عندما تغمر ثقافة الاستهلاك السوق والعالم بالصور النمطية الزائفة، فلا عجب أن تمدّ يدها إلى المسلسلات والأفلام التي تتناول قضايا مهمة مثل قضية التعليم والمراهقة وغيرها من القضايا الشائكة الأخرى. تزخر هوليوود مثلًا بالأفلام التي صوّرت المدرسة على أنها مكان سحري، يمكن أن تلتقي فيه بأصدقائك بسهولة، وأن تلعب معهم كرة القدم الأميركية، وأن تواعد الفتيات كما تريد، من دون إيلاء أي اهتمام للقضية الأساسية، وهي التعليم، وهو ليس بغريب على هوليوود التي تعمل دائمًا على أخذ صورة واحدة من الثقافة الأميركية، وتضخيمها وبثّها للعالم.
وخير مثال على هذا، هي أفلام مثل Glee وHigh Scholl Musical ومسلسل Hanna Montana. ولكن في الوقت نفسه، وبين كل فترة وأخرى، يظهر فيلم واقعي يناقش القضايا المهمة، مثل المشاكل التي يواجهها الطلاب في التعامل مع المواد ومع المعلمين والتوفيق بين المشاكل العائلية والدراسة وبين محاولة الاندماج مع الصورة النمطية المسبقة للمدرسة والصورة الحقيقية لها، بين ثقافة الاستهلاك وثقافة الإنسان أولًا. وسنناقش في هذه المقالة بعضًا من أهم المواضيع التي تمثل ردمًا لتلك الفجوة.
إحداث فرق في العالم
كثيرون يرغبون في إحداث فرق في العالم، والجميع يقوم بكل ما لديه ليصل إلى منصب يسمح له بإحداث هذا الفارق. ولكنّ أحداً لا يتجه إلى التعليم، ظنًا منه أن المعلم بدوره المقتصر على الطلاب لا يستطيع أن يقوم بمثل هذه المهمة. أن تكون مُجرد معلم، ينقل للأجيال بعض المعلومات من المناهج الدراسية، فهذا أمر سهل وروتيني ويقوم به كل معلمي الكوكب، أما أن تكون معلمًا صاحب رسالة وفكرة، وتسعى إلى إحداث فرق حقيقي في العالم، فهذه مسألة أخرى. المعلمون في كثير من الأحيان يكونون ممتازين في تعليم الرياضيات ومهارات القراءة على مستوى الصف، ولكن يتمثل التحدي في تزويد الطلاب بالمعرفة والاستراتيجيات ليدركوا ما يعرفونه، ومتى يستخدمون ما يعرفونه، ومتى يحتاجون إلى المساعدة. وهذا ما قام به يوجين سيمونيت (كيفن سبايسي) في فيلم Pay It Forward، وفي يومه الأول كمعلم، يكتب جملة على السبورة كتكليف للأطفال مقابل علامات: "فكّروا في فكرة لتغيير العالم، وابدؤوا بتنفيذها"، إذْ يسعى جميع الطلاب إلى تنفيذ هذا التكليف، إلّا أن طالباً واحداً فقط، يُحدث تغييراً ملموسًا، وهو تريفور ماكيني (قام بدوره الممثل هايلي أوزمنت)، عندما اقترح فكرة "الوفاء بالعطاء" أي Pay It Forward، والتي تقول إن عليك أن تقوم بفعل حسن لأحد الأشخاص، ويكون رد الجميل في هذه الحالة، بأن يقوم الشخص الذي أحسنت إليه، بفعل حسنٍ آخر لثلاثة أشخاص آخرين، ثم هؤلاء الثلاثة يردّون الوفاء بعطائهم لثلاثة آخرين.. وهلم جرّا.
عسر القراءة (ديسلكسيا)
هناك اعتقاد شائع بين الناس بأنه من الطبيعي أن يكون في كل فصل دراسي، فقط ثلاثة أو أربعة أشخاص متفوقون، والبقية يكون مستواهم متوسطًا أو سيئًا. وهذا اعتقاد خاطئ، إذْ أنَّه وفي بيئة تعليمية إيجابية، يجب أن يحصل كل الطلاب على تركيز خاص من المعلمين والكوادر التعليمية، لضمان حصول كل طفل على حقه (باختلاف مستوياتهم في الفهم والإدراك).
هذا الاعتقاد الشائع، لم يقسم الفصول الدراسية، وإنما قسم الناس إلى طبقات (أذكياء وأغبياء). ومعظم الأنظمة التعليمية مثلًا لا تلقي بالًا لمشاكل وصعوبات التعلم عند الأطفال، فترمي بجميع الأطفال في فصل دراسي واحد، على الرغم من تباين الأفهام. يؤدي هذا الأمر إلى تكريس ثنائية الذكي-الغبي. ويدخل الطفل في موجة لوم ذات كبيرة، قد تؤدي به إلى التوحد أو الشعور بالكراهية لكل النظام التعليمي، وتجعل درجاته تسوء أكثر فأكثر. في فيلم مثل النجوم على الأرض Like Stars on Earth، تطرح شخصية الطفل إيشان (دارشيل سفاري)، قضية مشكلة عسر القراءة (ديسلكسيا/ dyslexia)، والذي يعاقبه والداه بإرساله إلى مدرسة داخلية، وذلك لانخفاض مستواه الدراسي. يناقش الفيلم أن الناس لا يأخذون مثل هذه الاضطرابات التعلمية على محمل الجد، ويسارعون إلى إلقاء اللوم على الأطفال، ويسلّمون بالافتراض الخاطئ بأن هناك أناساً أذكياء، وأناساً أغبياء. تستمر شخصية إيشان في الفيلم في دورها إلى أن وصلت إلى مرحلة التوحد، وتملكها مشاعر سلبية تجاه والديه (اللذين أرسلاه إلى المدرسة الداخلية)، وتوقف عن التفاعل مع البشر وعن الرسم (كان يحب الرسم) إلى أن وصل إلى المدرسة معلم فنون جديد، والذي كان يعاني سابقاً من نفس الحالة، فيبدأ بإيلاء إيشان الكثير من الانتباه ويزور عائلته ويطلع على رسوماته، ويشرح لهم الموقف، وينتهي الفيلم بنهاية سعيدة (غير تقليدية). يعد هذا الفيلم من أفضل الأفلام التي ناقشت اضطرابات التعلم واضطراب عسر القراءة، على وجه الخصوص.
العائلة والمدرسة والاستهلاكية
مُشكلة التعليم الموحدة في أغلب دول العالم، هي أن الطالب لا يحصل على كفايته من المعلم، بمعنى أن هناك العديد من الطلاب في الفصل، من دون أن يتفرغ المعلم لمعرفة واقع الطلبة، وهذا ما يؤدي دائمًا إلى غياب التفهم بين الطالب والمعلم، وأيضًا يؤدي إلى حالة صدامية غير مريحة أبدًا، وتجعل كلا من الطرفين في فسطاط مختلف عن الآخر.
في فيلم Detachment يكون هنري بارثس (أدريان برودي) معلمًا بديلًا في إحدى المدارس العامة في نيويورك، والتي يكون طلابها من أصحاب المستوى المتدني، وأفرادًا في عصابات، ويسيئون التعامل فيما بينهم. يدخل المعلم إلى الفصل، ويتحدث بشكل صريح عن الثقافة الاستهلاكية الأميركية، والتي جعلت قيمة الشخص مرتبطة بمظهره الخارجي، وكيف أنها تقوم بتسليع النساء، وتوجّه الوعي العام نحو السطحية. لا يتوقف المعلم هنا، بل وعلى الرغم من أنَّ الطلاب كانوا سيئين في التعامل معه، إلا أنه أعطى لكل طالب حقه ومساحته التي يستحقها، في محاولة منه لنقد دور المعلمين. تواصل مع الطلاب على مستوى إنساني، وسمع منهم وعرف عن مشاكلهم، وصار متفهمًا لمواقفهم، بل وساعدهم أيضًا في العثور على ما يريدون. هنا النقطة التي يتركز على أساسها الفيلم، وهي أن النظام التعليمي نظام متهاوٍ، ويستخدم المُخرج بعض القصص ليطرحها في الفيلم، وكأنها جزء من المنهاج الدراسي، مثل رواية "الغريب" لألبير كامو، وقصة "سقوط منزل آل أشر" لإدغار آلن بو. هذه القصص كانت لها رمزيتها الخاصة، والتي يمكن تعميمها على كل الأنظمة التعليمية في العالم، إذْ تعتبر الطلاب مثل القطيع، من دون أن تعطي لكل طالب خصوصيته.
وخير مثال على هذا، هي أفلام مثل Glee وHigh Scholl Musical ومسلسل Hanna Montana. ولكن في الوقت نفسه، وبين كل فترة وأخرى، يظهر فيلم واقعي يناقش القضايا المهمة، مثل المشاكل التي يواجهها الطلاب في التعامل مع المواد ومع المعلمين والتوفيق بين المشاكل العائلية والدراسة وبين محاولة الاندماج مع الصورة النمطية المسبقة للمدرسة والصورة الحقيقية لها، بين ثقافة الاستهلاك وثقافة الإنسان أولًا. وسنناقش في هذه المقالة بعضًا من أهم المواضيع التي تمثل ردمًا لتلك الفجوة.
إحداث فرق في العالم
كثيرون يرغبون في إحداث فرق في العالم، والجميع يقوم بكل ما لديه ليصل إلى منصب يسمح له بإحداث هذا الفارق. ولكنّ أحداً لا يتجه إلى التعليم، ظنًا منه أن المعلم بدوره المقتصر على الطلاب لا يستطيع أن يقوم بمثل هذه المهمة. أن تكون مُجرد معلم، ينقل للأجيال بعض المعلومات من المناهج الدراسية، فهذا أمر سهل وروتيني ويقوم به كل معلمي الكوكب، أما أن تكون معلمًا صاحب رسالة وفكرة، وتسعى إلى إحداث فرق حقيقي في العالم، فهذه مسألة أخرى. المعلمون في كثير من الأحيان يكونون ممتازين في تعليم الرياضيات ومهارات القراءة على مستوى الصف، ولكن يتمثل التحدي في تزويد الطلاب بالمعرفة والاستراتيجيات ليدركوا ما يعرفونه، ومتى يستخدمون ما يعرفونه، ومتى يحتاجون إلى المساعدة. وهذا ما قام به يوجين سيمونيت (كيفن سبايسي) في فيلم Pay It Forward، وفي يومه الأول كمعلم، يكتب جملة على السبورة كتكليف للأطفال مقابل علامات: "فكّروا في فكرة لتغيير العالم، وابدؤوا بتنفيذها"، إذْ يسعى جميع الطلاب إلى تنفيذ هذا التكليف، إلّا أن طالباً واحداً فقط، يُحدث تغييراً ملموسًا، وهو تريفور ماكيني (قام بدوره الممثل هايلي أوزمنت)، عندما اقترح فكرة "الوفاء بالعطاء" أي Pay It Forward، والتي تقول إن عليك أن تقوم بفعل حسن لأحد الأشخاص، ويكون رد الجميل في هذه الحالة، بأن يقوم الشخص الذي أحسنت إليه، بفعل حسنٍ آخر لثلاثة أشخاص آخرين، ثم هؤلاء الثلاثة يردّون الوفاء بعطائهم لثلاثة آخرين.. وهلم جرّا.
عسر القراءة (ديسلكسيا)
هناك اعتقاد شائع بين الناس بأنه من الطبيعي أن يكون في كل فصل دراسي، فقط ثلاثة أو أربعة أشخاص متفوقون، والبقية يكون مستواهم متوسطًا أو سيئًا. وهذا اعتقاد خاطئ، إذْ أنَّه وفي بيئة تعليمية إيجابية، يجب أن يحصل كل الطلاب على تركيز خاص من المعلمين والكوادر التعليمية، لضمان حصول كل طفل على حقه (باختلاف مستوياتهم في الفهم والإدراك).
هذا الاعتقاد الشائع، لم يقسم الفصول الدراسية، وإنما قسم الناس إلى طبقات (أذكياء وأغبياء). ومعظم الأنظمة التعليمية مثلًا لا تلقي بالًا لمشاكل وصعوبات التعلم عند الأطفال، فترمي بجميع الأطفال في فصل دراسي واحد، على الرغم من تباين الأفهام. يؤدي هذا الأمر إلى تكريس ثنائية الذكي-الغبي. ويدخل الطفل في موجة لوم ذات كبيرة، قد تؤدي به إلى التوحد أو الشعور بالكراهية لكل النظام التعليمي، وتجعل درجاته تسوء أكثر فأكثر. في فيلم مثل النجوم على الأرض Like Stars on Earth، تطرح شخصية الطفل إيشان (دارشيل سفاري)، قضية مشكلة عسر القراءة (ديسلكسيا/ dyslexia)، والذي يعاقبه والداه بإرساله إلى مدرسة داخلية، وذلك لانخفاض مستواه الدراسي. يناقش الفيلم أن الناس لا يأخذون مثل هذه الاضطرابات التعلمية على محمل الجد، ويسارعون إلى إلقاء اللوم على الأطفال، ويسلّمون بالافتراض الخاطئ بأن هناك أناساً أذكياء، وأناساً أغبياء. تستمر شخصية إيشان في الفيلم في دورها إلى أن وصلت إلى مرحلة التوحد، وتملكها مشاعر سلبية تجاه والديه (اللذين أرسلاه إلى المدرسة الداخلية)، وتوقف عن التفاعل مع البشر وعن الرسم (كان يحب الرسم) إلى أن وصل إلى المدرسة معلم فنون جديد، والذي كان يعاني سابقاً من نفس الحالة، فيبدأ بإيلاء إيشان الكثير من الانتباه ويزور عائلته ويطلع على رسوماته، ويشرح لهم الموقف، وينتهي الفيلم بنهاية سعيدة (غير تقليدية). يعد هذا الفيلم من أفضل الأفلام التي ناقشت اضطرابات التعلم واضطراب عسر القراءة، على وجه الخصوص.
العائلة والمدرسة والاستهلاكية
مُشكلة التعليم الموحدة في أغلب دول العالم، هي أن الطالب لا يحصل على كفايته من المعلم، بمعنى أن هناك العديد من الطلاب في الفصل، من دون أن يتفرغ المعلم لمعرفة واقع الطلبة، وهذا ما يؤدي دائمًا إلى غياب التفهم بين الطالب والمعلم، وأيضًا يؤدي إلى حالة صدامية غير مريحة أبدًا، وتجعل كلا من الطرفين في فسطاط مختلف عن الآخر.
في فيلم Detachment يكون هنري بارثس (أدريان برودي) معلمًا بديلًا في إحدى المدارس العامة في نيويورك، والتي يكون طلابها من أصحاب المستوى المتدني، وأفرادًا في عصابات، ويسيئون التعامل فيما بينهم. يدخل المعلم إلى الفصل، ويتحدث بشكل صريح عن الثقافة الاستهلاكية الأميركية، والتي جعلت قيمة الشخص مرتبطة بمظهره الخارجي، وكيف أنها تقوم بتسليع النساء، وتوجّه الوعي العام نحو السطحية. لا يتوقف المعلم هنا، بل وعلى الرغم من أنَّ الطلاب كانوا سيئين في التعامل معه، إلا أنه أعطى لكل طالب حقه ومساحته التي يستحقها، في محاولة منه لنقد دور المعلمين. تواصل مع الطلاب على مستوى إنساني، وسمع منهم وعرف عن مشاكلهم، وصار متفهمًا لمواقفهم، بل وساعدهم أيضًا في العثور على ما يريدون. هنا النقطة التي يتركز على أساسها الفيلم، وهي أن النظام التعليمي نظام متهاوٍ، ويستخدم المُخرج بعض القصص ليطرحها في الفيلم، وكأنها جزء من المنهاج الدراسي، مثل رواية "الغريب" لألبير كامو، وقصة "سقوط منزل آل أشر" لإدغار آلن بو. هذه القصص كانت لها رمزيتها الخاصة، والتي يمكن تعميمها على كل الأنظمة التعليمية في العالم، إذْ تعتبر الطلاب مثل القطيع، من دون أن تعطي لكل طالب خصوصيته.