تقف الحكومة الأردنية برئاسة عمر الرزاز، اليوم، تحت ضغطٍ شعبي هائل، بفعل التحركات الاحتجاجية الجدیدة للشباب العاطلین عن العمل، والمتمثلة بتسییر مسیرات حاشدة إلى العاصمة عمان، وبالتحديد إلى الديوان الملكي، مطالبين بفرص عمل لهم تنتشلهم من البطالة ومتلازماتها من فقر وجوع وإحساس بالظلم والحرمان.
وتؤشر الوعود التي حصل عليها من رئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي، أول الواصلين، وهم شباب العقبة، والتي تتحدث عن توفير فرص عمل خلال أسبوعين في وظائف بالسلك الأمني، والشركات، إلى أن أصوات أبناء المحافظات ومعاناتھم، تُسمع بوضوح أكبر عندما تصل إلى عمّان، كما أن جرس الإنذار يصل صوته إلى أصحاب القرار، ما ينذر بانطلاق المزيد منها.
وتكشف جميع التفاصيل المرتبطة بمسيرات العاطلين عن العمل من المحافظات إلى العاصمة، بوضوح، أن أساس المشكلة وجذورها سياسية بامتياز، فالمحافظات تعاني من الإهمال، فيما مجلس النواب الأردني يقف وسط جمهور المتفرجين، والحكومة عاجزة عن اجتراح الحلول، ورئيس الديوان الأردني يقدم وعودا غير محمودة العواقب، بتعيين المئات في دولة يصل عدد العاطلين عن العمل فيها فيها إلى ما يزيد عن النصف مليون مواطن، مسجلة أسماؤهم في ديوان الخدمة، ومكاتب العمل والتوظيف.
وقال عضو مجلس النواب الأردني نبيل غيشان لـ"العربي "الجديد"، إن حكومة عمر الرزاز استنفذت رصيدها الشعبي ولدى مجلس النواب سريعاً، بسبب عجزها عن تقديم ما هو مأمول منها، إضافة إلى ارتكابها العديد من الأخطاء المجانية خلال فترة وجيزة، وما مسيرات العاطلين عن العمل إلا مثال واضح على كيفية إدارة الفشل.
وأشار إلى أن "ظاهرة المسيرات الاحتجاجية باتجاه العاصمة، باتت تقلق الحكومة، وتشكل ضغطاً على كل أجهزة الدولة، لأنها تغذي كل الحركات الاحتجاجية"، معتبراً أن سياسات الاسترضاء للأفراد والجماعات التي مارستها الحكومات المتعاقبة، تشكل سبباً رئيسياً في تراكم المشاكل وغياب الحلول الحقيقية.
ورأى غيشان أن هذه المسيرات هي رسالة للحكومات وللدولة بشكل عام، حول فشل خطط التوظيف والتشغيل، والحديث عن خلق فرص العمل، بشكل مستمر.
وبحسب عضو مجلس النواب الأردني، فإن "الحكومة اليوم في وضع لا تحسد عليه، فإن هي استجابت ووفرت مئات فرص العمل للمحتجين، فالأمر لن يتوقف هنا، بل سيتشجع مئات غيرهم ليحذوا حذوهم، مؤكداً على ضرورة وضع استراتيجيات اقتصادية جديدة لمكافحة البطالة، يكون لها آثار ملموسة على الأرض".
وحول استقبال رئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي للمحتجين، اعتبر غيشان أن لا علاقة للديوان الملكي بهذا الموضوع، ما يشكل بحسب رأيه تدخلاً غير محمود، فالسلطة للحكومة وهي المسؤولة عن كل ما يجري، ومسؤولة كذلك عن تقديم الحلول للمسؤوليات التي تقع على عاتقها.
بدوره، رأى القيادي الإسلامي البارز زكي بني إرشيد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مسيرة العاطلين عن العمل "حدث مفاجئ في شكلها، وليس في مضمونها، وبصرف النظر عن الترتيبات التي رافقت المسيرة، فإنها تعتبر أحد أنواع التجدد في الاعتراض والتعبير عن الأزمة الاقتصادية والضائقة الاجتماعية وحالة الاحتقان السياسي".
واعتبر أن "المهم في الموضوع هو أن الحاجة والضرورة ستولدان أشكالاً جديدة من حركات الاحتجاج والاعتراض، وأن المعالجات الجزئية مسكنات مرحلية، لن يطول أثرها ومفعولها، وتعبر عن فشل الإدارة باعتماد منهج التسويف والتأجيل والمماطلة، لأن أساس المشكلة وجذر المشكلة سياسي بامتياز، فلذا ينبغي أن تكون المقاربة سياسية أيضاً، وهذا ما يتم تجاهله حتى الآن".
من جهته، تساءل رئيس لجنة العمل النيابية خالد الفناطسة، خلال جلسة لمجلس النواب صباح اليوم الأحد، "عما فعلته الحكومة لمن قدم إلى عمان مشياً من المحافظات، وأين الـ30 ألف وظيفة التي تحدث عنها رئيس الوزراء في خطاب الموازنة العامة"؟
ودعا الفناطسة إلى أن تأخذ الحكومة زمام المبادرة، رافضاً تدخل الديوان الملكي لحلّ المشكلة، مضيفاً أن ما حصل "أثار امتعاض العاطلين عن العمل".
يذكر أن الحكومة الأردنية حاولت أن تستدرك ضعفها في إدارة الأزمة، والتي رحلها فشلها إلى "الديوان"، وذلك عبر تصريح لوزير العمل أمس الأول، أكد فيه أن فرص العمل التي تحدث عنها رئيس الديوان الملكي ستكون بالتنسيق مع الحكومة، مشيراً إلى أن فرص العمل التي أعلنت عنها الوزارة "ليست وليدة اللحظة، وإنما تأتي ضمن مشروع النهضة الذي أطلقته الحكومة".
ولا تزال مسيرات العاطلين عن العمل تنطلق من المحافظات إلى عمان، لكن یجب ألا یغیب عن البال أن الاحتجاج المتوقع بسبب البطالة وأزمتھا المستعصیة لا یمكن أن يقف عند الأطراف والمحافظات، فالعاصمة عمان، تضم بدورها عشرات الآلآف من العاطلين عن العمل.
ووفق أرقام دائرة الإحصاء حول البطالة في الأردن، يبلغ معدل البطالة 18.6 في المائة، ومعدّل البطالة بين الذكور أقل منه عن المعدل بين النساء. وبحسب ديوان الخدمة المدنية، فإن عدد طلبات التوظيف المقدمة إلى الدیوان وصل إلى نحو 390 ألفاً.