وتؤكد مصادر المعارضة السورية أن "ما جرى في حلب يُعدّ تطوراً كبيراً سيكون له مفعوله في تصوّرات الحل السياسي المرتقب". وتلفت المصادر إلى "انتصارات حلب هي رسالة واضحة لنظام بشار الأسد وإيران وروسيا، على أنهم لن يستطيعوا حسم المعركة عسكرياً، وأن نتائج المعركة ستكون حاضرة على طاولة التفاوض في حال الدعوة إلى جولة جديدة في جنيف"، فيما ترى مصادر أخرى في المعارضة أن ارتدادات ما جرى في حلب لن تكون غائبة عن المفاوضات الروسية الأميركية المستمرة حول سورية، خصوصاً في ما يتعلق بالتوصل إلى تفاهمات تتيح تنسيق العمليات العسكرية في الأراضي السورية.
وفي السياق، تتوقف مصادر في إحدى فصائل المعارضة وتقول إنه "غض نظر أميركي" عن معركة حلب وما يحمله من إشارات أميركية، معتبرة أن التفاهمات الروسية الأميركية، في ظل هذه الأجواء، من الممكن أن تصب لمصلحة المعارضة، ولا سيما إذا ما تم التوصل إلى اتفاق حول تقييد طلعات الطيران السوري، ووضع فيتو أميركي على الطلعات التي تستهدف المناطق المشتركة بين فصائل المعارضة وجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً).
من جهة ثانية تعول المعارضة على اللقاء المرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، غداً الثلاثاء، وخصوصاً بعدما أوصل أردوغان رسائل متعددة الاتجاهات في ما يتعلق بالأوضاع السورية، بما في ذلك قوله أول من أمس السبت، إنه يتعين "علينا أن نقيم منطقة خالية من الطيران شمالي سورية، وعلينا أن ندرّب السوريين هناك، حتى يكونوا قادرين على حماية أنفسهم، بعدما أشار إلى "المعارضة السورية استطاعت أن تقيم توازناً" عقب نتائج معركة حلب.
في هذا السياق، تقول مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، إن "المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، بيّنت أنه كانت هناك قيادات داخل الجيش التركي تعيق تقديم الدعم الكافي لقوات المعارضة، لتحقيق تقدم كبير على قوات النظام، تحديداً في الشمال السوري".
كما تشير المصادر إلى أن "الانتصارات في حلب أعطت المعارضة دفعاً معنوياً ومادياً كبيراً، بعد أن حاول الروس والإيرانيون تغيير المعادلات من خلال محاصرة أحياء المعارضة في حلب"، مضيفة أن "نشوة الروس انتهت، ولا بد أن يدركوا أن الحسم العسكري غير ممكن، وأن المعارضة اليوم في حال أفضل، ولن تقبل بأي حال من الأحوال بما يُطرح بما يخصّ الحل السياسي، تحديداً لجهة بقاء بشار الأسد في مرحلة انتقالية".
وترى المصادر أن لا "أفق لإمكانية العودة إلى طاولة التفاوض في جنيف، إذ لم تظهر إشارات من الموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، على نيته الدعوة إلى جولة مفاوضات جديدة في المدى المنظور"، مشيرة إلى أنه "لم يحدث اختراق مهم في مسألة الانتقال السياسي، تحديداً لجهة مصير الأسد، وهو عقدة العقد، ويعيق البدء في مرحلة انتقالية".
وتشير المصادر إلى أن "تسارع التطورات العسكرية في حلب، ربما سيؤدي إلى سقوط النظام برمته"، معتبرة أن "قوات النظام وحزب الله ومليشيات طائفية في حالة انهيار شبه كامل في حلب". وتردف أن "هذا الأمر ربما يسرّع من خطوات الوصول لحلّ سياسي خلال وقت قريب".
من جهته، يرى رئيس الائتلاف الوطني السوري، أنس العبدة، في بيان وزع على الصحافيين أن "ما حققه الثوار هو رسالة واضحة لنظام الأسد وإيران وروسيا، على أنهم لن يستطيعوا حسم المعركة عسكرياً، وفرض إملاءاتهم على الشعب السوري"، مشيراً إلى أن "إرادة الثوار أثبتت قدرتها على كسر جبروتهم، وتفويت أهدافهم"، على حد وصفه.
بدوره يعتبر المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، التابعة للمعارضة السورية، رياض نعسان آغا، أن "التقدم الكبير الذي أحرزته فصائل المعارضة في حلب، سيكون له حضور على طاولة المفاوضات، إن حدثت مفاوضات". ويشير نعسان آغا في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن "هذا النصر الذي أوقف الإجرام الروسي، والإيراني، والطائفي البغيض عند حدود إرادة الشعب الذي لا يقهر (لأن إرادته من إرادة الله)، هو ميدان التفاوض الحقيقي". ويمضي قائلاً: "لقد استبد النظام، ووصل في الإجرام مع حلفائه إلى حدّ إبادة شعب، وحصاره، والانتقام الوحشي من كل من عارض النظام، بتدمير شامل، واستعلاء حاقد، واستقواء بروسيا وإيران المجرمتين، وفوجئ الجميع بقدرة هذا الشعب على تحمل الفواجع، وبعظمة ارادته، وقوة إيمانه".