مطرب لبناني له قاعدة جماهيرية ضخمة ليست في لبنان فقط، بل في كل الدول العربية ومنها مصر. امتلأ المسرح الذي أقيمت عليه فعاليات مهرجان الموسيقى العربية في ليلته العاشرة بكل أطياف وأعمار مختلفة لمحبيه حيث جاؤوا ليستمتعوا على مدار ساعتين بصوتٍ، قلّما وُجد، وإحساس منفرد يغرد وحيداً في منطقة صُنعت خصيصاً له. إنه المطرب، مروان خوري الذي التقته "العربي الجديد" في القاهرة على هامش مشاركته في إحدى ليالي المهرجان.
عن إحساسه وهو يغنّي وسط هذا الكمّ الكبير من الجمهور، يقول خوري: "أنا عاشقٌ للجمهور المصري، وأعرف جيداً أنه جمهور ذوّاق للفن، ومختلف عن الآخرين. فهو تربّى على أغاني وألحان عمالقة الفن الكبار مثل سيد درويش ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وبليغ حمدي وغيرهم، لذا فلا شيء يدعو للاندهاش في كونه محبّا للفن الأصيل بهذا الشكل الذي لمسته. فبمجرد وقوفي على هذا المسرح، وهي للعلم المرة الخامسة، شعرت أولاً أني في بيتي وبلدي وبين جمهوري. كما شعرت وأنا أغني بمدى التركيز الشديد في الصوت والأداء والكلمات، فهو جمهور يحترم الفن ويعرف قيمته إلى أبعد الحدود".
وإذا ما كان ثمّة فرق في الغناء أمام جمهور يحضر مهرجان للموسيقى عن أي جمهور آخر، يضيف خوري: "مهرجان الموسيقى هذا، وخشبة مسرح دار الأوبرا جمهورهما من نوع خاص جاء فقط ليستمع لا ليتسلى بالغناء، وهو يأكل ويشرب ويتحدث مع من بجواره مثلما يحدث في معظم الأماكن. وأنا عن نفسي أحب الغناء لهذه الفئة بشكل خاص لأنها مؤمنة بالفن وتفاصيله".يتحدّث خوري عن دار الأوبر بشكل يحمل الحنين، يشير في ذلك: "سبق ووقفت على هذا المسرح، وأنا في بداياتي الفنية. وقتها اكتشفتني السيدة المحترمة الراحلة، رتيبة الحفني، وهي أول رئيس لدار الأوبرا المصرية. وهذه السيدة لها أفضال على الكثيرين، ولست أنا فقط، ولا نملك الآن سوى أن نعلن عرفاننا إليها ونطلب الرحمة لها، وهي التي قدمتني لهذا المهرجان للمرة الأولى في حياتي".
منذ سنوات والأغاني ذات الإيقاع السريع منتشرة إلى حد كبير، لكن خوري يختار دومًا الأغاني الكلاسيكية والرومانسية، يفسّر ذلك: "الأمر ليس مقصوداً على الإطلاق. لكن الحمد لله حققت في هذا الجانب نجاحاً كبيراً سواء من خلال الأغاني أو شارات الأعمال التي قدمتها. وأنا لا أحارب الأغاني ذات الإيقاع السريع، أبداً، بل على العكس، فهي تناسب هذا الجيل جداً، لكن في النهاية الحكاية أذواق وراحة". وعن احتماليّة رؤية نفسه في أغنية ذات إيقاع سريع، يكشف خوري: "لمَ لا. فهذا بالطبع وارد جداً، فأنا أستمع إلى مثل هذه الأغاني كثيراً، وأحب بعضها. ولكني أعتقد بأنّ ثمة شروطا، لابد من أن تكون متوافرة لأستطيع أن أقدمها، مثل أن تكون الكلمات لائقة ومحترمة، فجمهوري يثق باختياراتي. لذا فلم ولن أخذلهم باختيار كلمات لا تشبههم ولا تشبهني ولا تناسب المجتمع الذي نعيش فيه".
كثيرون من المطربين والمطربات خاضوا تجربة برامج اكتشاف المواهب، وعن رأيه في هذا الأمر وإذا ما كان يفكر في المشاركة فيها يقول: "أحب أن أكون مطرباً وأقول ما أريده من خلاله، كما أن معظم هذه البرامج، وإن كان لا أحد يستطيع إنكار نجاحها، وأن لها جمهورها الذي يتابعها لكنها لم تعد مثلما كانت. وفقدت الكثير من رونقها ومعظمها حالياً يكون هدفها الربح المادي من خلال كمّ الإعلانات الرهيب الذي يأتي أثناء عرضها ومن خلال مشاركات الجمهور بالرسائل من هواتفهم المحمولة".
ويعارض خوري حول مقياس نجاح الأغاني، حالياً، والذي صار يقاس بنسب مشاهدتها والاستماع إليها عبر يوتيوب مضيفاً: "كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولا بد من تكاتف صنّاع الموسيقى على منع مثل هذه المهزلة حتى تعود الصناعة لسابق عهدها وتطرح ألبومات وأسطوانات وتباع في الأسواق، والوقوف والتصدي للمواقع الإلكترونية التي تسرّب الأغاني، وتشديد العقوبة عليهم، ولكن هذه الخطوة في حاجة إلى تكاتف حكومات الدول مع صناع الموسيقى، فأي جهة وحدها لن تنجح خاصة وأن الأمر متفشٍّ بشكل كبير". ويرى خوري بأنّ المطربين الحاليين مظلومون، ويقول: "حظهم سيئ، فقديماً لم تكن مثل هذه الأشياء الدخيلة موجودة على الساحة أبداً، وهو ما يضطر مطربا شابا يقدم ألبوماً حالياً وينفق عليه من جيبه الخاص أن يطرحها، ويتوقف ويختفي بعد أن يصاب بخيبة أمل مما يحدث. كما أن الكثيرين من المنتجين الآن أصبحوا يقدمون الوجوه المتعارف عليها فقط ولا يغامرون بمطربين ومطربات جدد".
يقدم برنامج خوري برنامجاً بعنوان "طرب" على قناة "العربي". عن الأمر الذي دفعه لهذا الأمر يشير: "دفعني هو حبي للتراث، وهو الذي يقوم عليه البرنامج، فهو يتحدث عن مطربي ومطربات من الجيل الذهبي الذي تربيت على أغانيهم وتخرجت في مدارسهم الموسيقية، وأدين لكل منهم بالفضل في أي شيء وصلت إليه. والمختلف في البرنامج هو التركيز على مثل هذه الفترة، حيث يرصد أحداثاً عديدة واجهوها، وحرصت أن أستضيف في برنامجي كل المدارس الموسيقية من الجيل القديم والحالي سواء في الغناء أو التلحين وكل ما يخص الموسيقى. أنا مؤمن بالجيل القديم، لأنهم آمنوا بالفن، وكانوا خير ممثلين له في كل دول العالم، وكان لديهم وفاء وإخلاص لما يقدمونه سواء على المستوى الغنائي أو التمثيلي، فالإيمان بما نفعل والاقتناع به، أولى خطوات النجاح".