تُراهن بعض مراكز القوى في السلطة الفلسطينية، ولا سيما في أجهزتها الأمنية، على تمكن الجنرال بني غانتس، زعيم تحالف "كاحول لفان"، من تشكيل حكومة إسرائيلية ضيقة، على الرغم من أن هذا الجنرال، الذي فاخر في دعايته الانتخابية بعددٍ من قتلهم في قطاع غزة، يُصّر على عزمه على تشكيل حكومة وحدة مع حزب الليكود، أو إقامة حكومة ليبرالية مع وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان، ما دفع الصحافة الإسرائيلية إلى تعديل الوصف الذي أعطته لأي حكومة سيشكلها من "حكومة ليبرالية" إلى "حكومة ليبرمانية".
كلُّ هذا لم يمنع رهان جهات فلسطينية نافذة على غانتس، حتى من خلال التهجم والتحريض على حزب التجمع الوطني الديمقراطي، لرفضه قبل شهرٍ التوصية على الجنرال الإسرائيلي، ووصفِ الحزب وموقفه الرافض للدخول في حكومة مع غانتس أو دعم حكومة الأخير من الخارج، بأنه "نهجٌ مغامر"، وفق التعبير الذي استخدمته ورقة تقدير موقف صادرة عما يسمى بلجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي.
ومع أنه لا يوجد سببٌ مقنع لمثل هذا الرهان، سواء من حيث فرص غانتس في تشكيل الحكومة المقبلة من دون "الليكود"، أو حتى من حيث ما يمكن للرجل أن يقدمه في حال وقعت معجزة وتوافق حزب ليبرمان مع القائمة المشتركة للأحزاب العربية على دعم حكومته، فإن المراهنين في سلطة رام الله عليه يصرون على أنه "عنزة ولو طارت"، لأنهم يدركون أن بقاء السلطة الفلسطينية كما هي اليوم بحاجة "إلى بصيص أمل" أياً كان، حقيقياً أو وهمياً، يمكن بيعه للناس في الضفة الغربية والقدس المحتلتين. سلطة رام الله بحاجة للترويج بأن التغيير قادم، وأن تغييراً سياسياً في إسرائيل يعني انفراجاً على صعيد تحريك "المسار السياسي"، وتحسين أوضاع الفلسطينيين الاقتصادية، وذلك لخوفها من انفجار الأوضاع في الأراضي المحتلة بوجهها.
يعكس هذا الرهان، ونمط انتظار "أن يأتي التغيير إسرائيلياً"، أيّ تغيير مهما كان، أيضاً، واقع عجز السلطة الفلسطينية في رام الله عن أخذ زمام المبادرة والفعل لإعادة تقييم أوضاعها ومسيرتها وخياراتها، لجهة استخلاص العبر من فشل مسار أوسلو، والبحث عن مسارٍ بديل يمكن له أن يحمل الأمل للشعب الفلسطيني ككل، وهذا هو أقل الواجب المطلوب من قيادة شعب يرزح تحت الاحتلال.