وعلى الرغم من التطمينات التي أرسلتها وزيرة الخارجية السويدية، مارغوت فالستروم، إلى الحكومة المغربية بتأكيدها أن "بلادها لم تتخذ بعد قرار الاعتراف بالبوليساريو كدولة"، معتبرة أن "المسألة لا تزال في طور النقاش داخل الحكومة والبرلمان"، فإن استنفاراً عمّ المغرب لصدّ القرار السويدي المرتقب.
وحشدت الرباط عدداً من الأحزاب التي أجرت اجتماعات طارئة لتوحيد مواقفها إزاء المستجدات، فيما سافر زعماء أحزاب يسارية إلى ستوكهولم للتباحث مع نظرائهم السويديين، في موازاة خروج أكثر من 40 ألف متظاهر مغربي للاحتجاج، يوم الأحد، أمام السفارة السويدية في العاصمة المغربية. ويسرد في هذا الصدد، رئيس "المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات"، عبدالرحيم المنار اسليمي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، قدم أربع قراءات ممكنة للأزمة الراهنة بين البلدين.
في القراءة الأولى، يشير اسليمي، إلى أنها "مرتبطة بدور جديد تحاول أن تؤديه السويد وباقي الدول الإسكندنافية في العلاقات الدولية، في مسعى إلى إحياء الدور الذي قامت به بريطانيا وفرنسا قبل نهاية التسعينيات. الدور الذي كثيراً ما كانت هاتان الدولتان تخوضان بسببه صراعات حول قضايا سياسية وأيديولوجية مرتبطة بتشجيع الانفصال، وتضغطان عبر ورقة حقوق الإنسان على الدول العربية والأفريقية".
اقرأ أيضاً: المغرب يلوّح لأول مرة بسلاح المقاطعة
ويتابع "ومع صعود موجات اليسار والخضر، تقمّصت الدول الإسكندنافية هذا الدور، وبدأت تدخل في مواجهات مع الدول العربية، منها الأزمة السويدية ـ السعودية في مارس/آذار الماضي. لذلك فإن الأمر لن يقف عند المغرب، ولكنه سيمتد إلى دول أخرى. تحديداً الجزائر، مع أن علاقاتها الثنائية جيدة مع السويد، إلا أن الأخيرة تدعم الحركة الأمازيغية للقبائل في الجزائر، وتشجعها على الانفصال".
ويعتبر اسليمي أن "الدول الإسكندنافية باتت تؤدي دوراً خطيراً في النظام الدولي الحالي، وفي العالم العربي خصوصاً، بعد الثورات العربية، يتمثل في تشجيع الحركات الانفصالية، ودفع الأقليات إلى التمرد، والضغط على الدول العربية بحجة حماية حقوق الإنسان".
وأما القراءة الثانية، بحسب اسليمي، فلها "تفسير مرتبط بصراع السويد مع الملكيات العربية، فالأمر يتعلق بنظام ملكي في السويد، اختار لحد الآن مواجهة ملكيتين قويتين في العالم العربي، هما: المغرب والسعودية". ويضيف أن "السويد تفتعل الأزمات مع دول ظلت مستقرة، بعد الاهتزاز الذي عرفه العالم العربي".
ويرى اسليمي، أن "القراءة الثالثة للأزمة متعلقة بمحاولة البوليساريو والجزائر، الحفاظ على قضية حقوق الإنسان، والثروات الطبيعية في الأقاليم الجنوبية المغربية حيّة، بعد إغلاق مجلس الأمن بقراره الأخير، في أبريل/نيسان الماضي، الباب أمام البوليساريو نهائياً".
ويسترسل الخبير السياسي، قائلاً إن "البوليساريو، بدعمٍ من الجزائر، بحث عن المساندة من الدول الإسكندنافية، كي يستمر في الترويج لهذه الأطروحة. وتتعلق مساعيه بفتح فضاءات هامشية بعيدة عن الأمم المتحدة والقوى المؤثرة في القرار داخل مجلس الأمن، للضغط على المغرب، ووجد في الدول الإسكندنافية مجالاً جديداً للضغط على الرباط".
وأما القراءة الرابعة للأزمة، بحسب اسليمي، فـ"مرتبطة بوزارة الخارجية المغربية التي يبدو أن سقف عملها ضعيف مقارنة بالملفات المغربية المعروفة على المستوى الدولي"، معتبراً أن "وزارة الخارجية غائبة عن العمل في الدول الإسكندينافية، وفي دول أفريقيا الناطقة بالإنجليزية".
ويرى اسليمي أن "إسناد وزارة الخارجية لشخصيات حزبية بات يشكل خطراً على المغرب، لعدم قدرة تلك الشخصيات على إدارة الانتخابات والتحالفات الحزبية في الداخل وملف الصحراء في الوقت عينه على المستوى الدولي والإقليمي".
ويلفت اسليمي، بعد سرد القراءات، إلى أن "هناك أربعة مخاطر جراء الأزمة: الأول أن السويد لا تدرك أنها بصراعها مع المغرب في ملف الصحراء، تتدخل في السيادة الداخلية للمملكة، وأنها تناقض مسار الأمم المتحدة التفاوضي".
والنوع الثاني من المخاطر، وفق تحليل اسليمي، يكمن في أن "السويد ترفع من مؤشرات الحرب الإقليمية في المنطقة بين المغرب والجزائر مباشرة، أو بالوكالة عن طريق البوليساريو". والثالث يُدرج في سياق أن "أي خطأ يُرتكب في ملف الصحراء، من شأنه أن يهدد الأمن والسلم الدوليين في شمال أفريقيا ومنطقة البحر المتوسط". أما النوع الرابع من المخاطر، فيشير إليها اسليمي بأنها متواجدة في أوروبا، ويرى أنه "في القارة العجوز وحدها 50 حركة انفصالية قد يساهم السلوك السويدي اتجاه المغرب في استيقاظها، كما أن السلوك السويدي إذا ما سمحت به الدول العربية ولم تعلن تضامنها مع المغرب، من شأنه أن يهدد كل الدول العربية المستقرة، وخصوصاً دول الخليج". ويشدد على أن "مغامرة السويد بالاعتراف بجمهورية البوليساريو الصحراوية، قد تكون مرتفعة التكلفة على دول مثل إسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، والجزائر، وتونس وموريتانيا، والمغرب".
اقرأ أيضاً: المغرب يهدد بمقاطعة الشركات السويدية