شهدت العاصمة العراقية بغداد، أمس الخميس، اشتباكات بين مليشيا "النجباء" وقوات الشرطة الاتحادية في منطقة الزعفرانية، جنوب شرق العاصمة، وذلك على خلفية قيام قوة من الشرطة باعتقال عناصر من المليشيا لدى قيامهم باختطاف رجل من منطقة جسر ديالى القريبة من منطقة الزعفرانية.
وحصلت الاشتباكات عندما قامت قوة من الشرطة بتحرير مختطف من أهالي منطقة جسر ديالى، جنوب بغداد، في إحدى نقاط التفتيش بمنطقة الزعفرانية، أثناء عملية نقله بموكب مؤلف من عدة مركبات تابعة للمليشيا. وعلم "العربي الجديد" من أحد شيوخ عشائر منطقة الزعفرانية أن المختطف هو تاجر ذهب، وأن عملية الاختطاف كان هدفها الحصول على الأموال، من خلال ابتزاز عائلته.
بدورها، أعلنت قيادة عمليات بغداد أن "القوات الأمنية التابعة لها تمكنت من تحرير مختطف، واعتقال الخاطفين البالغ عددهم 15 عنصراً، مع مصادرة المركبات التي كانوا يستقلونها خلال عملية الاختطاف بمنطقة الزعفرانية"، من دون أن تعلن صراحة عن الجهة الخاطفة.
وأكد مصدر في شرطة بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن مليشيا "النجباء" أقدمت على خطف ضابط استخبارات اللواء الأول التابع للفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية بمنطقة الزعفرانية، رداً على اعتقال عناصر "النجباء"، مؤكداً أن "المليشيا تساوم الآن قوات الشرطة الاتحادية في المنطقة على إطلاق سراح عناصرها المعتقلين مقابل إطلاق سراح الضابط المختطف لديها".
في غضون ذلك، أكد سكان محليون في منطقة الزعفرانية، لـ"العربي الجديد"، أن "المنطقة شهدت فرض إجراءات أمنية مشددة وإغلاقاً لمداخل ومخارج المدينة، مع قدوم تعزيزات من الجيش العراقي والشرطة، وتحليق كثيف لطائرات مروحية عسكرية فوق المنطقة، كما سمعت أصوات إطلاق نار كثيف بمختلف الأسلحة في أرجاء المدينة"، لافتين إلى أن "المليشيا عززت أيضاً أعداد عناصرها في المنطقة".
إلى ذلك، أصدرت مليشيا "النجباء" بياناً أشارت فيه إلى ما جرى في منطقة الزعفرانية، إذ ذكرت أنها كانت تنفذ عملية استخباراتية في المنطقة، تستهدف أحد المتورطين بعمليات التفجير في بغداد، كما اتهمت الشرطة العراقية بالتواطؤ مع من سمتهم بـ"الإرهابيين"، على حد وصف البيان.
وذكرت المليشيا أن "فصائل المقاومة، بالإضافة إلى عملها العسكري ضد التكفيريين، فهي تعمل استخبارياً في متابعة قيادات ومجاميع إرهابية تابعة لتنظيم "داعش" تحاول العبث بأمن المواطن العراقي بالقيام بعمليات خلال هذه الأيام المتزامنة مع أيام عيد الأضحى المبارك".
وأضافت "نحن نسهر على أمن المواطنين، ولدينا معلومات استخبارية تشير إلى أن التنظيم يحاول استهداف بعض المناطق والأماكن والأسواق التجارية بعمليات انتحارية، وكان التفجير الأخير في مدينة الكرادة خير دليل على ذلك".
وذكر البيان أن "واجب المقاومة الشرعي والأخلاقي، تقديم كل ما يمكن من أجل الحفاظ على أمن المواطنين الأبرياء، دون انتظار الإذن من أحد، خصوصاً أن هناك خللاً واضحاً في الأجهزة الأمنية بسبب بعض المتواطئين داخلها التي يعلم بها القاصي والداني".
وأكدت المليشيا أن "من قامت باعتقال القيادي الداعشي، مجموعة استخبارية تابعة إلى اللواء الثاني عشر ضمن "الحشد الشعبي"، والذي تشرف عليه حركة النجباء"، وأشارت إلى أن "ما حصل في الزعفرانية من قبل مجموعة من الشرطة متواطئة مع خلايا داعشية نائمة يدل على أن الوضع في البلد لن يستقر إلا بتطهير الأجهزة الأمنية أولاً من الدواعش".
في المقابل، ردت قيادة عمليات بغداد على ادعاءات قيادة المليشيا، مؤكدة أن جميع العمليات الأمنية والاستخبارية التي تجري في بغداد من مسؤولية الأجهزة الأمنية الحكومية حصراً.
وشددت على أن "جميع الفعاليات الأمنية والاستخبارية في بغداد تكون بموافقة وتنسيق قيادة عمليات بغداد، كونها الجهة المسؤولة عن ذلك"، لافتةً إلى أن "ما حصل في الزعفرانية لا نجد له أي توصيف أمني، ولم يسبقه أي تنسيق مع قيادة عمليات بغداد، وسنحيط الرأي العام بكافة التفاصيل بعد الانتهاء من التحقيق، ونحذر من قيام أي جهة بأي نشاط مسلح دون التنسيق مع قيادة عمليات بغداد".
من جهتها، أعربت اللجنة الأمنية في مجلس النواب العراقي عن دعمها أجهزة الأمن العراقية، ووصفت الدور الذي تقوم به الشرطة المحلية في منطقة الزعفرانية بالمميز.
وقال رئيس اللجنة، النائب حاكم الزاملي، في حديث لوسائل الإعلام، إن "دور الشرطة الاتحادية في منطقة الزعفرانية ببغداد كان مميزاً"، مضيفاً أنها "نجحت في تحرير مخطوف والقبض على الخاطفين، وهم معتقلون حالياً في قيادة عمليات بغداد".
وأكد الزاملي أنه "لا يحق لأية جهة القيام بأي عملية اعتقال، باستثناء الأجهزة الأمنية المخولة بعمليات الدهم والتفتيش".
يذكر أن مليشيا "النجباء" هي إحدى المليشيات العراقية المنضوية في "الحشد الشعبي"، ويقودها رجل الدين الشيعي، أكرم الكعبي، والذي أعلن مراراً وتكراراً ولاءه المطلق للمرشد الإيراني، علي خامنئي. كذلك أكدت المليشيا التابعة له إرسالها المئات من عناصرها إلى سورية للقتال إلى جانب قوات النظام السوري، تحت إمرة الجنرال في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.