مقابل ذلك، هناك حراك حثيث من نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، مع كتل مختلفة لبحث تشكيل حكومة جديدة تزيح غريمه رئيس الحكومة حيدر العبادي، مقابل تسريبات عن إقناع الإيرانيين لمقتدى الصدر الذي يزور طهران، حالياً، بالعودة إلى سرب التحالف الوطني الحاكم وعدم الخروج عنه.
ويجد مجلس الوزراء العراقي صعوبة في عقد جلساته بنصاب كامل، إذ فشل العبادي، للمرة الثانية، في إتمام نصاب الوزراء للجلسة التي ينتظر أن تقر عدداً من القوانين المهمة أبرزها؛ مرتبات الموظفين، بسبب غياب 12 من أصل 22 وزيراً بعد إقالة وزراء واستقالة آخرين لم يشفع للعبادي اختيار خمسة وزراء في جلسة نهاية الشهر الماضي بسبب عدم اكتسابهم الصفة الدستورية لعدم ترديدهم القسم أمام البرلمان بعد.
ووفقاً لمصادر سياسية عراقية، فإن "الحراك واللقاءات الأخيرة بين عدد محدود من قادة الكتل باء بالفشل في إقناع الجميع لمّ شمل البرلمان وعقد جلسة رسمية لاستئناف البحث عن مخرج للأزمة". ويشير مسؤول عراقي رفيع المستوى لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "رئيس البرلمان سليم الجبوري والعبادي فشلا في تحقيق أي تقدم خلال مباحثات ولقاءات عقداها، الأربعاء، في بغداد، جرى بعضها هاتفياً"، مؤكداً أن "البرلمان لن يشهد اجتماعاً رسمياً على الأقل في الأيام العشرة المقبلة".
ويضيف المسؤول العراقي أنّ "رئاسة البرلمان قررت عدم البدء بترميم المبنى الشبه محطم من أنصار الصدر ريثما تنتهي لجنة تحقيق خاصة تتولى وزارة الداخلية الإشراف عليها في تحطيم وتدمير وسرقة أثاث ومواد من البرلمان، فضلاً عن الاعتداء على سبعة برلمانيين بينهم نائب رئيس البرلمان آرام شيخ محمد، ورئيس كتلة الفضيلة عمار الطعمة".
من جانبه، يقول عضو التيار الصدري في بغداد، أحمد الموسوي، لـ"العربي الجديد" إن كتلة الأحرار لن تحضر البرلمان إلّا بعد التأكد من وجود جلسة سيتم فيها اختيار حكومة تكنوقراط جديدة ليس لأية كتلة سياسية تدّخل فيها بفرض أسماء وزراء على العبادي"، مبيناً أن "هذا شرطنا الوحيد حالياً". فيما تؤكد مصادر أخرى أنّ هناك حراكاً واسعاً من المالكي للإطاحة بالعبادي خصوصاً مع ترديد الأول عبارة "الرجل الضعيف" على العبادي ووجوب استبداله. ويجري ذلك من خلال استمرار رفض تشكيلات يقدّمها العبادي لحكومته أمام البرلمان حتى يتم استنفاد كل خيارات الأخير ليتم تقديم طلب سحب الثقة عنه، وفقاً للمصادر.
وتؤكد هذه المصادر أنّ "مقتدى الصدر أُبلغ من الإيرانيين بخطوط الحل العريضة للأزمة ووجوب عدم الخروج عن سرب التحالف"، لافتة إلى أنّ "المرشد الأعلى، علي خامنئي، لم يلتق الصدر، حتى الآن، على الرغم من وصول دعوة الزيارة من الأول".
على صعيد متصل، يؤكد مقرر البرلمان العراقي عماد يوحنا لـ"العربي الجديد" عدم وجود أي أمل بعقد جلسة للبرلمان في الأفق القريب، مبيناً في اتصال هاتفي أنّ "الأجواء السياسية غير مهيأة بالوقت الحالي فضلاً عن عدم قدرة مبنى البرلمان حالياً على عقد جلسة بنصاب كامل بسبب التلف الحاصل فيه".
على مستوى مجلس الوزراء العراقي، يؤكد المستشار القانوني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، محمد عدنان الشمري، لـ"العربي الجديد" أن مجلس الوزراء فشل في اجتماع رسمي بسبب النصاب لمرتين". ويضيف أنّ "النظام الداخلي لمجلس الوزراء يفرض النصف زائد واحد كنصاب قانوني لأي جلسة، لكن بعد التصويت على إقالة ستة وزراء في جلسة البرلمان وهم؛ وزراء التعليم العالي، والخارجية، والموارد المائية، والعمل، والشؤون الاجتماعية والصحة، والكهرباء، وبغياب وزراء النفط، والمالية، والثقافة بعد تقديم استقالاتهم وانسحاب وزراء الصناعة والإعمار من الحكومة إثر قرار الصدر وعدم ترديد الوزراء الجدد الخمسة الذين تم المصادقة عليهم للقسم الدستوري، جعل مجلس الوزراء ناقصاً بلا نصاب، قد يستمر لفترة غير معلومة مرتبطة بالوضع السياسي". ويبيّن أن "العبادي قد يكون أمام مشكلة دستورية تمس الصمود بموقعه كرئيس لمجلس الوزراء".
ويعلق المحلّل السياسي العراقي، ماجد الراوي، على الوضع السياسي الحالي بأنه على أعتاب مرحلة الدخول في فراغ دستوري كبير قد يعجز فيه رئيس الوزراء عن اتخاذ قرار داخلي أو خارجي يخص البلاد، بسبب عدم وجود وزراء لديه. كما يعجز البرلمان عن الالتئام مجدداً لاختيار أو التصويت على قائمة وزارية له، "وهو ما يعتبر دخولنا مرحلة حرجة أو خطرة في الأزمة"، على حدّ تعبيره. ويلفت المحلل السياسي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الأحزاب السياسية الشيعية بدأت باستعراض قواتها من خلال نشر كل حزب أو كتلة جناحه العسكري في بغداد بالأسلحة والمعدات وسط فوضى لا تُعرف نهايتها".