لقاء بالقاهرة لبحث أفق مشروع "حكومة وحدة" ليبية: إنقاذٌ لحفتر أم إخضاعه؟

11 يوليو 2019
تعد قوات حفتر لحملة عسكرية جديدة (Getty)
+ الخط -

رفض النواب الليبيون المجتمعون في طرابلس دعوةً مصرية لحضور لقاء يجمعهم بنواب مؤيدين لعملية اللواء المتقاعد خليفة حفتر العسكرية للسيطرة على العاصمة، مؤكدين أن "ما ينتج عن اجتماع القاهرة من قرارات أو مواقف لا يمثل إلا أصحابها، ولا يعبر عن مجلس النواب المجتمع في طرابلس".

وقال حمودة سيالة، المتحدث باسم مجلس النواب المنعقد بطرابلس، إن مجلس النواب يمكنه قبول أي تواصل مع الجانب المصري لبحث وقف العدوان على طرابلس وإدانة داعمي عملية حفتر العسكرية.

وأضاف سيالة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الدعوة المصرية غير واضحة، كما أن القاهرة تعد من داعمي حفتر، ولا نعتقد أن اللقاء سينتج عنه حلٌّ لما تشهده البلاد من تصعيد عسكري يهدف إلى عسكرة الدولة".

وكان عضو مجلس النواب الموالي لحفتر، علي السعيدي، قد أكد عزم القاهرة على دعوة نواب موالين لحفتر وآخرين معارضين له، من أجل الاتفاق على دعم عملية طرابلس.

وقال السعيدي، في تصريح صحافي صدر عنه أمس الأربعاء، إن اللقاء في العاصمة المصرية سيبدأ السبت، وسيستمر ثلاثة أيام.

ولم يعلن الجانب المصري بشكلٍ رسمي حتى الآن عن اللقاء أو موعده، فضلاً عن أهدافه وأجندته، لكن مصدراً مقرباً من وزارة خارجية حكومة "الوفاق" في طرابلس، أكد أن "الحكومة على علم باللقاء وتحضيراته، وتعتقد أنه دليل واضح على فشل حملة حفتر العسكرية على طرابلس"، لافتاً إلى أن اللقاء يهدف إلى إقناع النواب المعارضين لحفتر بالاشتراك في محاولة تشكيل حكومة جديدة تحل محل حكومة "الوفاق"، وتلغي بموجبها حكومة مجلس النواب.

وأكد المصدر الحكومي المطلع على تفاصيل تحضيرات اجتماع القاهرة، أن مستشار الرئيس الفرنسي بول سولير ناقش مع قادة سياسيين في طرابلس في وقت سابق فكرة هذا المشروع، الذي تشترك فيه، بحسب قوله، القاهرة وأبوظبي وفرنسا، من خلال إعادة حزب "تحالف القوى الوطنية" الذي يقوده السياسي الليبي محمود جبريل، والذي لا تزال لديه اتصالات وثيقة بجميع الأطراف الليبيين، كما أنه ليس على وفاق مع حفتر ومساعيه العسكرية.


وبحسب المحلل السياسي الليبي سعيد الجواشي، فإن هذه التطورات تشكل بمجملها مؤشراً جديداً يدل على فشل حفتر، معتبراً أن مساعي مؤيدي اللواء المتقاعد لاحتواء معارضيه ما هي إلا دليل على قناعتهم بأن الأخير أصبح رهاناً خاسراً.

ورأى الجواشي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر لم يعد يحظى بالقبول حتى في مجلس النواب، فيما أظهر الالتفاف الإقليمي الجديد بارقة أمل لعقيلة صالح، رئيس المجلس المنعقد في طبرق، ليتحرك مجدداً ضد حفتر الذي كان قد أقصاه عن المشهد، وقلّل من شأن قرارته، بل هو أجبر مجلس النواب ليكون واجهة لشرعنة تحركاته".

وأعرب المحلل السياسي الليبي عن اعتقاده بأن الإجماع المصري - الإماراتي - الفرنسي على المشروع، يعني إعادة صياغة الخارطة السياسية، من خلال إعادة حزب "تحالف القوى الوطنية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى عدم رؤيته في جبريل شخصية سياسية محايدة، فــ"تحالف القوى الوطنية" يعني "العارف النايض، وهو أبرز رجالات هذا الحزب بلا شك، كما أنه رجل الإمارات الأول في ليبيا".

ولمّح الجواشي إلى أن سعي تلك الأطراف لإبراز النايض كشخصية سياسية جديدة "يعني بدء إبراز تيار جديد يقف في مقدمته النايض، وهو التيار الصوفي الذي تدعمه الإمارات في أكثر من بلد، وهي في القاهرة تدعم مكتب رسالة الأزهر بقيادة أسامة الأزهري المقرب من شيخ الأزهر، وهو مكتب يعتبر النايض عضواً مؤسساً وبارزاً فيه".

ومنذ استقالته كسفير لليبيا في أبوظبي نهاية 2016، تولى النايض رئاسة منظمة بدعم إماراتي تدعى "مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة"، تولت الإشراف على عدد من الندوات والمؤتمرات في ليبيا.

وينتقد النايض تنفذ التيار المدخلي وانتشار وجوده بين وحدات حفتر العسكرية وسيطرته على مراكز دينية مهمة في المدن التي سيطرت عليها قوات حفتر، كما يعد رجل التيار الصوفي الأول في ليييا، وهو التيار الذي تراجع دوره بشكل كبير بعد الحلف الذي عقده حفتر مع التيار السلفي المدخلي، الخصم التقليدي للتصوف.

من جهته، رأى الباحث في الشؤون السياسية الليبي، عبد الحميد المنصوري، أن مشروع تشكيل حكومة وطنية لا يعني التخلي عن حفتر الذي يعد لحملة قتالية جديدة، وتعلن وسائل إعلامه وصول تعزيزات وأرتال عسكرية جديدة لما يوصف بـ"الموجة الثانية" من قواته نحو طرابلس.

وأعرب المنصوري لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن "حفتر لم يتحرك مجدداً بمعزل عن حلفائه، إذ لا بد أن هناك من دعمه وقدم له العون سياسياً وعسكرياً". وأضاف أن "الهدف من إطلاق حكومة جديدة بموافقة نواب طرابلس أم غيرها، هو إيهام الرأي العام أن حفتر لا يسعى لانقلاب عسكري".

ورأى أن "المشروع له هدفين، إما أن حلفاء حفتر سيوهمون العالم بأن الأخير قبل بالخضوع لسلطة مدنية، وتأسيساً عليه، فهو لا يسعى للانقلاب عسكرياً، وذلك بهدف إرسال تطمينات لأطراف دولية تتخوف من سيطرته العسكرية، أو أن أطرافاً بالفعل، من بينهم فرنسا وروسيا، أجبرته على الخضوع لسلطة حكومية مقابل الاستمرار في دعمه".

وفي كلا الحالتين، يرى المنصوري أن لقاء القاهرة يعد انقلاباً على مشروعية الاتفاق السياسي الذي أنتج حكومة "الوفاق"، وهو ما قد يفسر تصريحات دول عربية وغير عربية أخيراً، تشدد على ضرورة الالتزام بالاتفاق السياسي.​