لا أحد يعلم تحديداً ما الذي يمكن أن يؤدي إليه الفشل التفاوضي المتكرر بين مصر والسودان وإثيوبيا حول قضية سد النهضة، خصوصاً بعد إعلان وزيري الخارجية المصري والسوداني سامح شكري وإبراهيم غندور فجر أمس الجمعة انتهاء الجولة التفاوضية الجديدة حول القضية في الخرطوم من دون الاتفاق على أي شيء. وحصل ذلك بعد مباحثات مطولة استغرقت 20 ساعة تقريباً، شارك فيها وزراء الخارجية والري ومدراء الاستخبارات بالدول الثلاث.
ومن المقرر وفقاً لاتفاق الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والسوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي ماريام ديسالين، في يناير/كانون الثاني الماضي، دخول الدول الثلاث في مفاوضات "حاسمة" لمدة شهر تنتهي في 5 مايو/أيار المقبل، للفصل في جميع النقاط الخلافية، خصوصاً مسألة قبول الدراسات الفنية المنجزة حتى الآن، ودراسة المقترح المصري بإدخال مكتب فني جديد أو جهة خبرة إقليمية أو دولية كطرف تحكيمي للتوصل إلى حل وسط بين القبول المصري بالدراسات والرفض الإثيوبي المطلق لنتائجها، التي أكدت أن إنشاء سد النهضة بالمعايير المطبقة حالياً وبالجدول الزمني الخاص بملء الخزان مؤثر سلباً على حصة مصر من المياه.
كما أكدت إثيوبيا رفضها لمقترح مصري أيدته السودان بوضع معايير من أجل اختيار جهة محايدة للتحكيم بين الدول والمكتبين الاستشاريين اللذين أعدا الدراسات الفنية، وذلك بعدما كانت إثيوبيا والسودان ترفضان سوياً إشراك البنك الدولي تحديداً كجهة محايدة للتحكيم، إذ كانت مصر قد أعطت مساحة للدولتين الأخريين لترشيح جهات أخرى، لكن الجانب الإثيوبي بعد إثارته الشكوك حول الخبرات المتاحة للتحكيم لدى البنك الدولي وغيره من الجهات الأفريقية الرسمية، عاد بالأمس وذكر أن "الاتفاق الثلاثي لم يتطرق إلى مسألة الدراسات الفنية من الأساس، ولكنه وضع قواعد محددة، وأن أديس أبابا لن تخالف هذه القواعد في أي ظرف".
وبحسب مصادر دبلوماسية مصرية، فقد تطرقت المباحثات أيضاً إلى مقترح عكف عليه وزراء الري الثلاثة عُدّ بمثابة تطوير مشترك للمقترح المصري الأصيل بإشراك مصر والسودان في التخطيط والإشراف على فترة الملء الأولى للخزان. وتضمن المقترح مشاركة مصر في تحديد الكميات المخزنة بشكل ربع أو نصف سنوي قبل فترة الملء الكلي، وامتلاك الحق في مراقبة دقة تنفيذ ذلك الجدول، من دون امتلاك الحق، لا لمصر ولا للسودان في تغيير تلك الكميات خلال العام، كما في طلب وقف ملء الخزان في أي مرحلة.
وكان الرئيس المصري السيسي قد أعلن في 29 يناير/كانون الثاني الماضي بأنه "لم تكن هناك أزمة من الأساس حول سد النهضة" بعد اجتماع في أديس أبابا مع نظيره السوداني ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق، على هامش حضورهم قمة الاتحاد الأفريقي، مخالفاً بذلك كل التصريحات الرسمية المصرية التي أبدى فيها المسؤولون قلقهم وغضبهم من انسداد المسار التفاوضي، وميل الخرطوم لمواقف أديس أبابا، وعدم مراعاتها المخاوف المصرية من تفاقم الفقر المائي.