يشبّه بعضهم شخصية اللواء المتقاعد خليفة حفتر بشخصية رفيقه السابق معمر القذافي، فهو مثله ذو طبع مزاجي متقلب بشكل كبير، حتى إن سلسلة علاقاته التي تصل إلى حدّ التطبيع مع هذه الدولة أو تلك، سرعان ما يفتر بعضها، ليشبك حفتر علاقات مع حلقة أخرى.
واقتربت كلّ من الجزائر ومصر والإمارات وفرنسا وروسيا من حفتر بشكل كبير، وقدمت له الدعم سياسياً، وبعضها عسكرياً. لكن علاقته ببعضها شابها التوتر، بسبب عدم استقرار قراراته، منها مثلاً علاقته مع الجزائر التي وصلت إلى حد حصوله على شحنة أسلحة من هذا البلد، بحسب تسريبات منتصف عام 2016. كما أنه اقترب بشكل نسبي من إدارة دونالد ترامب، إبان توليه رئاسة الولايات المتحدة، وأخيراً فرنسا التي استضافته للعلاج، بعدما كاد المرض يودي بحياته، لكنه في ما يبدو خرج عن بيت طاعتها.
ويبدو اليوم أن اتجاه حفتر عاد مجدداً نحو إسرائيل، إذ أكدت مصادر مقربة منه عقده لقاءً مطولاً مع ضابط استخبارات إسرائيلي مطلع الشهر الماضي في العاصمة الأردنية عمّان، لـ"تعميق التنسيق الأمني بينه وبين إسرائيل"، وهو تنسيق سبق أن تحدثت عنه مصادر إعلامية غربية، وعن أن إسرائيل قدمت للواء المتقاعد الدعم الاستخباري، وربما العسكري أيضاً، مرات عدة، خلال السنوات الماضية.
ويضيف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر طلب من الجهات الأمنية الإسرائيلية تكثيف وجودها في الجنوب الليبي، لقطع الرغبة الفرنسية والإيطالية العازمة على السيطرة على المنطقة"، مؤكداً أنه وعد الجانب الإسرائيلي أيضاً بتوفير مراكز آمنة له للعمل، لا سيما حول سبها التي تتوسط الصحراء الليبية.
وأكد المصدر أن حفتر يتصل بالإسرائيليين عبر قنوات عدة، فقد عمل مع المستشار الأمني الإسرائيلي – الكندي آري بن مناشي في السابق، وتواصل كذلك مع السياسي البارز في حزب الليكود أورين حزا، ذي الأصول الليبية، وهو اليوم يتواصل مع أجهزة الأمن الإسرائيلية عبر ضابط يدعى موشيه، بوساطة رجل الأعمال الليبي حسونة تاتاناكي.
واستطرد المصدر بالقول إن "تقلب مزاج حفتر يثير انزعاج داعميه، لا سيما خلال الفترة الأخيرة، ومنهم أبوظبي، التي سبق أن نسقت له اتصالات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في محاولة لاحتواء تلك الاتصالات، وترشيدها"، مشيراً إلى أن تسرب أنباء تعاون حفتر مع إسرائيل يحرج الكثير من داعميه.
وعن مصر، قال المصدر إن "القاهرة تدعم هذا التعاون، بسبب هدفها المتمثل في عدم تسرب الأسلحة الليبية إلى شبه جزيرة سيناء، وهي منطقة أمن مشترك مع إسرائيل، لكنها لا تريد لحفتر أن يستقل بتلك الاتصالات، بل أن تبقى تحت إشرافها".
وسبق أن سربت مصادر صحافية جزائرية أنباء حول رسالة شديدة اللهجة وجهتها الدبلوماسية الجزائرية لحفتر في يوليو/ تموز الماضي، عبر ممثله في القاهرة، حذرته فيها من مغبة استمراره في دعم بناء قاعدة استخبارية إسرائيلية جنوب ليبيا.
وأكد المصدر أن المحيطين بحفتر لا يعرفون هدفه من وراء هذا الاتجاه الجديد في العلاقات، الذي يبدو أنه مهتم به حالياً بشكلٍ كبير.