وأعلن مسؤولون أمنيون، أن قوات الجيش بدأت بحفر خندق على المشارف الشمالية لمدينة الفلوجة بعد شهر من استعادتها من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الأمر الذي أثار المخاوف بشأن الأهداف الخفية التي ينطوي عليها حفر الخندق وفصل الأجزاء الشمالية للمدينة.
مخاوف أهالي الفلوجة، أثيرت بعد النظر لما حل بالمناطق العراقية الأخرى، التي امتدت إليها يد مليشيات "الحشد الشعبي" والأجهزة الأمنية تحت عنوان "مكافحة تنظيم داعش"، في سامراء، وجرف الصخر، وديالى، إذ أسفرت العمليات العسكرية هناك عن تنفيذ عمليات تغيير ديمغرافي واسعة ومصادرة مساحات شاسعة من البساتين والأراضي، بالإكراه بعد ملاحقة أهلها وتهجيرهم بتهمة "الإرهاب"، وهو ما عبرت عنه شخصيات قبلية وسياسية في مدينة الفلوجة.
وأكّد قائد عمليات غرب بغداد، اللواء سعد حربية، لـ"العربي الجديد"، أنّ آليات الجيش، بدأت منذ يومين بحفر خندق يمتد شمالي الفلوجة لنحو خمسة كيلومترات شرقاً من نهر الفرات باتجاه الطريق السريع الرئيسي شرق المدينة.
ولفت حربية، إلى أن الخندق عمقه متر واحد وعرضه 1.5 متر، وسيكتمل حفره خلال شهر واحد.
وحول الغرض من حفر الخندق في هذه المنطقة بالذات، قال حربية إن "الخندق يهدف لمنع المجاميع الإرهابية المتمركزة خارج الفلوجة من دخول المدينة، بعد مزاعم بأن المباني الحكومية والمنازل تعرضت للنهب"، في حين أكّدت مصادر أمنية، في وقت سابق، أن قوات الأمن تفرض سيطرتها الكاملة على مناطق شمال الفلوجة بمساندة مليشيات "الحشد الشعبي".
وبدوره، كشف نائب قائد قوات مكافحة الإرهاب، عبد الوهاب الساعدي، في حديثه لوسائل الإعلام، أنّ قوات الجيش ستبدأ بحفر خندق ثان يبلغ طوله خمسة كيلومترات يقع جنوب وجنوب شرق المدينة، مضيفاً أن "الخندق سيكون بعرض 12.5 متراً وبعمق 1.5 متر".
وحول أصداء حفر الخندق بالنسبة لمسؤولي الفلوجة، قال قائم مقام المدينة، عيسى ساير العيساوي، في تصريحات صحافية إن "الخندق يحفر لأسباب أمنية لكنه سيعرقل مساعي استعادة الحياة الطبيعية في المدينة".
وفي الوقت الذي كان يتطلع فيه أهالي الفلوجة لعودتهم قريباً إلى منازلهم التي هجروها مكرهين، قبل نحو عامين ونصف العام، وإنهاء معاناتهم في المدن والمخيمات التي نزحوا إليها، إلا أن قرار حفر الخندق وتقطيع أواصر المدينة أثار استنكارهم، بينما أكد مسؤولون بلديون دخلوا المدينة، أخيراً، بغرض تنظيفها إن "الفلوجة مقسمة بين قوات الأمن العراقية، ولا نستطيع العمل بحرية داخل المدينة".
وكانت قائم مقامية مدينة الفلوجة قد أعلنت إطلاق استمارة معلومات إلكترونية على موقعها الرسمي تضمنت معلومات أمنية طلبت من أهالي الفلوجة القيام بملئها والإجابة عن جميع الأسئلة المتعقلة بأفراد الأسرة من الرجال والنساء، كشرط لازم للحصول على الموافقة الأمنية للعودة إلى المدينة.
بينما أطلقت شخصيات عشائرية مبادرة تحت عنوان "وثيقة السلم المجتمعي"، برعاية رئيس البرلمان سليم الجبوري، تضمنت كذلك إجراءات مشددة لعودة العوائل النازحة إلى مدنهم في محافظة الأنبار والإصرار على ملاحقة من سمّتهم العناصر التي أيدت وساندت تنظيم "داعش" عندما كان يسيطر على مدن الأنبار.
واستنكرت شخصيات عشائرية إقدام قوات الجيش العراقي على تطويق الفلوجة بالخنادق، معتبرين أن حفر الخندق سيؤدي لخنق المدينة. وأضافوا أن "حفر الخندق يمثل تعدياً سافرا على أملاك المواطنين الذين يمتلكون أراضي زراعية أدى حفر الخنادق فيها إلى تشويهها واقتطاع مساحات واسعة منها دون مراعاة حرمة الملكيات الخاصة للسكان".
ويعد حفر الخنادق حول المدن، أسلوباً اعتادت على إجرائه أجهزة الأمن، والحكومات المحلية في محافظات العراق الوسطى والجنوبية، إذ أعلنت كل من محافظات بابل وكربلاء والنجف عن إنشائها خنادق طويلة، اقتطعت بموجبها مساحات شاسعة من محافظة الأنبار تحت ذريعة حماية محافظات الجنوب والمراقد الشيعية من هجمات محتملة، قد تنطلق من مدن محافظة الأنبار المحاذية لها.