وخلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، ملس ألم، أول من أمس، إن "سبب فشل مفاوضات الخرطوم هو عدم جدية وعدم تعاون الجانب المصري، وطرحه اتفاقية 1959 في المفاوضات". وتمنح الاتفاقية، الموقعة بين السودان ومصر، القاهرة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً من مياه نهر النيل، بينما تحصل الخرطوم على 18.5 مليار متر مكعب. وأشار ألم إلى أن "إثيوبيا تعتبر أن هذه الاتفاقية لا تعنيها"، مؤكداً أن "طرح تلك الاتفاقية يعتبر خطاً أحمر، ولا يمكن أن تتفاوض أديس أبابا حولها، ولا يمكن أن نتحدث عن اتفاقيات لم نكن طرفاً فيها". وشدد على أن "عدم جدية وعدم تعاون الجانب المصري، وطرحه اتفاقية 1959 أدى إلى عدم التوصل إلى توافق بين الدول الثلاث حول قرار مشترك بشأن سد النهضة".
وأشار أبو زيد إلى أن بلاده رأت ألا تكشف عما تم تداوله خلال اجتماعات الخرطوم، حفاظاً على الروح الإيجابية، ولإتاحة الفرصة لاستكمال المناقشات بهدف التوصل إلى اتفاق خلال اجتماعات مقبلة، فيما كان واضحاً أن تصريحات المسؤول الإثيوبي وتحميل مصر مسؤولية فشل جولة الخرطوم تسببت في حرج بالغ للجانب المصري أمام الرأي العام الداخلي.
وأضاف أبو زيد، في تصريحات صحافية، أن شكري وجّه، الأربعاء الماضي، دعوة إلى نظيريه السوداني والإثيوبي لحضور اجتماع ثانٍ يعقد في القاهرة لاستكمال المناقشات. واعتبر أن مرونة مصر في هذا الملف تتضح من خلال الاقتراح الذي طرحته بمشاركة البنك الدولي في المفاوضات الثلاثية، وغير ذلك من الاقتراحات التي قدمتها خلال اجتماعات الخرطوم.
من جهته، أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أمس الجمعة، أن مصر وجّهت الدعوة لعقد اجتماع بالقاهرة يوم 20 إبريل/ نيسان الحالي، لوزراء الخارجية والري ورؤساء المخابرات في كل من مصر وإثيوبيا والسودان، ما يؤكد حرص مصر على التوصل إلى تفاهم مشترك. ولفت شكري، في تصريحات صحافية، إلى أنه يتم العمل حالياً في إطار زمني محدد وهو شهر من عقد الاجتماع التساعي الأول، وبالتالي ينتهي الموعد في يوم 5 مايو/ أيار المقبل. وأضاف أن هناك مساراً تم وضعه من خلال هذا الاتفاق ولكنه تعثر.
وحول ما إذا كان الاجتماع في الخرطوم لم يستطع الوصول لاتفاق محدد، قال شكري "إن الاتفاق لا بد أن يأتي بنتيجة وهي أن يتحرك المسار الفني، وأن يتاح للدراسات أن تنتهي وتخرج إلى النور، وهذا هو النجاح".
وفي السياق، أفادت مصادر دبلوماسية مصرية بأن مصر ستتمسك بضرورة وجود وسيط دولي خلال الفترة المقبلة ليكون شاهداً على مسار المفاوضات، مشيرة إلى أنه في حال إصرار أديس أبابا على موقفها، فإن القاهرة ستكون بصدد إجراءات دبلوماسية، مستبعدة تماماً اللجوء للحل العسكري.من جهتها، دعت مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية، أماني الطويل، لضرورة تصعيد قضية أزمة سد النهضة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ووفقاً لما قالته الطويل، في تصريحات إعلامية، فإن مصر استهكلت "الكثير من الوقت في قضية سد النهضة، ولا بد من اللعب على الورقة الرابحة في أسرع وقت لإنهاء الأزمة"، في إشارة لمجلس الأمن.
في غضون ذلك، قالت المصادر الدبلوماسية السودانية في القاهرة، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، إن النصف الثاني من إبريل/ نيسان الحالي سيشهد عدداً من الاجتماعات المشتركة مع الجانب المصري، في إطار تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم الاتفاق عليها خلال اجتماع الرئيسين السوداني عمر البشير والمصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، في مارس/ آذار الماضي، إضافة إلى متابعة مخرجات الاجتماع الرباعي، الذي ضم وزيري خارجية البلدين ورئيسي جهاز الاستخبارات، في فبراير/ شباط الماضي.
وأشارت المصادر إلى أنه عقب انعقاد القمة العربية المرتقبة في الرياض، غداً الأحد، ستنعقد في القاهرة لجنة التشاور السياسي بين وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، ونظيره المصري، سامح شكري، وذلك قبل التوجه إلى الخرطوم لعقد ثاني جولات الاجتماع الرباعي، بحضور رئيسي جهاز الاستخبارات في البلدين. وأوضحت المصادر أنه من المنتظر أن تتطرق الاجتماعات إلى مراجعة التعهّدات التي قدمها الطرفان بشأن الأمور المشتركة.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن السودان أوفى بكل ما تعهّد به، وبالتحديد في ملف سد النهضة، إذ أدى دوراً كبيراً في تقريب وجهات النظر بين القاهرة وأديس أبابا، وهو ما أقرّ به الجانب المصري نفسه، لكن الظروف لم تكن مواتية خلال الاجتماع التساعي الذي استضافته الخرطوم أخيراً، بسبب الظروف السياسية غير المنتظمة في إثيوبيا، وقدوم رئيس وزراء جديد مقيّد بمجموعة من العوامل السياسية والعرقية في بلاده. وأشارت المصادر إلى أن ما يوضح اقتناع الجانب المصري بالخطوات السودانية وجديّتها هو التقدم في مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، وزيارة وزير الكهرباء المصري، محمد شاكر، إلى الخرطوم، الأسبوع الماضي، لبحث الإجراءات العملية للشروع في تنفيذ المشروع "العملاق".