لم يتخطَّ إجمالي النواب المصوّتين على قرارات القوانين الصادرة قبل انتخاب البرلمان المصري، 475 عضواً من أصل 596 نائباً، مع بدء جلسات اليوم الرابع والأخير، أمس الأربعاء، للتصويت على هذه القرارات. وكان 134 عضواً رفضوا قرار القانون رقم 89 لسنة 2015، الصادر من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بشأن حالات إعفاء رؤساء الأجهزة الرقابية من مناصبهم، مقابل موافقة 328 عضواً، وامتناع 13 عن التصويت.
وخلال الجلسات السابقة لتمرير القوانين، لم يتعدَّ التصويت على أي قانون هذا الرقم من إجمالي 322 تشريعاً تمت الموافقة عليها، في ظل تأجيل رئيس البرلمان علي عبدالعال، الجلسة الصباحية، أمس، لمدة نصف ساعة، لعدم اكتمال النصاب القانوني، وبدْء جلسة الأمس في حضور 338 نائباً فقط، وتمرير أغلب القوانين بموافقة أقل من ثلثي أعضاء المجلس.
وكشف التصويت الإلكتروني، المطبَّق حديثاً، حالة الارتباك التي ظهر عليها النواب، وتصويت بعض الأعضاء عن زملائهم الغائبين عن الجلسة بعد تسجيل حضورهم، سواء من المنصرفين لأعمالهم الخاصة، أو المتواجدين داخل البهو الفرعوني، وطرقات المجلس التشريعي أغلب الوقت.
ولعدة مرات، لم تتطابق أعداد المصوّتين مع إجمالي الحضور، ما دفع رئيس المجلس لطلب إعادة التصويت، بسبب التصويت بـ"الوكالة" من قِبل بعض الأعضاء، ما يدفع بعدم دستورية القوانين التي مُرّرت، في ظل توثيق عدد من حالات التزوير، وتصويت النواب عن بعضهم.
اقرأ أيضاً: رئيس برلمان مصر لـ"النواب": المناقشة لا تفيد..وافقوا على القوانين
ورصد مراسل "العربي الجديد" تصويت النائبة عن ائتلاف "دعم مصر" بقطاع الصعيد، سحر صدقي، عن العضوين المجاورين لها، أثناء تواجدهما خارج القاعة، عند تمرير 38 قانوناً دفعة واحدة، للقوانين الخاصة بهيئات البترول والثروة المعدنية، والقرارات الخاصة بها، مساء الثلاثاء.
وكان عدد من المواقع قد تداول مقطع فيديو نُسب للنائب المستقل عن محافظة الغربية، محمد الشورى، وهو يصوّت إلكترونياً عن ثلاثة من زملائه لم يكونوا حاضرين جلسة المجلس، وهو ما اعترف به البرلماني، مبرراً ذلك بأنه "خطأ غير مقصود، والتصويت كان بهدف تسجيل حضور زملائه لاكتمال النصاب القانوني، وليس التصويت على قرار بقانون".
وانتقد وزير الدولة للشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، تصويت النواب نيابة عن بعضهم، قائلاً في تصريحات إعلامية، إن التصويت بالوكالة يؤدي إلى "التشكيك في مصداقية تصويت أعضاء البرلمان على القوانين، وإن الحكومة لا دخل لها بهذا الأمر". كما كان لافتاً ما رصده مقطع فيديو آخر لوكيل المجلس النائب عن "دعم مصر"، السيد محمود الشريف، وهو يصوّت عن أحد زملائه على أحد القوانين، وهو ما نفاه وكيل البرلمان، وأبدى استعداده للتحقيق بشأن الواقعة.
كما شهدت جلسة يوم أمس، طرد رئيس البرلمان نائبين اعتراضاً على تمرير قانون الطعن على عقود الدولة، بعد أن لجأ إلى تصويت الأعضاء، بدعوى مخالفتهما للتقاليد البرلمانية، وطريقة إعطاء الكلمة، وهما النائب المستقل أحمد الطنطاوي، ونائب حزب "مستقبل وطن" ضياء الدين داود.
وحذر أستاذ القانون في جامعة الزقازيق، محمد نور فرحات، من أن الطريقة التي يتم فيها تمرير القوانين خلال جلسات مجلس النواب تهدد بحدوث انهيار تشريعي، على حد وصفه. وقال فرحات في تصريحات على حسابه بموقع "فيسبوك": "الأمر لم يعد يحتمل السكوت، أو عرض أنصاف الحقائق"، مضيفاً: "الطريقة التي يناقش بها مجلس النواب حالياً القرارات الرئاسية بقوانين، تُهدد بحدوث انهيار تشريعي، وسياسي بالبلاد".
وأوضح أن "المادة 156 من الدستور تطلّبت مناقشة القوانين قبل إقرارها، وإلا زال ما لها من قوة القانون بأثر رجعي، من دون حاجة إلى قرار بذلك"، مشيراً إلى أن "مدة الخمسة عشر يوماً، هي مدة تنظيمية يمكن تجاوزها وبعض أحكام النقض تؤيد ذلك". وتابع: "ما يجري الآن ليس مناقشة لأن المادة 177 من لائحة المجلس تشترط أن تكون مناقشة القرارات بالقوانين التي يصدرها الرئيس بنفس إجراءات مناقشة المشروعات بالقوانين التي تقدم للمجلس في الأوقات العادية". وأشار إلى أن "المادتين 148 و149 من اللائحة، تشترطان أولاً الموافقة على القانون من حيث المبدأ، ثم الموافقة على مواد القانون مادة مادة، مناقشة وتصويتاً".
فرحات الذي شغل عضوية الأمين العام للمجلس الاستشاري للمجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة يناير 2011، شدد على أن "ما يجري الآن ليس مناقشة، وهو مخالف للدستور، وعملية صُورية بحتة"، مضيفاً: "تُعتبر هذه القوانين في حكم العدم من دون حاجة إلى صدور حكم قضائي من المحكمة الدستورية، وتبطل الآثار التي ترتبت على كل هذه القوانين المنعدمة ومنها انتخاب مجلس النواب ذاته لانعدام قانونه"، قائلاً: "تحت دعوى دعم مصر يدمرون المستقبل السياسي والتشريعي لمصر".
اقرأ أيضاً: البرلمان المصري يوافق على 38 تشريعا "دفعة واحدة"