وصوّتت الجمعية الوطنية الفرنسية، التي يسيطر عليها أنصار الرئيس إيمانويل ماكرون، صباح الخميس، على بند حظر تشغيل البرلمانيين لأقربائهم. وكان هذا الإجراء من أهم بنود مشروع قانون تخليق الحياة العمومية، الذي أدرجه ماكرون في برنامجه الانتخابي.
ويأتي هذا التصويت اليوم بعد أن سار مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه اليمين، في الاتجاه نفسه يوم 13 يوليو/تموز الماضي.
وجاء تصويت النواب، بصفة علنية، على البند الرابع من مشروع القانون "من أجل بسط الثقة في الحياة العمومية"، بعد تصويت جرى في الاتجاه نفسه ويخص أعضاء الحكومة.
وهذا القانون نتيجةٌ لما عُرف بقضية "الوظائف الوهمية" التي اتُّهِم بشأنها مرشح حزب "الجمهوريون" في الانتخابات الرئاسية، فرانسوا فيون، والتي قد يكون أفراد من عائلته قد استفادوا منها، ولم يقل فيها القضاء الفرنسي كلمته بعدُ.
وبصفة علنية، صوّت النواب على بنود أول مشروع قانون يحظر الوظائف العائلية بالنسبة للوزراء، ثم البرلمانيين، وأخيرا، المنتخَبين المحليين.
يذكر أن لجنة القوانين في الجمعية الوطنية حرصت على التمييز بين "الوظائف العائلية" فيما يخص "العائلة القريبة"، التي تم حظرها الآن، وبين وظائف يستفيد منها أشخاص من الدائرة الثانية، أي ما يتعلق بروابط خارج العائلة أو عائلة قديمة، وهنا يتوجب تسجيل إعلان عنها.
وبسبب كثرة التعديلات التي اقترحها نواب من مختلف الحساسيات السياسية، والتي تتجاوز 750 تعديلا، فإنه ينتظر أن يُقَرَّ القانون في شكله النهائي مساء غد الجمعة أو صباح يوم السبت، بدل مساء اليوم.
وللإسراع في المصادقة على القانون، لجأت الحكومة إلى استخدام إجراء يَحُد، بشكل كبير، من التنقل بين مجلسي الشيوخ والنواب، عبر تكوين لجنة مختلطة، ستتم دعوتها، بشكل سريع، للوصول إلى اتفاق مشترك بين الغرفتين.
ووضعت الحكومة الفرنسية بداية شهر أغسطس/آب، كتاريخ للتبنّي النهائي للنصّين معا. علماً أن مجلس النواب، من الناحية الدستورية، له الغلبة واليد الطولى في إقرار القوانين، في حالة انعدام اتفاق مع مجلس الشيوخ.
وبعد إقرار هذا البند الهام، سيتم بسهولة إقرار البنود المتعلقة بالمصاريف الإضافية التي يتمتع بها النائب البرلماني.
اللوبيات
ما يثير قلق وسائل الإعلام وبعض أطياف المعارضة، خاصة اليسارية، أن مشروع القانون لا يتصدى بشكل قوي وصريح للوبيات في فرنسا، على الرغم من أن القانون سيتمّ تمريره، مهما كان، بسبب حجم الأغلبية الرئاسية في البرلمان، ودعم اليمين لها.
منظمة ترانسبرانسي، الفرع الفرنسي لمنظمة الشفافية العالمية، لا تعادي إنشاء اللوبيات في فرنسا، ولكنها تصر على عنصر الشفافية والعلنية، وهو أيضا ما يقوله مدير "ليبراسيون"، حين كتب: "الشيء المتبقي في القانون الذي سيتم التصويت عليه هو مشكلة اللوبيات الشائك، التي تطرقت إليها الحكومة السابقة بحذر، فيما تتم محاربتها بنعومة من قبل الحكومة الحالية".
وأضاف: "إن أي مهنة وأي شركة وأي مجموعة ضغط، لها الحق في الدفاع عن مصالحها وإظهار حججها لدى ممثلي الأمّة، ولكن تحت غطاء معلومة كاملة ومُرافَعة شرعية، وتحسيس موضوعي. لأنّ مجموع التدليس والضغوط السرية والبروباغندا الخافتة هي التي تحرّف الإرادة الشعبية، وتؤخّر أو تلغي الأعمال التشريعية الضرورية جدا".
وتأسف لوران جوفران، كما ينتقد نواب الحزب الشيوعي ومجموعة "فرنسا غير الخاضعة"، عدم إبداء حركة "الجمهورية إلى الأمام" جرأة في هذا الموضوع، لأنه، كما يختم جوفران تحليله، "أمرٌ سليمٌ ومفيدٌ أن تكون العلاقات والاتصالات واللقاءات التي تجمع ممثلي الأمّة وممثلي مجموعة الضغط، شفّافةً".
ولكن هذه الشفافية الكاملة، التي سيطالب بها المرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلانشون وأنصاره والشيوعيون، هذه الأيام، ربما لن تتحقق في ختام هذه النقاشات التي ستنتهي في بداية الشهر المقبل، مع إقرار القانون، بشكل نهائي. وبالتالي، ستظلّ السلطة التنفيذية، كما كبار الموظفين، بمنجى من المساءلة، ولو إلى حين.