قام عدد من الشبان، مساء اليوم الخميس، بحرق نقطة حراسة أمنية وإشعال عجلات مطاطية وإغلاق الطريق الرئيسي بحي التضامن، وسط العاصمة تونس.
ويعتبر حي التضامن من أكبر الأحياء الشعبية وسط العاصمة، ويضم نسبة مرتفعة من العاطلين من العمل، وقد عرف أيام الثورة التونسية تحركات واسعة.
وقال مواطنون من حي التضامن، لـ"العربي الجديد"، إن "رائحة القنابل المسيلة للدموع غمرت منازلهم، وهناك حالة من الاحتقان".
وأوضح مواطن، يدعى كمال، وهو عامل يومي، أنّ "الاحتجاجات انطلقت بالقرب من البلدية ثم اجتاحت وسط حي التضامن"، لافتاً إلى أن "قوات الأمن أطلقت القنابل المسيلة للدموع، ويبدو أنها انسحبت من الحي بعد أن رشق المحتجون الأمن بالحجارة".
وبحسب الشاهد، فقد "رفع المحتجون عدة شعارات وطالبوا بتأمين فرص العمل".
وأشار إلى أنّ "السكان متخوفون الآن من اتساع رقعة الاحتجاجات لتشمل أحياء مثل النقرة والانطلاقة ودوار هيشر"، وهي من الأحياء الفقيرة والمهمشة والتي يعاني شبابها من البطالة.
في موازاة ذلك، حذرت الحكومة التونسية من إمكانية استغلال الجماعات "الإرهابية" حالة الانفلات الأمني للتسلل وسط المحتجين وتنفيذ هجمات.
وتأتي تحذيرات الحكومة، التي أطلقتها في بيان رسمي، تزامناً مع رصد تحركات مريبة بجبل "الشعانبي" المتاخم لمحافظة القصرين (وسط غرب البلاد)، التي تشهد انتشاراً للاحتجاجات والمواجهات.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع، المقدم بلحسن الوسلاتي، لـ"العربي الجديد"، إن "عنصراً عسكرياً متمركزاً بالجبل رصد وجود تحركات مشبوهة لمجموعة تتكوّن من سبعة أفراد غير مسلحة تتوجه من المدينة نحو الجبل".
وأضاف أن "مروحية عسكرية حلّقت فوق المكان للتثبّت من المجموعة، وتولّت قوة عسكرية القبض عليهم ليتم استجوابهم حول أسباب صعودهم للجبل".
ولم تستبعد مصادر برلمانية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إمكانية إعلان حضر التجوّل في المحافظات التي تشهد أعمال عنف واحتقان خلال الساعات المقبلة.
ويذكر أن حظر التجول قد أعلن منذ ثلاثة أيام في محافظة القصرين، وقد أقدم عدد من المحتجين على خرقه والتظاهر ليلاً.
وسبق للرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، أن أعلن حالة الطوارئ في البلاد منذ 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وجرى تمديدها في 24 ديسمبر/ كانون الأول إلى غاية 11 فبراير/ شباط 2016.
وفي إطار السعي للتخفيف من حدة الاحتقان، قدم بيان رئاسة الحكومة عدد المنتفعين من كل محافظة بآليات التشغيل التي تشرف عليها وزارة التشغيل والتكوين المهني، ليبلغ العدد الإجمالي 126315 شاباً منتفعاً على المستوى الوطني، إلى جانب تسوية وضعية 3035 من المعنيين بالآلية 16 (آلية تشغيل مؤقتة وبأجر أدنى).
وفي إطار العمل على التخفيف من حدة البطالة، فإن 13000 مشروع صغير سيتم إحداثها، خلال هذه السنة، وسيتم تمويلها من طرف البنك التونسي للتضامن (بنك عمومي متكفل بالمشاريع) باعتمادات تتجاوز الـ156 مليون دينار على المستوى الوطني (حوالي 70 مليون دولار)، وسيكون للجهات الداخلية المحرومة والفقيرة ما يفوق النصف من عدد المشاريع المحدثة.
"النهضة" تدعو للتهدئة
سياسياً، عبّرت حركة "النهضة" عن تفهّمها "المطالب المشروعة في الشغل ومقاومة الفقر والتهميش باعتبارها من صميم مطالب ثورة الحرية والكرامة"، داعية، في الوقت نفسه، للمحافظة "على سلمية التحركات وتجنب كل أنواع العنف أو المساس بالممتلكات العامة والخاصة".
كما دعت في بيان، إلى "التهدئة، خصوصاً بعد نجاح المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص"، وحثت الحكومة على تنفيذ البرامج والمشاريع المقررة، وتركيز الجهود على التشغيل والتنمية المتوازنة، "كما تدعوها للبحث عن إقرار برامج عاجلة في الغرض".
ونبّهت إلى خطورة توظيف المطالب الشرعية للفئات والمناطق المحرومة واستثمارها لخدمة أجندات جهات حزبية معروفة.
في السياق ذاته، قال عدنان منصر، أمين عام "حزب تونس الإرادة"، الذي يتزعمه المنصف المرزوقي، إن "الأحداث في القصرين تتصاعد والاحتجاجات تنتشر وتتوسّع رقعتها إلى جهات أخرى منذرة بالأسوأ".
وتساءل عن حدوث ذلك بعد "أسبوعين فقط بعد تحوير وزاري أراد أصحابه أن يوهمونا أنه جاء بعد تقييم عمل الحكومة".
واعتبر منصر أنه "تحوير فاشل لم يقدم أي رسالة من الرسائل المنتظرة".
إلى ذلك، دعا المتحدث باسم الجبهة الشعبية اليسارية، حمة الهمامي، المتظاهرين إلى المحافظة على الطابع السلمي للاحتجاجات وعدم فسح المجال لتشويهها من خلال أطراف تسعى إلى تأجيج الوضع.
وطالب بعدم الاعتداء على مراكز الأمن والمؤسسات مع الحذر من المندسين.
كذلك، اعتبر القيادي بالجبهة، منجي الرحوي، أن "الاحتقان الشعبي كان متوقعاً. والسبسي ليس لديه إلا همّ واحد وهو توريث ابنه وإنقاذ النهضة".
اقرأ أيضاً:تونس: اتساع رقعة الاحتجاجات والصيد يعود إلى البلاد