وإقليمياً على مستوى تركيا بالتحديد". وتابع إن "تلعفر قريبة من الحدود مع تركيا، ومدينة ذات غالبية تركمانية منقسمة طائفياً بين سنة وشيعة، ودخول سليماني مع ملشياته إليها يعني إشعال حرب طائفية في المدينة، تمتد إلى مدن أخرى وجرائم إبادة بحق السكان".

وتنقسم مدينة تلعفر إلى قوميتين، عربية وتركمانية، والتركمانية هي الأكبر عدداً تاريخياً، غير أنها منقسمة إلى تركمان سنة وتركمان شيعة، وهناك مشاكل مذهبية بين أبناء الطائفة نفسها، كان آخرها عام 2006، وتدخلت أنقرة حينها لعقد مصالحة بينها بحضور كبار أعيان المدينة. إلا أن دخول المليشيات إلى المدينة يجعل كثيرين يخشون من أن يؤدي إلى عمليات تنكيل وقتل للتركمان السنة، وهو ما تتخوف منه تركيا حالياً، وترفض أي تدخل لإيران أو المليشيات في معركة تلعفر.

وقال زعيم مليشيا "بدر"، هادي العامري، أول من أمس، عبر قناة تلفزة محلية عراقية، إن وجهتهم بعد الموصل ستكون تلعفر. وترافق مليشيات "الحشد الشعبي" وحدات من "الحرس الثوري" الإيراني يطلق عليهم تسمية مستشارين. وقال ضابط رفيع المستوى في الجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "سليماني وصل بغداد قادماً من السليمانية شمال العراق، وبرفقته قيادات إيرانية في الحرس الثوري"، مؤكداً أن "سليماني دخل على خط معركة الموصل، وعقد اجتماعات مع قيادات مليشيا الحشد". وأعرب الضابط عن ثقته أن "رئيس الحكومة، حيدر العبادي، يعلم بوصول سليماني، لكنه لم يلتق به، كما من غير المعلوم ما إذا كان العبادي سيوافق على مشاركة سليماني بالأمر أم لا". ونقل المصدر عن سليماني "إنه لن يعود إلى بلاده قبل الاطمئنان على سير معركة الموصل"، مؤكداً أن المسؤول الإيراني الذي يدير تحركات "الحرس الثوري" الإيراني في العراق كثف لقاءاته بقيادات ميدانية عراقية خلال الساعات الأخيرة. وتزامنت زيارة سليماني إلى العراق مع جولات ميدانية قام بها قادة المليشيات إلى محاور القتال في الموصل، أعقبها حديث عن وصول آلاف المقاتلين إلى مدينة تلعفر غرب الموصل، المختلطة عرقياً وطائفياً.

وعلق رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حاكم الزاملي، على وصول سليماني، لـ"العربي الجديد"، إنه "كبير مستشاري إيران وله وجود في أغلب المعارك". وأضاف إن "قاسم سليماني كبير مستشاري إيران في العراق، وله وجود في المعارك ضد داعش، ويساهم بأغلب المعارك، ومعركة الموصل مهمة باعتباره مستشاراً". واستدرك "هل هو يقاتل؟ هو لا يقاتل! هو مستشار، ومستشار جيد وفاعل ومؤثر، وفي أغلب المعارك في العراق كان سليماني موجوداً". وتابع "قد نشاهد قاسم سليماني عندما يبدأ دور الحشد الشعبي في القتال على المحور الجنوبي للموصل، وأكيد سيكون له دور ومشاركة فاعلة". وفي السياق، ذكر الموقع الرسمي لمليشيا "الحشد الشعبي"، أن نحو ثلاثة آلاف مقاتل من التركمان المنضوين ضمن المليشيا، يستعدون للقتال في عملية تحرير المناطق المحاذية للموصل من الجهة الغربية. ونقل إعلام "الحشد الشعبي" عن رئيس مليشيا "بدر"، هادي العامري: "إن المليشيات ستحقق نصراً كبيراً في الموصل". معتبراً أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) سيقهر في الموصل كما قهر في الفلوجة.

في غضون ذلك، أكدت مصادر عسكرية عراقية رفيعة المستوى في مقر قيادة عمليات الموصل توقف عمليات جهاز مكافحة الإرهاب، الذي يرافقه مستشارون في الجيش الأميركي، على بعد نحو 5 كيلومترات عن أول أحياء المدينة، وهو حي كوكجلي شرقي الموصل، لمنح فرصة لباقي المحاور التقدم بنفس المستوى لمعاودة الهجوم مرة أخرى، مشيرة إلى أن قوات البشمركة تمكنت من تحرير أكثر من 75 في المائة من المناطق المكلفة تحريرها وفق خطة معركة الموصل التي تم التوافق عليها مسبقاً، وتقوم حالياً بعمليات التفاف ومحاصرة للتنظيم بدعم جوي غربي. وبحسب المصادر ذاتها فإن البشمركة لن تتقدم أبعد من ذلك، وستكون آخر نقطة تواجد لها هي نقطة "أبراج الضغط العالي للكهرباء" الواقعة على بعد 10 كيلومترات من الموصل، على الطريق الرابط بين قضاء الحمدانية والمدينة، لتتولى بعدها قوات تابعة لبغداد مهمة إكمال المرحلة الثانية من الهجوم، وهو ما أكده برلمانيون وقادة عسكريون في أربيل أيضاً، لـ"العربي الجديد"، موضحين أن "الخطة التي تم التوافق عليها تقضي أن تحرر البشمركة أطراف الموصل الشمالية والشرقية وتتوقف عند حدود الموصل، ولا تدخلها".

وأشارت المصادر الى أن "اكتمال تحرير أقضية ونواحي الموصل يعني توقف تقدم قوات البشمركة عند الحدود الفاصلة عن مركز المدينة، وتتولى القوات الحكومية مع أبناء العشائر مهمة اقتحام مركز المدينة، ونتوقع حدوث اشتباكات عنيفة وحرب شوارع، لأن التنظيم يعتمد على استخدام القناصة والمهاجمين الانتحاريين وتفخيخ السيارات"، موضحة أن "صعوبة معركة مركز نينوى تكمن في أنها عبارة عن مباني محصنة، على عكس معارك الأطراف التي تكون في مناطق سهلة للقوات المشتركة". من جهته، أكد النائب عن التحالف الكردستاني، عرفات كرم، أن "مهمة قوات البشمركة ستتوقف عند اكتمال تحرير أقضية ونواحي نينوى، ولن تدخل قوات البشمركة على مركز مدينة نينوى، لأن الاتفاق بين الدفاع العراقية والبشمركة يقضي أن تتولى قوات عراقية معركة حسم مركز مدينة نينوى بشقيها الأيسر والأيمن". وقال "هذه أول مرة منذ العام 1921 تقاتل قوات البشمركة صفاً واحداً مع الجيش العراقي ضد تنظيم متطرف، وهو داعش، والتنسيق العالي ساهم في سرعة تحرير مناطق واسعة من نينوى، وأيام حسم المعارك ليست بعيدة. البشمركة والقوات العراقية تقدمتا بشكل سريع، وهي لا تبعد سوى 5 كيلومترات عن مركز نينوى، من جهة محور سد الموصل".

ذات صلة

الصورة
أسلحة للعراق الجيش العراقي خلال مراسم بقاعدة عين الأسد، 29 فبراير 2024 (أحمد الربيعي/فرانس برس)

سياسة

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، وجود ضغوط إسرائيلية على دول أوروبية وآسيوية لعرقلة بيع أسلحة للعراق وأنظمةة دفاع جوي.
الصورة
الهجوم الإسرائيلي على إيران 26/10/2024 (صورة متداولة)

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت، أنه شنّ ضربات دقيقة على أهداف عسكرية في إيران، لكن الأخيرة نفت نجاح إسرائيل في الهجوم.
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".