في أول خطاب له منذ بدء الأزمة الخليجية، اعتبر أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الجمعة، أن "الخطوات التي اتخذتها دول الحصار الأربع خططت مسبقاً ولتحقيق غايات مبيتة سلفاً"، مشدداً على أن "أي حل لهذه الأزمة في المستقبل يجب أن يشمل عدم العودة إلى هذا الأسلوب الانتقامي"، ويقوم على مبدأي "احترام السيادة وألا يكون إملاءات".
وقال "إن الدوحة واجهت حصاراً غير مسبوق في العلاقات بين دولنا، وبعض الأشقاء يعتقدون أنهم يعيشون وحدهم في العالم، وأن المال يشتري كل شيء، ولكننا أثبتنا أن هناك أصولاً ومبادئ نراعيها عند الخلاف".
وأضاف "لقد تبيّن للقاصي والداني أن هذه الحملة والخطوات التي تلتها خططت سلفاً، وأقدم مخططوها ومنفّذوها على عملية اعتداء على سيادة قطر، بزرع تصريحات لم تقل، لتضليل الرأي العام ودول العالم، وبغرض تحقيق غايات مبيّتة سلفاً".
وتابع "لم يدرك من قام بهذه الخطوات أن شعوب العالم لا تتقبّل الظلم بهذه البساطة، والناس لا يصدقون أضاليل من لا يحترم عقولهم، وثمة حدود لفاعلية الدعاية الموجهة التي لا يصدقها أصحابها أنفسهم"، موضحاً أن "الدول العربية وغير العربية التي لديها رأي عام تحترمه وقفت معنا، أو على الأقل لم تقف مع الحصار، على الرغم من الابتزاز الذي تعرضت له".
وأشار الشيخ تميم إلى أنه "توجد خلافات مع دول مجلس التعاون بشأن السياسة الخارجية"، مؤكداً أن قطر "لا تحاول فرض رأيها على أحد في السياسة الخارجية".
وقال "نحن نعرف أنه وجدت وتوجد حالياً خلافات مع بعض دول مجلس التعاون بشأن السياسة الخارجية المستقلة التي تنتهجها قطر. ونحن أيضاً بدورنا لا نتفق مع السياسة الخارجية لبعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون، ولا سيما في الموقف من تطلعات الشعوب العربية، والوقوف مع القضايا العادلة، والتمييز بين المقاومة المشروعة للاحتلال وبين الإرهاب، وغيرها من القضايا. لكننا لا نحاول أن نفرض رأينا على أحد، ولم نعتقد يوماً أن هذه الخلافات تفسد للود قضية، فثمة أمور مشتركة كثيرة، هي الأسباب التي من أجلها أقيمت هذه المنظمة الإقليمية".
وبشأن مكافحة الإرهاب، أكّد أنّ "قطر تكافح الإرهاب بلا هوادة ودون حلول وسط، لكنها تختلف مع البعض بشأن مصادر الإرهاب، فالدين وازع أخلاقي وليس مصدر إرهاب".
كذلك أوضح أمير قطر أن "الدول التي قامت بهذه الخطوات اعتمدت على مفعول تهمة الإرهاب في الغرب، وعلى تملّق مشاعر بعض القوى العنصرية الهامشية في المجتمعات الغربية وأفكارها المسبقة. ولكن سرعان ما تبيّن لهم أن المجتمعات الغربية مثلنا، لا تقبل أن تطلق تهمة الإرهاب لمجرد الخلاف السياسي، أو لأغراض مثل قمع التعددية في الداخل، أو لتشويه صورة دول أخرى وعزلها على الساحة الدولية". وأضاف "هذا السلوك، عدا عن كونه ظلماً، يلحق في النهاية ضرراً بالحرب على الإرهاب".
إلى ذلك، ثمّن جهود الوساطة التي يقوم بها أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، لحل الأزمة الخليجية، آملاً أن تتكلل بالنجاح. كذلك أشاد بالمساندة الأميركية للوساطة الكويتية، والمواقف البناءة لكل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا، والدور المهم الذي لعبته تركيا في هذه الأزمة.
كذلك، أشاد أمير قطر برد فعل القطريين وتعاطيهم مع الأزمة، مؤكداً أن "الحياة في قطر تسير بشكل طبيعي منذ بداية الحصار، والشعب القطري وقف تلقائياً وبشكل طبيعي وعفوي دفاعاً عن سيادة وطنه واستقلاله. لقد أصبح كل من يقيم على هذه الأرض ناطقاً باسم قطر".
وأشار "بكل اعتزاز إلى المستوى الأخلاقي الرفيع الذي يتمتّع به الشعب القطري، في مقابل حملة التحريض والحصار الذي تلاها، وإلى جمعه بين صلابة الموقف والشهامة التي تميّز بها القطريون دائماً، حيث أذهلوا العالم بحفاظهم على المستوى الراقي في مقاربة الأوضاع، على الرغم مما تعرّضوا له من تحريض غير مسبوق في النبرة والمفردات والمساس بالمحرمات، وحصار غير مسبوق أيضاً في العلاقات بين دولنا".
وقال إن ما جرى "كان امتحاناً أخلاقياً حقيقياً، وقد حقق مجتمعنا فيه نجاحاً باهراً، إذ أثبتنا أنه ثمة أصول ومبادئ وأعراف نراعيها حتى في زمن الخلاف والصراع، وذلك لأننا نحترم أنفسنا قبل كل شيء"، ودعا "الجميع إلى الاستمرار على هذا النهج، وعدم الانزلاق إلى ما لا يليق بنا وبمبادئنا وقيمنا".
وأكد أن هذه الأزمة ساعدت قطر على "تشخيص النواقص والعثرات أمام تحديد شخصيتنا"، وتابع "وجهت الحكومة للقيام بكل ما يلزم لتحقيق هذه الرؤية، وضمنها الانفتاح الاقتصادي والاستثمار بالتنمية، ووجهت بتخصيص عائدات الغاز للأجيال القادمة".
وفي الشأن الفلسطيني، قال "لا يسعني أن أنهي هذه الكلمة دون أن أعبّر عن التضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق، ولا سيما أهلنا في القدس، واستنكار إغلاق المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، عسى أن يكون ما تتعرّض له القدس حافزاً للوحدة والتضامن بدلاً من الانقسام".