تواصل القوات الأمنية العراقية تقدمها نحو "الموصل القديمة" من أكثر من محور، بعدما فرضت سيطرتها على أحياء النبي شيت والدواسة والعكيدات والعامل الأولى والثانية، فيما باتت مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) محصورة في أحياء النفط والموصل الجديدة والقديمة ونابلس، الواقعة وسط الجانب الغربي لمدينة الموصل. وقال قائد العمليات الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، اللواء معن السعدي، لـ"العربي الجديد" إن "المعارك التي تخوضها القوات العراقية في وسط الجانب الغربي من مدينة الموصل باتت أكثر سهولة بعد انهيار خطوط دفاعات تنظيم داعش في أحياء المنصور ووادي حجر والمأمون"، على حد تعبيره.
وأضافت المصادر أن "هذه القوات تقدمت في منطقة باب الطوب وفي شارع حلب بالقرب من جسر الحرية الثاني، لكن قناصي تنظيم داعش المتحصنين والمنتشرين في عدد من المباني العالية في المنطقة أرغموا هذه القوات على الانسحاب بعدما تم استهدافهم بنيران القناصة والعبوات الناسفة والعمليات الانتحارية". وتابعت أن هذا الأمر "أدى إلى مقتل عدد من عناصر القوات الأمنية وإعطاب عدد من المركبات العسكرية". وأكدت المصادر أن "الانسحاب جاء بتوصية من المستشارين الأميركيين الذين أخبروا القادة الميدانيين أن طائرات التحالف الدولي ستتكفل بالتعامل مع مصادر النيران والقضاء عليها بعد انسحاب قطعات القوات الأمنية العراقية منها". وأشارت المصادر إلى أن القوات العراقية باشرت على الفور عملية انسحابها من هذه المناطق وفسحت المجال أمام طائرات "التحالف الدولي" التي باشرت منذ ساعات الصباح الأولى استهدافها لتحصينات "داعش".
وأعلنت خلية الإعلام الحربي الناطقة باسم قيادة العمليات المشتركة في بيان لها، أن الطائرات العراقية وطائرات "التحالف الدولي" نفذت يوم الجمعة نحو 100 طلعة قتالية استهدفت جميعها مواقع لتنظيم "داعش" في مناطق الجانب الغربي للموصل ومناطق أخرى بمحافظة نينوى. وأضافت الخلية أن "طائرات التحالف الدولي نفذت 70 طلعة قتالية فيما نفذت الطائرات العراقية 28 طلعة، وقع أغلبها في الموصل، في حين نفذ عدد آخر منها في مناطق القيروان والحضر والبعاج وتلعفر". وبحسب شهود عيان من داخل المدينة، فقد "غطت سماء الموصل في أحيائها الغربية سحب الدخان التي كانت ترتفع من عشرات المنازل والمباني التي قامت باستهدافها غارات التحالف الدولي"، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر عسكرية عراقية لـ"العربي الجديد" أن "قيادة التحالف الدولي وعدت القيادات العسكرية العراقية بإنجاز تحرير الأحياء الغربية لمدينة الموصل قبل نهاية الشهر الحالي".
وفي السياق ذاته، ذكرت مصادر محلية من مدينة الموصل لـ"العربي الجديد" أن "العديد من المدنيين من أحياء وسط الجانب الغربي للموصل قتلوا وأصيب آخرون بجروح من جراء قصف مدفعي عنيف وكثيف تنفذه منذ يومين وبشكل مستمر قوات الشرطة الاتحادية، تمهيداً لاقتحام أحياء الموصل القديمة وباب الطوب وسط الجانب الغربي لمدينة الموصل". وأضافت أن "القصف الذي استهدف العديد من أحياء مدينة الموصل القديمة، مثل السرجخانة والفاروق والميدان وراس الكور، وغيرها من الأحياء، كان عشوائياً واستهدف كل شيء في هذه المناطق"، على حد قولها. وأكدت أن "مناطق الموصل القديمة مأهولة بالسكان، إذ هناك تقدير بوجود أكثر من عشرة ألاف شخص لا يزالون محاصرين داخل هذه المنطقة". وبيّنت أن "المدنيين الذين أصيبوا من جراء هذا القصف لا يجدون من يسعفهم بسبب عدم التمكن من الوصول إليهم وعدم تمكن الأهالي من الخروج من منازلهم التي تضررت جراء القصف"، وفق تعبير المصادر المحلية.
ونقل المرصد عن مصادر محلية في غربي الموصل أن "هناك أعداداً كبيرة من القتلى لم يتم التعرف إلى هوياتهم وأنهم لم يدفنوا حتى الآن، ولم يسجلوا لدى الجهات الرسمية بسب عدم الوصول إليهم نتيجة استمرار المعارك".
وفي ما يتعلق بمحنة النازحين المستمرة، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين في الحكومة العراقية، في بيان لها، أن أعداد نازحي غرب الموصل وصلت خلال أقل من ثلاثة أسابيع من المواجهات إلى نحو 77 ألف شخص، مرجحة "ارتفاع أعدادهم مع استمرار المعارك في مناطق غرب الموصل".