يهدّد شلل حراك تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى، وتصاعد حدّة الأزمات السياسية التي يمرّ بها العراق، مستقبل العملية السياسية في البلاد، ما يجعل الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات عدة، وسط دعوات لتجنب الكتل السياسية لخلافاتها، والتوجه إلى تشكيل حكومة جديدة، تحت ضغط تظاهرات الجنوب.
وبحسب ما قال قيادي بارز في "تحالف النصر" الانتخابي ببغداد لـ"العربي الجديد"، فإنّ "رئيس الحكومة حيدر العبادي يواجه عمليات إضعافٍ متعمدة لحكومته، في مسعى لإفقاده آخر فرص حصوله على ولاية ثانية".
ويضيف المصدر أنه "خلال الأيام الماضية، جرت محاولات ضرب كبيرة للحكومة لإضعافها، فأطراف مقربة من إيران تعتقد أن العبادي يسعى إلى حكومة إنقاذ، في حال فشل بالحصول على ولاية ثانية، لذا فهي تحاول قطع الطريق عليه"، معتبراً أن "تصاعد هجمات داعش شمال وغرب العراق، واندلاع الاحتجاجات في الجنوب، وتردي الكهرباء والماء، ومحاولات تفكيك تحالفه (النصر)، والالتفاف مع الأكراد عليه لتشكيل تحالف بعيداً عنه، كلها محاولات يمكن وصفها بالمؤامرات".
ورأى المصدر في "تحالف النصر" أن "هناك حرباً باردةً تجري في بغداد بين الكتل السياسية، والخشية هي على الملف الأمني بالدرجة الأولى".
وأوضح أنّ "كل هذه الجبهات المفتوحة أمام الحكومة أضعفتها بشكل كبير، في وقت لا يوجد فيه تعاون ودعم من قبل الشركاء السياسيين، والذين يتحينون الفرصة لإنهاك الحكومة، بغية تحقيق مكاسب سياسية"، مؤكداً أنّ "هذه التحركات، يضاف إليها الخلاف الذي بدأ يطفو بين الكتل بشأن العدّ والفرز اليدوي، شلّت حوارات تشكيل الكتلة الكبرى، وفتحت الباب على سيناريوهات عديدة لمستقبل العملية السياسية"، واصفاً الوضع في العراق بـ"المحرج للغاية"، والذي "لا يمكن استمراره على هذه الحال غير المستقرة".
وتسعى كتل سياسية مشاركة في العملية السياسية، إلى تأليب الشارع العراقي ضدّ الحكومة الحالية، معتبرة أنّ بقاءها لا يصبّ في صالح الشعب.
ويصب في هذه الخانة ما قاله النائب عن "ائتلاف دولة القانون"، محمد الصيهود، في تصريح صحافي، من أن "الحكومة لم تستطع على مدى أربع سنوات أن تقدم شيئاً للشعب، خاصة أنها كانت بصلاحيات كاملة، وبالتالي فستكون عاجزة عن تقديم أي شيء للشعب خلال ما تبقى من عمرها"، مشدداً على أنه "في حال التجديد لولاية أخرى للحكومة، فإنها ستكون أضعف من الحكومة السابقة، كونها جاءت عن طريق تزوير"، وأنّ "الشعب لن يصمت على هذه الحكومة لأنه رافض لها، وكلما استمر بقاؤها فإنّ التظاهرات ستزداد أكثر".
ويرى مراقبون أنّ استمرار الخلافات السياسية، وسعي بعض الجهات الى افتعال الأزمات، لا يصب في صالح العملية السياسية في البلاد.
وحول ذلك، رأى الخبير السياسي، جاسم العيداني لـ"العربي الجديد"، أن "خلافات الكتل وافتعال الأزمات، تعثر من تشكيل الحكومة المقبلة، الأمر الذي فتح الباب أمام سيناريوهات عديدة لمستقبل العملية السياسية"، ومبيناً أنّ "كافة هذه السيناريوهات، سواء تشكيل حكومة طوارئ أو حكومة تصريف أعمال، لا يصب في صالح البلاد، الأمر الذي يجب فهمه من قبل الجميع، والسعي الى تجاوزه".
وشدد العيداني على "ضرورة تفهم الكتل السياسية لخطورة هذه المرحلة، والعمل على تفعيل الحوار الجاد لحسم الخلاف، والتوجه نحو حكومة جديدة".
يذكر أن العراق يشهد تظاهرات واحتجاجات واسعة غاضبةٍ من تردي الخدمات، بينما تنتظر الكتل السياسية نتائج العدّ والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 من مايو/أيار الماضي، وسط خلافات مستمرة بين الكتل بغية تحقيق مكاسب خاصة.