ويعتبر هذا التفجير الأعنف من نوعه منذ نحو شهر، وأصدر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بياناً، تبنى فيه تفجير الكرادة، مشيراً إلى أنّ انتحارياً يدعى أبو مها العراقي فجّر نفسه، متوعداً بمزيد من العمليات المماثلة. ووفقاً لمصادر أمن عراقية وأطباء في مستشفى الكندي والشيخ زايد في بغداد تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن "عدد القتلى ارتفع إلى 110، و150 جريحاً في تفجير سوق الكرادة وسط بغداد. بينما سقط 10 قتلى و30 جريحاً بتفجير متزامن ضرب سوقاً للملابس في حي الشعب شرقي بغداد، وذلك في آخر حصيلة، سُجلت، أمس الأحد، مرشحة للارتفاع بسبب خطورة حالات الجرحى وفقاً لهؤلاء.
وبحسب مصادر أمن عراقية، فإن "رئيس الوزراء حيدر العبادي أمر بفتح تحقيق وإقالة عدد من الضباط ونقل آخرين على خلفية التفجير"، مؤكدة أن "جهاز المخابرات حذر الشرطة من وجود معلومات عن مخططات لتفجيرات إرهابية تستهدف المراكز والأسواق التجارية الكبيرة في العاصمة، لكن الشرطة لم تتعامل مع تلك التحذيرات على محمل الجد"، وفقاً لهذه المصادر.
وتسود في العاصمة حالة هستيريا وغضب شعبي واسعين جراء التفجير الذي أوقع عائلات كاملة كانت تتبضع وتستعد لاستقبال العيد. واعترض العشرات من العراقيين موكب رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال دخوله حي الكرادة لمعاينة موقع الانفجار، ورشقوه بالحجارة والقناني الفارغة والأحذية، ما دفعه إلى الانسحاب من المكان من دون إلقاء كلمة مقرّرة له. ويقول مقرر لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة بغداد، غالب الزاملي إن "داعش استخدم مواد متفجرة جديدة وخطرة أشد من مادة الـ"سي فور"، بتوقيت شهد اكتظاظ المنطقة بالمتسوقين والمارة تزامناً مع موسم عيد الفطر". ويضيف الزاملي أن "حماية المنطقة التي استهدفها التفجير تقع ضمن مسؤوليات الشرطة الاتحادية ووزارة الداخلية"، محملاً وزارة الداخلية "المسؤولية الكاملة عن الحادث".
في غضون ذلك، فرضت قوات الأمن العراقية، وللمرة الأولى، إجراءات مشددة حول المنطقة الخضراء تمثّلت بنشر قوات خاصة من الجيش، وجهاز مكافحة الإرهاب، تحسباً لاقتحام المنطقة المحصنة من قبل المواطنين عقب التفجير أو خلال عملية تشييع جثث الضحايا.
ويقول المقدم فراس محمد الساعدي من قيادة عمليات بغداد لـ"العربي الجديد" إنها المرة الأولى التي تتلقى فيها قوات الأمن أمر تعزيز الإجراءات ورفع درجة الحيطة والحذر حول المنطقة الخضراء بعد التفجيرات". ويضيف أن "المنطقة الخضراء في مأمن من السيارات المفخخة لكنها ليست في مأمن من المتظاهرين"، مبيناً أنه "من غير المرجح أن تقاوم قوات الأمن أي متظاهر أو مواطن غاضب يرغب باقتحام هذه المنطقة بما أنه ليس إرهابياً"، وفقاً لقوله.
في المقابل، يحذر القيادي بالتيار الصدري، محمد البصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، مما يصفه "السقوط المخزي لحكام المنطقة الخضراء، في حال لم تتوقف التفجيرات". ويتوجه البصري في حديثه للمسؤولين العراقيين، قائلاً "كنتم تقولون إنّ الفلوجة والأنبار هما مصدر المفخخات، الآن هما تحت سيطرتكم، والتفجيرات مستمرة. الفاشل يبحث دائماً عما يتذرع به أمام الشعب، لكن أعتقد أن الجميع نفد صبره ونحذر من تكرار التفجيرات الدامية مع تردي الخدمات، والتي ستكون بمثابة شرارة اقتحام جديد للمنطقة الخضراء" وفقاً لقوله.
من جهته، يتوقع عضو البرلمان العراقي، محمد الجاف، سقوط حكومة العبادي، في حال تكرار التفجيرات الدامية المماثلة لتفجير الكرادة. ويوضح الجاف لـ"العربي الجديد" أنّ "النصر ليس باسترداد مدينة هنا أو هناك، بل هو أن تُفقد العدو القدرة على تهديد بغداد، وإزهاق أرواح المدنيين كل يوم بالعشرات".