اختتمت في الكويت فعاليات الاجتماع الـ11 لرؤساء مجالس الشورى والنواب والأمة (البرلمانات) في دول مجلس التعاون الخليجي، من دون وجود أي نتيجة بما يخص الأزمة الخليجية سوى حضور كافة ممثلي الدول الخليجية وجلوسهم على طاولة واحدة، للمرة الثالثة خلال أشهر، عقب الحصار الذي فرضته دول محور الرياض - أبو ظبي على الدوحة في 5 يونيو/ حزيران من العام الماضي. وافتتح أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، المؤتمر بنفسه، وألقى كلمة مقتضبة كرر فيها دعوته إلى الحفاظ على مجلس التعاون الخليجي، الذي بدا أنه على وشك الانهيار ساعة إعلان الحصار على قطر من قبل ثلاث دول داخل المنظومة، بالإضافة إلى قرار دولتين الحياد ورفض الحصار، وهما الكويت وسلطنة عمان.
وقال أمير الكويت: إننا ننظر إلى هذا اللقاء، وإلى أي لقاءات أخرى بكل تفاؤل، ونرى أنها ترجمة للنوايا النبيلة وتعبير صادق من قبل الجميع، وتمثل جهداً خيراً وآلية مؤثرة ستدفع بمسيرة عملنا الخليجي المبارك إلى ما يحقق تماسكها واستمرار الحفاظ عليها، لتلبية آمال وتطلعات أبناء دول المجلس. في المقابل، قال رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، في الاجتماع، إن التطورات الإيجابية التي حدثت أخيراً على صعيد التلاقي الخليجي، بدءاً من القمة الخليجية مروراً بإقامة كأس الخليج العربي لكرة القدم وانتهاءً بمؤتمر رؤساء البرلمانات الخليجية الحالي، تبعث على الأمل، على الرغم من أن المشهد كان يبدو للبعض باعثاً لليأس وغارقاً في السوداوية. وحظي المؤتمر بتمثيل برلماني خليجي على أعلى مستوى، إذ شارك فيه الأمين العام لدول مجلس التعاون البحريني عبد اللطيف الزياني، والنائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، مروان بن أحمد بن غليطة، ورئيس مجلس النواب البحريني، أحمد الملا، ورئيس مجلس الشورى السعودي، عبد الله بن محمد آل شيخ، ورئيس مجلس الشورى العماني، خالد بن هلال المعولي، ورئيس مجلس الشورى القطري، أحمد بن عبد الله آل محمود، بالإضافة إلى رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم.
ورغم التمثيل رفيع المستوى الذي حظي به المؤتمر، فقد كانت جداول أعماله وبياناته والاجتماعات المصاحبة له خالية من أي مضمون وسطحية وحالمة، إذ تناقش رؤساء البرلمانات الخليجية حول نتائج ملتقى "هواجس الأمن والغذاء والماء في دول مجلس التعاون الخليجي في ظل التهديدات التي تواجهها"، والذي نظّم في دولة البحرين في وقت سابق، بالإضافة إلى اختيار موضوع مشترك لتتم مناقشته في العام 2018، وهو "توطين الوظائف والاستثمار في الموارد البشرية لدول مجلس التعاون الخليجي". ويقوم مجلس الأمة الكويتي بتنفيذ هذه الأنشطة والفعاليات المتعلقة بهذا الموضوع بالتنسيق مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي.
وتحول المؤتمر في الوقت ذاته، بحسب مراقبين، إلى فرصة ذهبية للترويج السياسي الداخلي في الكويت، إذ يعاني رئيس مجلس الأمة ورئيس المؤتمر بدورته الحالية مرزوق الغانم من صعوبات داخلية، نتيجة تأزم الملفات السياسية في الكويت، وعلى رأسها ملف نواب البرلمان الذين أودعوا السجن، ولم يقُم رئيس البرلمان بحمايتهم نتيجة للأحكام الصادرة بحقهم حول دخول مجلس الأمة قبل 6 أعوام، إبان الاحتجاجات الشعبية التي تفجرت في الكويت آنذاك.
وتعد هذه الفعالية ثالث فعالية خليجية تنظمها الكويت بعد حصار قطر، الذي تم من قبل ثلاث دول خليجية، هي الإمارات والبحرين والسعودية، منتصف العام الماضي، وذلك في محاولة منهم لفرض أجندة خاصة على السياسات القطرية الداخلية والخارجية. وبعد تعثر الوساطة الخليجية التي قادها أمير الكويت، فإن القيادة الكويتية انتهجت سياسة تقليل الخسائر والحفاظ على منظومة دول مجلس التعاون الخليجي من دون تحقيق تقدم في الوساطة، إذ استضافت القمة الخليجية الـ 38، والتي شهدت مشاركة دول الحصار بتمثيل دبلوماسي منخفض المستوى، كما أنها نظمت بطولة كأس الخليج لكرة القدم بمشاركة جميع المنتخبات، وبطلب من أمير الكويت.
وكان مصدر رفيع المستوى في الخارجية الكويتية قد أفاد "العربي الجديد" بأن الكويت ستستمر في هذا النهج التفاؤلي إلى حين حل الأزمة، التي يبدو أن القيادة السياسية الكويتية فقدت الأمل بحلها خلال وقت قريب، خصوصاً مع فشل جميع الوساطات الكويتية بهذا الموضوع، نتيجة رفض قطر والكويت للمطالب الـ13 التي وضعتها دول الحصار لقطر، والتي تمس بعضها الاستقلالية السياسية والسيادة القطرية، بحسب تصريح أمير الكويت. وقال الأكاديمي القطري وأستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر، ماجد محمد الأنصاري، لـ"العربي الجديد"، مثلما أسلفنا فإن الكويت تقوم بمحاولة تنظيم الفعاليات السياسية والرياضية الخليجية المهمة، وعلى رأسها القمة الخليجية وكأس الخليج، وذلك لمحاولة "تطبيع" العلاقات الدبلوماسية بين الدول الخليجية في ظل أجواء الحصار من دون وجود أمل، حتى من القيادة الكويتية، لحل الأزمة في الوقت القريب، ولكن على الأقل لإبقائها في سياقها الحالي، والحفاظ على منظومة دول مجلس التعاون الخليجي من التفكك والتشرذم، خصوصاً في ظل الأخطار المحيطة بها، وعلى رأسها الخطر الإيراني في المنطقة.