يستعدّ الاتحاد الأوروبي لدخول مرحلة جديدة في تدخله العسكري قبالة السواحل الليبية، مع موافقة وزراء خارجية دوله الأعضاء في لوكسمبورغ، الاثنين الماضي، على تعزيز "عملية صوفيا"، التي تقوم بها القوات البحرية الأوروبية للتحكم بمسألة الهجرة السرية وتهريب السلاح إلى ليبيا، وتمديد مهامها لعام إضافي وتفويضها بإطلاق ثلاثة برامج لتدريب حوالي 100 عنصر من قوات البحرية وخفر السواحل الليبية.
ويأتي هذا القرار وسط تشكيك بصوابيته ونتائجه، على الرغم من حصوله على غطاء أممي، تمثّل بموافقة مجلس الأمن أخيراً على مشروع قرار أوروبي يجيز توسيع عمليات القوات البحرية المنخرطة في إطار عملية "صوفيا" لمراقبة حظر الأسلحة على ليبيا، من خلال تفتيش السفن دون موافقة الدول التي تحمل أعلامها إضافة إلى القوارب التي يعتقد أنها تقل مهاجرين إلى أوروبا.
ويشكك عدد من المراقبين بفعالية هذا القرار الهادف إلى مصادرة الأسلحة لأنها، وبحسب قناعاتهم، تصل بأكثريتها عن طريق البرّ لا البحر. ويستند هؤلاء إلى كلام فريق الخبراء في الأمم المتحدة بهذا الشأن، مؤكدين أن الخطر يتربص بالعديد من الدول الواقعة على الساحل الأفريقي نتيجة انتشار "الإرهاب الدولي" في المنطقة.
ويؤكد أكثر من خبير ومراقب، في هذا الصدد، على أن المشاكل التي يكون مصدرها البر لا يمكن حلها في البحر. وبالتالي المطلوب هو البحث عن خطة لتنفيذها على الأرض، لا سيما أن ليبيا تربطها حدود بست دول وتمتد على مساحة آلاف الكيلومترات في ظل غياب أمني، يسمح بتدفق الآلاف من المهاجرين إلى السواحل الإيطالية ومنها إلى وسط أوروبا. مع العلم أن هدف الدوريات المشتركة لـ"عملية صوفيا" لا يقتصر على محاربة المهربين إنما إنقاذ المهاجرين من الغرق. وهذا ما يعزز فكرة أن هذا النوع من التدابير لا يمكن أن يحقق الغاية من العمليات المناطة بتلك القوات في البحر، إنما سيزيد من التوجس الأوروبي حيال ارتفاع عدد الغارقين في البحر كون المهاجر ليس لديه ما يخسره أساساً.
في المقابل، تعكس المشاورات في دوائر الاتحاد الاوروبي أجواء من التفاؤل حيال قرار تعزيز قدرات ومهام "عملية صوفيا". ويرى البعض أن هذا القرار يفسح المجال أمام إمكانية تغيير في المنهجية المتبعة في العمليات الإنسانية والأمنية، إضافة إلى نيّة إيطاليا تزويد خفر السواحل الليبية بـ10 قوارب للدوريات وبالتالي المشاركة الفعلية لطرابلس في وقف عمليات تهريب البشر عبر المتوسط ولإنقاذ حياة الآلاف من الأشخاص، من خلال اعتراض القوارب المتهالكة التي يستخدمها المهربون ومقاتلة العصابات الإجرامية في أعماق البحار والحد من تدفق السلاح إلى الأراضي الليبية، كون معظم عمليات التسلح تتم عن طريق البحر وتستفيد منها المنظمات الإرهابية. وتندرج هذه الخطوات العملانية في إطار توجه سلمي، سبق للمبعوث الأممي، مارتن كوبلر، أن عبّر عنه في مجلس الأمن أخيراً بقوله: "إن ليبيا تسبح في بحر من الأسلحة، وهي تؤجج الصراع، وعلينا وقفها إذا ما كان ثمة أمل في الوصول إلى السلام في ليبيا".
في هذا الإطار، يبرز عزم الحكومة الألمانية على وضع إطار للإجراءات اللازمة من أجل توسيع نطاق مشاركتها في "عملية صوفيا" قبالة السواحل الليبية، وهو الأمر الذي بدأ البرلمان الألماني بمناقشته أمس الجمعة، قبل دخول العطلة الصيفية. وتنوي ألمانيا زيادة مشاركتها الحالية المؤلفة من سفينتين وحوالي 400 جندي.
تجدر الإشارة إلى أن تقريراً لوكالة "فرونتكس"، المختصة بمراقبة حدود دول الاتحاد الأوروبي، صدر هذا الأسبوع ويقدّر وصول 300 ألف مهاجر هذا العام من ليبيا عبر المتوسط إلى دول الاتحاد، وبمعدل 10 آلاف شخص أسبوعياً.