تطورات أمنية جديدة شهدها ملف العملية الإرهابية التي وقعت بفندق "إمبريال" بسوسة، في شهر يونيو/حزيران العام الماضي، والتي أودت بحياة 39 سائحاً وأكثر من 40 جريحاً، إذ تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس فرقة الأمن السياحي بسوسة، والاحتفاظ بـ5 أعوان من الفرقة على ذمة البحث، بتهمة التخاذل والتقصير.
واعتمد قاضي التحقيق في القضية، وفق تصريحات إعلامية، على بعض القرائن المادية، ومنها كاميرا المراقبة الموجودة أمام مقر منطقة الأمن، والتسجيلات الهاتفية في قاعة العمليات.
وبينت القرائن والدلائل، أنّ دورية فرقة الأمن السياحي بسوسة، كانت موجودة بمنطقة القنطاوي، وأنها تلقت اتصالاً هاتفياً من قاعة العمليات، ولكن عوض التوجه على جناح السرعة إلى مكان الحادثة، عاد عناصر الأمن إلى المنطقة، وصعدوا إلى منطقة العمليات، ثم توجهوا إلى السيارة، وفككوا سلاحهم، وأعادوا تركيبه دون موجب، وهو ما اعتبر إهداراً للوقت. كما أن رئيس منطقة الأمن الوطني كان بحوزته سلاح مع 3 عناصر مسلحين، ولكنه لم يبادر لإطلاق النار على منفذ الهجوم.
وثبت وجود عنصر حرس بحري على بعد بضعة أمتار من الإرهابي المسلح، ولكن عندما همّ الأول بالنزول، فقد توازنه وسقط في البحر، أما العنصر الأمني الثاني، فنزع صدريته ولاذ بالفرار.
اقرأ أيضاً تونس تنجو من عام مفخخ: هجمات وخلايا إرهابية.. وطوارئ
ويبدو أن المستجدات الجديدة في الملف، هي التي قادت الى إيقاف عدد من الأعوان في عملية سوسة الإرهابية، وهو ما خلّف حالة من الاستياء لدى الأمنيين.
ونفّذ عدد من عناصر الأمن السياحي بسوسة، اليوم الاثنين، وقفة احتجاجية على خلفية إيقاف 5 من زملائهم للتحقيق معهم حول العملية.
واعتبر كاتب عام النقابة المحلية لقوات الأمن الداخلي بسوسة، نعيم الرمضاني، أن قرار إيقاف زملائهم الأمنيين "ظالم وجائر".
وأوضح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الفرقة المذكورة تابعة للأمن السياحي، وأن الحديث عن كاميرا مراقبة وإضاعة للوقت ووجود تقصير لا يستقيم، وهو ضرب لمعنويات الأمنيين، ومجرد قرار سياسي لإرضاء أطراف دولية، مبيناً أن "مقاومة الإرهاب ليست من مشمولات الفرقة المذكورة التي تعنى بالاسترشاد والتحري وليس بمكافحة الإرهاب".
اقرأ أيضاً: الأمن التونسي يطيح بـ"كتيبة الفرقان" ويكشف مخازن أسلحة
ولفت إلى أنه على الرغم من حوزة عناصر الأمن السياحي أسلحة، إلا أنهم عملوا وفق الإمكانيات، والوسائل المتاحة لديهم، وبالتالي لا يمكن أن يتحملوا أي مسؤولية، مؤكدا أن هناك فرقاً مختصة في مقاومة الإرهاب، وبالتالي فإن المسؤولية تتحملها وزارة الداخلية دون غيرها.
وأوضح الرمضاني، أنّه يوجد استياء كبير في صفوف الأمنيين، نتيجة الزج بزملائهم في السجن، مبيناً أنهم دخلوا في اعتصام مفتوح من أجل مطالب اجتماعية ومهنية، ومساندة لزملائهم الموقوفين.
من جهته، قال رئيس منظمة الأمن والمواطن، عصام الدردوري لـ"العربي الجديد"، إنهم يرفضون الإيقافات التي استهدفت زملاءهم الأمنيين، مؤكداً أنّهم مع المساءلة والمحاسبة والوقوف على الإخلالات، ولكن يجب التأكد من أن الإخلالات التي حصلت كانت نتيجة حسن نية، أو سوء نية أو بتواطئ.
كما أشار إلى أنّه توجد ملفات كبرى كالاغتيالات السياسية، واتهمات لمسؤولين أمنيين وقيادات هامة في الدولة، ومع ذلك فإن هؤلاء يواصلون عملهم بصفة عادية، ويتمتعون بامتيازات وبالمنح دون أدنى محاسبة، أو مساءلة.
اقرأ أيضاً رد تونس على "الثلاثاء الأسود": تحوّل بالحرب على الإرهاب
وكشف أن المسؤوليات مشتركة في "عملية باردو" التي أودت بحياة 22 سائحاً، وفي عملية سوسة، معتبراً أنه بمجرد حصول عملية باردو تم إصدار بطاقة ايداع في حق عنصر أمن، ثم ثبت لاحقاً أنه بريء، وأن أحد الموقوفين في عملية سوسة تم تكريمه لأنه ساهم في القضاء على الإرهابي منفذ الهجوم.
وأكّد أنه على الرغم من احترام الأمنيين للقضاء، إلا أن لديهم بعض الاحترازات على طريقة التعامل مع الأمنيين، وبالتالي لا يجب أن يكون العناصر درجة ثانية، أو مجرد قرابين لأن القضية ذات طابع دولي.
وأكد رئيس منظمة الأمن والمواطن، أنه لا يعارض مبدأ المحاسبة والمساءلة، وأن الأمنيين ليسوا فوق القانون، ولكن "يجب أن يطبق القانون على الجميع".
بدوره، رفض المتحدث الإعلامي باسم قوات الأمن الداخلي، رياض الرزقي، التوقيفات التي حصلت، مبيناً أنهم سيتابعون البحث لمعرفة إن كان زملاؤهم قد قاموا بأي تقصير فعلاً.
وأكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنهم سيدافعون عن زملائهم، وأنه حتى في صورة وجود إخلالات فإنهم سيقومون بالإجراءات القانونية اللازمة، وسيتولون توكيل محامين.
اقرأ أيضاً: الأمن التونسي يحبط مخططاً "إرهابياً" يستهدف سوسة