أقرت السلطات العراقية بمقتل متظاهر واحد وإصابة 200 آخرين، بينهم رجال أمن، خلال مواجهات رافقت إطلاق القوات العراقية الرصاص الحي، والغاز المسيل للدموع، واستخدام خراطيم المياه لفض تظاهرات واسعة اجتاحت العاصمة العراقية بغداد ومحافظات عراقية أخرى جنوبي البلاد للمطالبة بالخدمات، والقضاء على الفساد، والقيام بخطوات إصلاحية في مؤسسات الدولة كافة.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه قوات مكافحة الشغب ترافقها قوة خاصة من حماية المنطقة الخضراء ملاحقة المتظاهرين في الشوارع والأزقة القريبة من ساحة التحرير التي انطلقت منها تظاهرة بغداد.
وأصدرت وزارتا الداخلية والصحة العراقيتان بياناً مشتركاً أكدتا فيه سقوط قتيل و200 مصاب، بينهم عناصر أمن خلال أحداث اليوم، وأعربتا عن الأسف لما رافق الاحتجاجات من أعمال عنف صدرت عن مجموعة وصفتها بـ"مثيري الشغب" من أجل إسقاط المحتوى الحقيقي للمطالب وتجريدها من السلمية.
وأضاف البيان "أننا في الوقت الذي نتضامن فيه مع حرية التعبير التي كفلها الدستور، ندعو المواطنين كافة إلى التهدئة وضبط النفس، ونؤكد استمرار الأجهزة الأمنية في تأدية مهامها حرصا منها على أمن وسلامة المتظاهرين".
وقال مشاركون بتظاهرة بغداد لـ"العربي الجديد" إن العشرات من المحتجين نقلوا إلى المستشفى بعد تعرضهم للاختناق، مؤكدين أن القوات العراقية زادت من الضغط على المتظاهرين مع حلول الظلام، وبدأت باستخدام الرصاص الحي.
وبيّن المشاركون أن قوة مشتركة من حماية الشغب، وحماية المنطقة الخضراء تطارد المتظاهرين في ساحتي الطيران والفردوس القريبتين من ساحة التحرير.
كما قالت مصادر محلية في ذي قار إن قوات الأمن فضت التظاهرة هناك باستخدام الرصاص الحي والضرب بالعصي والهراوات، مشيرة إلى اعتقال عدد من المتظاهرين في المحافظة، وبينت أن المحتجين تعرضوا لضرب مبرح من قبل القوات الأمنية أثناء اعتقالهم ونقلهم إلى مكان مجهول.
مطالبات بتحقيق عادل ومساندة المتظاهرين
في السياق، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الرئاسات العراقية الثلاث (رئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية) إلى إجراء تحقيق عادل بما حدث في ساحة التحرير.
كما دعا المتحدث باسم تيار "الحكمة" المعارض نوفل أبو رغيف الحكومة والأجهزة الأمنية إلى مساندة المتظاهرين والإصغاء الجدي لمطالبهم، مطالبا بتغريدة على "تويتر" السلطات العراقية بضبط النفس، كما ناشد المتظاهرين بالتعامل الحضاري مع القوات الأمنية.
إلى ذلك، قالت وسائل إعلام محلية إن وزارة الدفاع العراقية أعلنت حالة التأهب القصوى بين صفوفها بسبب التوتر الذي رافق تظاهرات الثلاثاء، ونقلت عن مصادر عسكرية قولها إن الوزارة أعلنت حالة الإنذار (ج) في جميع تشكيلاتها ومنعت الإجازات لمنتسبيها تحسبا لحدوث أي طارئ.
وبعد أن بدأت في الصباح بأعداد قليلة اتسعت رقعة التظاهرات في العاصمة العراقية بغداد، بعد عصر الثلاثاء، والتي دعا إليها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، للتنديد بما سموه، واقع الدولة المزري، والمطالبة بالقضاء على الفساد وإنهاء المحاصصة الطائفية والحزبية، ومعالجة الفقر والبطالة وتوفير الخدمات.
من جهته، أكد عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية فاضل الغراوي تلقي المفوضية معلومات تشير إلى سقوط ضحايا ووفيات خلال تظاهرات بغداد، معبرا في تصريح صحافي عن أسفه لاستخدام القوات الأمنية الغازات المسيلة للدموع والمياه الساخنة وإطلاق الرصاص الحي.
وأشار الغراوي إلى قيام مفوضية حقوق الإنسان بإرسال فرق إلى مستشفى الشيخ زايد في بغداد الذي يوجد فيه جرحى التظاهرات من أجل تقصي الحقائق، لافتا إلى أن المفوضية طالبت قبل انطلاق التظاهرات بعدم استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين.
كما قال زعيم ائتلاف "الوطنية" إياد علاوي أنه يدعم مطالب المحتجين المشروعة، داعيا في تغريدة على "تويتر" الحكومة والقوات الأمنية إلى حمايتهم.
وأضاف علاوي أن "التظاهر حق أصيل كفله القانون والدستور ما دام في إطار السلمية وعدم التجاوز على الممتلكات العامة والخاصة".
وتابع أن "ضبط النفس وتفهم الطلبات المشروعة للمحتجين أولوية وضرورة وطنية قصوى، وفي الوقت الذي نعبر فيه عن دعمنا الكامل للمطالب المشروعة وحق الاحتجاج السلمي، فإننا ندعو الحكومة والأجهزة الأمنية إلى حماية التظاهرات والمتظاهرين والتعاطي معها بإيجابية".