وفي هذا السياق، كشفت مصادر مصرية دبلوماسية وسياسية مقربة من السلطات الحاكمة، أنّ الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى السودان، تضمّنت مناقشات مع نظيره السوداني عمر البشير، متعلقة بتحركات رباعي محاصرة قطر، تستهدف العلاقات القوية بين الخرطوم والدوحة. وأشارت المصادر إلى أنّ "هناك مساعي مصرية وخليجية لمحاصرة المصالح القطرية والتركية في تلك المنطقة بعد تنامي النفوذ التركي فيها"، لافتةً إلى أنّ المشاورات "تضمّنت عرضاً بالحدّ من الاستثمارات والمصالح والتعاون القطري في السودان، مقابل تعويض الخرطوم بحزمة مساعدات سخيّة، تتعهد بها كل من أبو ظبي والرياض، بحيث تعوّض الخرطوم عن المساعدات والاستثمارات القطرية والتركية".
وأوضحت المصادر أنّ السودان "تمثّل أهمية بالغة في الوقت الراهن للتحالف السعودي - الإماراتي - المصري، بسبب أهميتها في منطقة البحر الأحمر، وباعتبارها بوابة مهمة للسيطرة على المنطقة، بعد دخول كل من أبوظبي والرياض سباق شراء نفوذ في منطقة القرن الأفريقي"، لافتةً إلى أنّ "السعودية وبعد استمالتها النظام السوداني لاستمرار القوات التابعة للخرطوم في المشاركة في الحرب التي تقودها في اليمن ضدّ الحوثيين، مقابل حزمة من المساعدات المالية والبترولية، جاء الوقت عليها الآن لضم السودان، للعب دور مساند للتحالف السعودي - الإماراتي في مساعيه الرامية إلى بسط نفوذ واسع في البحر الأحمر، خصوصاً بعد تمكّن الإمارات من لعب دور كبير في إتمام المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وإريتريا عبر تأمين اقتصاد البلدين باستثمارات مباشرة وودائع بالدولار".
وكان السيسي قد أكّد خلال لقائه في مقر إقامته في الخرطوم أثناء زيارته أخيراً، عددا من قيادات ورموز القوى السياسية والمفكرين والإعلاميين السودانيين، حرْص القيادتين المصرية والسودانية على "دفع العلاقات الثنائية وإجهاض أي محاولات لتعكير صفو العلاقات بينهما". وعبّر عن ذلك أيضاً المتحدّث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، قائلاً إن "زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السودان، تاريخية، وتمثّل استثماراً للجهود التي بُذلت خلال السنوات الـ4 الماضية، والجهود السياسية الكبيرة جداً على مستوى الدولتين، لإعادة صياغة العلاقات بين مصر والسودان وعودتها إلى طبيعتها".
وتخلل زيارة السيسي التي تعدّ الرابعة إلى الخرطوم خلال عامين، بحث العلاقات بين البلدين على صعد عدة. وعلى صعيد الاقتصاد وهو الملف الأكثر إلحاحاً لدى السودان، شهدت الزيارة توقيع اتفاق بين الطرفين على فتح المعابر الحدودية الثلاثية بشكل يتيح تدفّق البضائع المصرية على الحدود السودانية بعد حظر امتد لأشهر، إضافة إلى حركة مكثفة لعبور المواطنين من الجانبين. كما اتفق الطرفان على إنشاء خط ناقل للكهرباء بتكلفة ستين مليون دولار، بحيث تمد القاهرة الخرطوم بـ300 ميغاوات خلال الشهرين المقبلين، على أن يعقب ذلك إضافة 600 ميغاوات في مرحلة لاحقة، لتصل بعد ذلك تباعاً إلى ثلاثة آلاف ميغاوات.