ولعل أبرز ما يشير في هذا السياق إلى الطبيعة الاستعمارية لروسيا وأطماعها في سورية، هو لجوءها إلى تهديد كل من إيران والنظام في سورية، والتلويح بعصا "إسرائيل" لضمان تنفيذ مصالحها ومطامعها. وهو ما يجد تعبيراً له ليس فقط التنسيق العسكري الروسي الإسرائيلي في سورية، بل يتعداه إلى الاجتماع الثلاثي المنتظر في إسرائيل، الأسبوع المقبل لمستشاري الأمن القومي لكل من روسيا نيكولاي باتروشيف، والولايات المتحدة جون بولتون وإسرائيل مئير بن شبات للتداول في مصير سورية والتطورات الإقليمية الآتية.
وفي هذا السياق لفت تقرير في صحيفة هآرتس أمس إلى أن روسيا لن تسمح بأن "يذهب جهدها في دعم النظام السوري هباء"، ومن شأنها، بحسب تقارير غير رسمية، أن تطرح في القمة الثلاثية، على إسرائيل والولايات المتحدة معادلة إبعاد إيران مقابل تثبيت النظام والاعتراف به.
هذا الطرح المشار إليه يرتبط بموازاة ذلك بسعي روسيا إلى احتكار ثمار إعادة إعمار سورية في المرحلة المقبلة لضمان أكبر حصة لها من العقود المنتظرة، وسط سعي لتحسين علاقاتها السياسية الاقتصادية مع كل من السعودية والإمارات، المطروحتان كمصدر لتمويل إعادة إعمار سورية.
على مدار الثورة السورية والحرب المضادة عليها، بدلت روسيا في أكثر من مرة مواقفها و"مستوى تعاونها" مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، لكن تعاونها مع إسرائيل وضمان حرية طيران الأخيرة في أجواء سورية، مع ما حمله ذلك من إهانات متكررة لهيبة "النظام الحليف لها في دمشق"، ظل ثابتا لم يتزحزح ولم يتأثر حتى بعد أزمة إسقاط طائرة إيلوشين في سبتمبر/أيلول 2018. بل إن القمة التي ينتظر أن تعقد مطلع الأسبوع المقبل في إسرائيل تعكس حقيقة نظرة روسيا للوطن العربي ككل وفي مقدمته سورية، بأنه ليس أكثر من مسرح وطريق لإعادة مجدها، و"كنزاً" للموارد الطبيعية والمالية التي تنتظر من يقطفها.