في المقابل، يستمر السجال بين تركيا والحكومة العراقية حول معركة الموصل، إذ أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، أن أنقرة لن تسمح بأن تتسبب عملية تحرير الموصل في "دماء ونار". كلام أردوغان الذي يحذر فيه من تفاقم الصراع الطائفي في العراق، على خلفية ما يمكن أن يحصل بعد طرد "داعش" من الموصل ودخول عناصر "الحشد" إلى أحيائها، يأتي أيضاً في ظل احتدام السجال مع حكومة بغداد بشأن الدور التركي في شمال العراق. وقال أردوغان، أمس، أمام القضاة والمدعين العامين في المجمع الرئاسي في أنقرة "نحن ننفذ عمليات كبرى في شمال سورية لتطهير حدودنا من الإرهابيين وأن شمال العراق كذلك مهم بالنسبة لنا". ولفت إلى أن تركيا تقوم بتغيير "توازنات المنطقة"، لذلك يتم استهدافها بسبب الوضع في الموصل، وفق قوله.
ووفقاً لبيان صدر عن وزارة الدفاع العراقية، فإن الفرقة المدرعة التاسعة بالجيش العراقي وصلت إلى الموصل للمشاركة في عملية تحرير المدينة من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وأكد قائد عمليات تحرير نينوى، اللواء الركن نجم الدين الجبوري، في حديث خاص بـ"العربي الجديد"، على أن الاستعدادات الحالية باتت بحكم الكاملة ولا ينقص سوى إعلان بدء الهجوم" وفق قوله. وأضاف أن "الجيش لا ينظر إلى الخلافات السياسية الحالية ولا تعنيه بشيء"، مشيراً إلى أن "الوزارة مستمرة في إرسال التعزيزات بهدف خوض معركة سهلة وسريعة". وبيّن أن "داعش يسعى لشن هجمات على محاور التحشيد بهدف تأخير انتقال المعركة إلى مواقعه ومعاقله في الموصل".
وفي السياق، قال مصدر عسكري رفيع في بغداد لـ"العربي الجديد" إن مشاركة مليشيات "الحشد الشعبي" باتت "أمراً محسوماً". ووفقاً للمسؤول ذاته، وهو لواء ركن بمقر قيادة العمليات في بغداد، هناك ستة إلى سبعة فصائل من مليشيات "الحشد" ستشارك بالهجوم، مؤكداً وجود "موافقة خطية من (رئيس الوزراء حيدر) العبادي، لوزارة الدفاع بذلك". وأوضح في هذا الإطار أن عناصر "الحشد" "غادروا فجر الأربعاء بغداد وديالى وبابل إلى نينوى عبر طريق كركوك ويبلغ عددهم أكثر من 3 آلاف عنصر بالتزامن مع تحرك قوات الجيش العراقي". وحول مشاركة قوات البشمركة، قال المصدر ذاته إنها موجودة وأن عدد عناصرها الذين انضموا إلى العملية العسكرية يبلغ نحو 11 ألف مقاتل. وأضاف أن هناك نحو 5 آلاف من العشائر العربية السنية، فضلاً عن نحو 20 ألف جندي عراقي، لافتاً إلى أن مجموع المقاتلين والجنود المشاركين في معركة تحرير الموصل يفوق الـ50 ألفاً.
وانتهى الجيش الأميركي، مساء الأربعاء، من نصب جسر عائم على نهر دجلة شرق الموصل سيسهم في تسهيل انتقال القوات بسرعة كبيرة إلى الموصل، بعد تفجير "داعش" الجسر السابق على نهر دجلة لإعاقة تقدم القوات. وخطوة الجيش الأميركي أتت بعد أيام من نصب جسرين مماثلين، الأول يربط مدينة مخمور جنوب شرق الموصل بناحية القيارة جنوب الموصل، والثاني فوق نهر الزاب في ناحية الكوير التابعة لقضاء مخمور ويربط الناحية بقضاء الحمدانية جنوب نينوى، وكلها تستخدم لتنقل القوات المهاجمة، وجرت تحت إشراف أميركي.
في غضون ذلك، أكد محافظ نينوى، نوفل العاكوب، قرب موعد انطلاق معركة تحرير الموصل، موضحاً في بيان له أمس الأربعاء، أن ساعة الصفر هي بيد رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، ومبيناً أن القوات التي ستحرر الموصل من اختصاص رئيس الوزراء حصراً. وكشف عن تحديات كبيرة أمام المعركة، أبرزها "وجود أكثر من مليون مواطن داخل المدينة".
إلى ذلك، قال القيادي في قوات العشائر المناهضة لتنظيم "داعش"، الشيخ سعدون الشمري، إن "أبناء العشائر أكملوا الاستعدادات" لمعركة الموصل، مشيراً إلى أن مجموعاتها القتالية تضم "نحو 5 آلاف مقاتل، وهناك 6 آلاف آخرون سيصلون خلال يومين"، وفق تأكيده. وأضاف في حديث إلى "العربي الجديد" أن "القوات العشائرية والمتطوعين سيقاتلون إلى جانب البشمركة ولن يكون هناك بالإمكان التعاون مع مليشيات الحشد كون هدفها ليس تحرير المدينة بل تنفيذ أجندة إيرانية معروفة، وفق قوله.