عامان مرّا على واحدة من أكبر فضائح التحرش الجنسي في تاريخ الفنّ في العالم. ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017، تحوّل هارفي وينستين من أشهر وأقوى منتج في العالم، إلى متحرّش منبوذ ومتّهم بسلسلة اعتداءات تتراوح بين التحرش اللفظي والاغتصاب، ضدّ عشرات الفنانات الأميركيات والأوروبيات واللاتينيات.
بعد عامَين من اجتياح حركة "أنا أيضاً" النسوية عالم هوليوود، وإسقاط عشرات الأسماء التي تدحرجت بعد وينستين، إثر اتهامها بالتحرش الجنسي، ها هي فرنسا، وتحديداً الساحة السينمائية فيها، تعيش اللحظة نفسها، وإن كانت متأخرة.
بدأت القضية مع كشف الممثلة الفرنسية أديل هانيل (30 عاماً) لموقع "ميديابارت" عن تعرّضها للتحرش الجنسي عندما كان عمرها بين 12 و15 عاماً، من قبل المخرج كريستوف روجيا (54 عاماً). تحدّثت هانيل عن الرعب الذي عاشته مع روجيا عندما كانت طفلة في عالم التمثيل، متحدثة عن احتجازه لها، وتكرار لمسه لجسدها وتقبيلها عنوة في أنحاء مختلفة من جسدها.
وكانت هانيل قد تعاونت للمرة الأولى مع روجيا أثناء تصوير فيلم "الشياطين Les Diables" عام 2002 عندما كان عمرها 12 عاماً فقط. لكن تحرّش المخرج بها لم يقف عند تلك المرحلة، بل استمرّ حتى بلغت الـ15 عاماً. وقالت هانيل إنها لا تريد اللجوء إلى القضاء لأسبابٍ منها أن "القضاء لا يعاقب المعتدين إلا في ما ندر"، أي "اغتصاباً واحداً من بين كل مائة"، وأن التضامن غير موجود فعلياً مع الممثلات اللواتي يتعرّضن للتحرش في فرنسا. لكن عكس المتوقّع، انفجرت قضية هانيل في الوسط الفنيّ الفرنسيّ، وبدأ سيل التضامن معها من قبل نجمات فرنسيات كثيرات، أبرزهن جولي غاييه التي كتبت على حسابها على "إنستغرام": "إعجاب كبير بأديل هانيل، التي تحدّثت نيابة عن هؤلاء الموجودات في الظلّ. لم يعد مقبولاً التعايش مع هذا الواقع". وسريعاً، لحقت بها النجمة ماريون كوتيار التي كتبت "أديل، إن شجاعتك هي هدية لا مثيل لها للنساء والرجال، وللممثلات والممثلين الشباب، ولجميع المتضررين الذين باتوا يعرفون الآن بفضلك، أنه ليس عليهم أن يقبلوا بهذا العنف (...) أنت تكسرين صمتاً ثقيلاً (...) أنت تصنعين التاريخ، تاريخ ثورة التحرر..".
وبعدها انضمّت إلى المتضامنات عشرات الفنانات/ين الفرنسيات/ين، مثل رومان بورينغر، وأودري دانا، وعمر سي، ومانو باييه...
أما كريستوف روجيا فتم فوراً استبعاده من جمعية مخرجي الأفلام الفرنسية SRF، والتي تضم أكثر من 300 مخرج سينمائي فرنسي.
كل هذه الخطوات اعتبرت مفاجئة، إذ حاول المؤثرون في المشهد الفني الفرنسي، منذ انطلاق حملة "مي تو" في الولايات المتحدة ثم باقي أنحاء العالم عام 2017، تحييد فرنسا. وكانت النجمة الفرنسية كاترين دونوف رأس حربة في هذه المعركة. إذ مطلع عام 2018، وقّعت دونوف مع مائة امرأة فرنسية، من ممثلات وأكاديميات وكاتبات، على رسالة مفتوحة، حذّرن فيها من نزعة "التزمت" التي انطلقت بعد فضائح التحرش الجنسي الأخيرة، ودافعن عن حق الرجال في "مغازلة النساء" أو إظهار الاهتمام والانجذاب الجنسي إليهن.
وشملت الرسالة استياء من موجة "الإدانة"، بعد مزاعم تورط المنتج الأميركي الشهير، هارفي وينستين، في قضايا تحرش واعتداء جنسي، علماً أنها نُشرت في صحيفة "لوموند" الفرنسية، أمس الأول الثلاثاء.
وجاء في الرسالة "كنساء، لا نعد أنفسنا ضمن هذه الحركة النسوية التي تتعدى إدانة إساءة استخدام السلطة إلى تبنّي كراهية الرجال والحياة الجنسية"، وأضافت "عوقب رجال من دون محاكمة، وأجبروا على ترك وظائفهم، ولم يفعلوا شيئاً سوى لمس ركبة شخص ما أو محاولة اختلاس قبلة".
وأكدت الرسالة أن "الاغتصاب جريمة، لكن محاولة إغواء شخص ما حتى بشكل مستمر أو علني، ليس جريمة، ولا يجب أن يتعرض الرجال لهجوم شوفيني متعصب".
وبعدها بأيام قليلة، انضمت إلى هذه الحملة الممثلة بريجيت باردو التي وصفت حملة #MeToo بـ"المنافقة" و"السخيفة"، واعتبرت أن بعض النساء أطلقن هذه المزاعم بحثاً عن الشهرة.
وجاءت تصريحات أيقونة السينما الفرنسية في مقابلة أجرتها معها مجلة "باري ماتش" الفرنسية. وقالت باردو (83 عاماً) إن "ممثلات عديدات يحاولن معاكسة المنتجين من أجل الحصول على دور. ولاحقاً، يبدأن بالحديث عنهم، ويتهمنهم بالتحرش". وأضافت أن "معظم المشاركات في الحملة منافقات وسخيفات". وحول تجربتها الشخصية، أكدّت باردو "لم أكن يوماً ضحية للتحرش الجنسي... ووجدت الأمر ساحراً حين يخبرني رجل ما بأنني جميلة...".
جاءت هذه التصريحات العدائية في وقت كانت ممثلات فرنسيات عاملات في هوليوود تشهدن ضد وينستين، مثل إيما دي كون، وجوديت غودريش، وجولييت بينوش، وليا سيدو، وماريون كوتيار، متهمات إياه بالتحرش أو الاعتداء الجنسي.
لكن بقي في تلك الفترة رجال السينما الفرنسية في مأمن عن هذه الاتهامات. حتى عندما اتهمت الممثلة ساند فان روي المخرج الفرنسي الشهير لوك بوسون، باغتصابها، لم يؤثر ذلك لا عليه ولا على علاقته بالوسط الفني السينمائي الفرنسي. وسرعان ما تم رفض الدعوى المرفوعة من دي روي.
اقــرأ أيضاً
بعد عامَين من اجتياح حركة "أنا أيضاً" النسوية عالم هوليوود، وإسقاط عشرات الأسماء التي تدحرجت بعد وينستين، إثر اتهامها بالتحرش الجنسي، ها هي فرنسا، وتحديداً الساحة السينمائية فيها، تعيش اللحظة نفسها، وإن كانت متأخرة.
بدأت القضية مع كشف الممثلة الفرنسية أديل هانيل (30 عاماً) لموقع "ميديابارت" عن تعرّضها للتحرش الجنسي عندما كان عمرها بين 12 و15 عاماً، من قبل المخرج كريستوف روجيا (54 عاماً). تحدّثت هانيل عن الرعب الذي عاشته مع روجيا عندما كانت طفلة في عالم التمثيل، متحدثة عن احتجازه لها، وتكرار لمسه لجسدها وتقبيلها عنوة في أنحاء مختلفة من جسدها.
وكانت هانيل قد تعاونت للمرة الأولى مع روجيا أثناء تصوير فيلم "الشياطين Les Diables" عام 2002 عندما كان عمرها 12 عاماً فقط. لكن تحرّش المخرج بها لم يقف عند تلك المرحلة، بل استمرّ حتى بلغت الـ15 عاماً. وقالت هانيل إنها لا تريد اللجوء إلى القضاء لأسبابٍ منها أن "القضاء لا يعاقب المعتدين إلا في ما ندر"، أي "اغتصاباً واحداً من بين كل مائة"، وأن التضامن غير موجود فعلياً مع الممثلات اللواتي يتعرّضن للتحرش في فرنسا. لكن عكس المتوقّع، انفجرت قضية هانيل في الوسط الفنيّ الفرنسيّ، وبدأ سيل التضامن معها من قبل نجمات فرنسيات كثيرات، أبرزهن جولي غاييه التي كتبت على حسابها على "إنستغرام": "إعجاب كبير بأديل هانيل، التي تحدّثت نيابة عن هؤلاء الموجودات في الظلّ. لم يعد مقبولاً التعايش مع هذا الواقع". وسريعاً، لحقت بها النجمة ماريون كوتيار التي كتبت "أديل، إن شجاعتك هي هدية لا مثيل لها للنساء والرجال، وللممثلات والممثلين الشباب، ولجميع المتضررين الذين باتوا يعرفون الآن بفضلك، أنه ليس عليهم أن يقبلوا بهذا العنف (...) أنت تكسرين صمتاً ثقيلاً (...) أنت تصنعين التاريخ، تاريخ ثورة التحرر..".
وبعدها انضمّت إلى المتضامنات عشرات الفنانات/ين الفرنسيات/ين، مثل رومان بورينغر، وأودري دانا، وعمر سي، ومانو باييه...
أما كريستوف روجيا فتم فوراً استبعاده من جمعية مخرجي الأفلام الفرنسية SRF، والتي تضم أكثر من 300 مخرج سينمائي فرنسي.
كل هذه الخطوات اعتبرت مفاجئة، إذ حاول المؤثرون في المشهد الفني الفرنسي، منذ انطلاق حملة "مي تو" في الولايات المتحدة ثم باقي أنحاء العالم عام 2017، تحييد فرنسا. وكانت النجمة الفرنسية كاترين دونوف رأس حربة في هذه المعركة. إذ مطلع عام 2018، وقّعت دونوف مع مائة امرأة فرنسية، من ممثلات وأكاديميات وكاتبات، على رسالة مفتوحة، حذّرن فيها من نزعة "التزمت" التي انطلقت بعد فضائح التحرش الجنسي الأخيرة، ودافعن عن حق الرجال في "مغازلة النساء" أو إظهار الاهتمام والانجذاب الجنسي إليهن.
وشملت الرسالة استياء من موجة "الإدانة"، بعد مزاعم تورط المنتج الأميركي الشهير، هارفي وينستين، في قضايا تحرش واعتداء جنسي، علماً أنها نُشرت في صحيفة "لوموند" الفرنسية، أمس الأول الثلاثاء.
وجاء في الرسالة "كنساء، لا نعد أنفسنا ضمن هذه الحركة النسوية التي تتعدى إدانة إساءة استخدام السلطة إلى تبنّي كراهية الرجال والحياة الجنسية"، وأضافت "عوقب رجال من دون محاكمة، وأجبروا على ترك وظائفهم، ولم يفعلوا شيئاً سوى لمس ركبة شخص ما أو محاولة اختلاس قبلة".
وأكدت الرسالة أن "الاغتصاب جريمة، لكن محاولة إغواء شخص ما حتى بشكل مستمر أو علني، ليس جريمة، ولا يجب أن يتعرض الرجال لهجوم شوفيني متعصب".
وبعدها بأيام قليلة، انضمت إلى هذه الحملة الممثلة بريجيت باردو التي وصفت حملة #MeToo بـ"المنافقة" و"السخيفة"، واعتبرت أن بعض النساء أطلقن هذه المزاعم بحثاً عن الشهرة.
وجاءت تصريحات أيقونة السينما الفرنسية في مقابلة أجرتها معها مجلة "باري ماتش" الفرنسية. وقالت باردو (83 عاماً) إن "ممثلات عديدات يحاولن معاكسة المنتجين من أجل الحصول على دور. ولاحقاً، يبدأن بالحديث عنهم، ويتهمنهم بالتحرش". وأضافت أن "معظم المشاركات في الحملة منافقات وسخيفات". وحول تجربتها الشخصية، أكدّت باردو "لم أكن يوماً ضحية للتحرش الجنسي... ووجدت الأمر ساحراً حين يخبرني رجل ما بأنني جميلة...".
جاءت هذه التصريحات العدائية في وقت كانت ممثلات فرنسيات عاملات في هوليوود تشهدن ضد وينستين، مثل إيما دي كون، وجوديت غودريش، وجولييت بينوش، وليا سيدو، وماريون كوتيار، متهمات إياه بالتحرش أو الاعتداء الجنسي.
لكن بقي في تلك الفترة رجال السينما الفرنسية في مأمن عن هذه الاتهامات. حتى عندما اتهمت الممثلة ساند فان روي المخرج الفرنسي الشهير لوك بوسون، باغتصابها، لم يؤثر ذلك لا عليه ولا على علاقته بالوسط الفني السينمائي الفرنسي. وسرعان ما تم رفض الدعوى المرفوعة من دي روي.
لذلك، تعتبر قضية أديل هانيل نقطة تحوّل كبيرة في عالم السينما الفرنسية. إذ إن طرد روجيا من جمعية مخرجي الأفلام الفرنسية، إلى جانب حملة التضامن الواسعة مع الممثلة الفرنسية، دفعت عشرات آلاف الفرنسيات إلى النزول إلى الشارع السبت الماضي للاحتجاج ضد العنف الجسدي والجنسي والمعنوي الممارَس ضد النساء في فرنسا، وهو ما يشي باعترافات كثيرة أخرى قد تظهر قريباً على الساحة الفنية الفرنسية.