كشفت مصادر برلمانية مصرية، أن رئيس البرلمان، علي عبد العال، كلف رؤساء اللجان النيابية، هاتفياً، بصياغة اقتراحات أدلى بها الرئيس، عبد الفتاح السيسي، في مشاريع قوانين فور انتهاء الإجازة البرلمانية، وعودة مجلس النواب إلى الانعقاد مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ومناقشة عدد من الاقتراحات بقوانين، للحد من الزيادة السكانية، ومكافحة جرائم الإنترنت، فضلاً عن تنظيم الإعلام.
وكان السيسي قد أورد في خطابه أمام مؤتمر الشباب في مدينة الإسكندرية أخيراً، مجموعة من المواقف والآراء التي تحولت إلى مادة للسخرية بالنسبة إلى طيف واسع من المصريين، على سبيل المثال اعتباره أن الزيادة السكانية تُعادل الإرهاب في خطورتها. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن لجنة الأمن القومي في البرلمان ستعمل على تمرير عدد من التشريعات، أبرزها مشروع قانون بقصر دعم السلع التموينية، والإنفاق على المراحل التعليمية للطفلين الأول والثاني فقط، وإدخال تعديل على قانون الخدمة المدنية، بخفض عدد إجازات الوضع للمرأة العاملة من ثلاث مرات إلى مرتين. وأشارت المصادر إلى طرح التعديل التشريعي المؤجل على قانون العقوبات، بشأن تشديد عقوبة إهانة رئيس الجمهورية، أو أحد رموز الدولة، بالحبس لمدة ثلاث سنوات، تمهيداً لإقراره مطلع دور الانعقاد الجديد، والذي تستهدف نصوصه منتقدي السيسي على مواقع التواصل الاجتماعي، والمقدم من رئيس اللجنة، المدير السابق للاستخبارات الحربية، كمال عامر.
وأفادت المصادر بشروع اللجنة في حسم بعض تشريعات مكافحة الجريمة الإلكترونية، سواء المقدمة من الحكومة أو النواب، بدعوى مواجهة انفلات مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال توقيع عقوبتي الحبس والغرامة للمتورطين في نشر المعلومات الخاطئة، التي لا تراعي اعتبارات المصلحة العامة، أو من شأنها الإضرار بالأمن القومي للبلاد. ويُلزم مشروع القانون المقدم من نائب حزب المصريين الأحرار، رياض عبد الستار، بإصدار ترخيص لكل مستخدم للإنترنت من خلال بطاقة الرقم القومي، مع منح جميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مهلة أقصاها 6 أشهر من تاريخ العمل بالقانون، لسهولة وصول الجهات الأمنية للحسابات التي تنشر مواد تحريضية على "فيسبوك". وتكثف لجنة الثقافة والإعلام من اجتماعاتها، فور العودة للانعقاد، للانتهاء من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، الذي يُقيد عمل الصحافيين، من خلال ضوابط لإصدار الوسيلة الصحافية أو الإعلامية، وينص على عقوبات مالية ضخمة، سواء بحق المؤسسات أو الأفراد، حال الإخلال بعدد من الضوابط المنصوص عليها في القانون.
الإجراءات الجنائية
وقطعت اللجنة التشريعية، الإجازة النيابية، لعقد جلسات استماع، في 2 و8 و9 أغسطس/آب الحالي، للمختصين بالتعديلات الأكبر للحكومة على قانون الإجراءات الجنائية، والتي قلصت ضمانات التحقيق مع المتهمين، وجعلت من الاستماع إلى الشهود سلطة جوازية لرئيس المحكمة، بدعوى تسريع وتيرة المحاكمات، والقضاء على بطء التقاضي. وتستهدف التعديلات، التي طاولت 270 مادة من مجموع 560 مادة، تصدي محكمة النقض في الموضوع، بدلاً من إعادة الدعوى، والفصل في إجراءات رد هيئتها في المرافعات، خلال أسبوع واحد، مع منع الشخص المُدرج على قوائم الكيانات الإرهابية من ممارسة أي نشاط دعوي أو اجتماعي، وحظر نشر أسماء القضاة والمتهمين والشهود، إلا بإذن من المحكمة.
قانون العمل
ومن التشريعات ذات الأولوية قانون العمل الجديد، الذي ينظم أوضاع نحو 18 مليون عامل في القطاع الخاص، وضربت نصوصه بالدستور عرض الحائط، بعدما قنّنت عمالة الأطفال دون السن القانونية، وجرّمت تنظيم الإضراب، ومنحت أصحاب الأعمال الحق في فصل أي عامل حال تقاعسه عن أداء عمله، واستثنت عمال الخدمة المنزلية من أحكامه. وحالت الاعتراضات العمالية الواسعة دون تمرير القانون في دور الانعقاد الماضي، وإرجاء مناقشاته إلى نهاية العام الحالي، إلى حين تعديل النصوص المخالفة للدستور، خصوصاً المتعلقة بإجراءات الفصل التعسفي، والسماح بعمالة الأطفال في عمر 13 عاماً تحت مسمى "التدريب"، وحظر الدعوة للاعتصام أو الإضراب في المنشآت التي تقدم الخدمات الأساسية للمواطنين.
الطلاق الشفهي
ويتمسك البرلمان، الموالي للسيسي، بتعديل قانون الأحوال الشخصية، في ما يتعلق بتوثيق الطلاق الشفهي، على الرغم من إقرار هيئة كبار العلماء، برئاسة شيخ الأزهر، أحمد الطيب، بوقوع الطلاق الشفهي، من دون اشتراط توثيق أو إشهاد، وذلك بإلزام الزوج بتوثيق عقد الطلاق خلال مُدة محددة، مع معاقبة الممتنع عن توثيق الطلاق. ونص مشروع القانون المقدم من عضو ائتلاف الغالبية، عبلة الهواري، على "ضرورة توثيق المطلق للعقد لدى الموثق المختص خلال 30 يوماً من وقوع الطلاق، مع تسليم الموثق نسخة إشهاد الطلاق إلى المطلقة، أو من ينوب عنها، وفق الإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل. وتترتب آثار الطلاق من تاريخ وقوعه".
قوانين مؤجلة
وبحسب المصادر فإنه ليس في حكم المؤكد حسم قانون الإدارة المحلية، رغم كونه أحد التشريعات المكملة للدستور، لرغبة النظام بترحيل ملف الانتخابات المحلية برمته إلى الولاية الثانية للسيسي، بعد وعود لم تطبق عن إجرائها على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، لغياب الإرادة السياسية، وتلقف رئيس البرلمان لأوامر رئاسية بتجميد القانون. إلى ذلك، تجاهلت موازنة السنة المالية 2017 - 2018، تخصيص الاعتمادات المالية لقانون التأمين الصحي الشامل، الخاصة بتطوير البنية التحتية للمستشفيات العامة، رغم إعلان رئيس الحكومة، شريف إسماعيل، في مارس/آذار الماضي، أن "مشروع القانون سيكون قابلاً للتنفيذ قبل نهاية العام الحالي، وتشمل مرحلته الأولى 5 محافظات من مجموع 27 محافظة". ويستبعد قطاع عريض من النواب إقرار القانون في وقت قريب، لانعدام البنية الأساسية للمستشفيات الحكومية والخاصة على حد سواء، والذي تعزو الحكومة تأخر إرساله إلى البرلمان، لعدم انتهاء الدراسة الاكتوارية بشأن قيمة التمويل اللازم لتطبيق النظام الجديد في جميع المحافظات المصرية، والذي من المتوقع أن يتجاوز المائة مليار جنيه. تشريع آخر مُكمل للدستور يبدو أنه لن يرى النور قريباً، والخاص بمفوضية المساواة ومنع التمييز، إذ يرفض رئيس البرلمان إدراج المشروع المقدم من النائبة المعينة، أنيسة حسونة، على جدول الأعمال، والذي يُلزم الدولة بوضع سياسات، وبرامج تكفل المساواة، وتمنع التمييز بين المواطنين، مع جواز إقرار التمييز الإيجابي لبعض الفئات.