مع بدء العروض الأولى لأفلام المجموعة الأولى من "أصوات من فلسطين في زمن كورونا"، على مواقع إلكترونية وافتراضية مختلفة لـ"فيلم لاب فلسطين" ـ الجهة التي تُنتج الأفلام كلّها، بدعم من المؤسّسة الدنماركية "دعم الإعلام الدولي (IMS)" ـ يتردّد كلامٌ حول منع "حي" لآن ماري جاسر من عروض تلك المجموعة، المنطلقة يوم الجمعة، في 27 مايو/أيار 2020. والكلام يتأكّد مع نشر جاسر نصّاً على صفحتها الفيسبوكية (28 مايو/أيار الفائت)، يقول بالمنع، من دون ذكر اسم الجهة الرسمية الفلسطينية التي نفّذته. والنصّ "رسالة" إلى أصدقائها، تقول فيها إنّها كانت متحمّسة لمشاركتهم فيلمها القصير هذا. لكنْ، "للأسف، تمّ منع عرضه"، مضيفة أنّها لا تعرف فعلياً ما الذي يُمكنها قوله أكثر من ذلك: "أشعر بحزنٍ شديد، وبخيبة أمل".
في رسالتها تلك، تُشير آن ماري جاسر إلى تمضية حياتها في دول "تفرض حكوماتها رقابة على الفنانين، وتمنع حرية التعبير، وتقمع أشكال التعبير الشخصي بوسائل مباشرة وغير مباشرة"؛ وإلى أنّها كفلسطينية، كانت تظنّ "أننا سنكون مختلفين". تُضيف: "كشعبٍ أمضى عقداً تلو آخر يُكافح من أجل الحرية، لم أتخيّل أبداً أننا، اليوم في فلسطين، سنتماثل مع الأشكال نفسها للقمع". لكنّ جاسر لم تذكر اسم الجهة المانعة، مكتفية بالقول إنّ "استثمار" من هم في السلطة في منع عرض فيلمٍ تجريبي بسيط، يعني أنّ "على المرء أنْ يتساءل حقاً عمّا ستكون عليه الخطوة التالية". وقبل أنْ تشكر مساعديها على تحقيق الفيلم، تقول: "رغم أنّي حزينة، أعلم أيضاً أنّ هذا ليس إلاّ حاجزاً إضافياً للتغلّب عليه في نضالنا من أجل الحرية الكاملة".
مسؤولون في "فيلم لاب فلسطين" أكّدوا لـ"العربي الجديد" على ما جاء في رسالة آن ماري جاسر، مفضّلين الاكتفاء بها حالياً، بانتظار إصدار "الجهة المانعة" بياناً رسمياً حول المسألة، علماً أنّ تلك الجهة تكتفي لغاية الآن بمنع عرض (a) Live لجاسر "شفهياً".
إذاً، وبدءاً من يوم الأربعاء، 27 مايو/أيار 2020، يعرض "فيلم لاب فلسطين" أفلامه القصيرة تلك ضمن مشروع "أصوات من فلسطين في زمن كورونا"، الذي يقترح على مخرجين ومخرجات فلسطينيين إنجاز أفلامٍ (خمس دقائق لكلّ فيلم، مع بضع ثوانٍ أكثر أو أقلّ) تتمحور حول العيش اليومي في ظلّ الحجر المنزلي، بسبب تفشّي وباء "كورونا". والأفلام الخمسة المعروضة حالياً تُشكّل أول مجموعة من سلسلة لاحقة، يُفترض ببعض أفلامها أنْ يُعرض في يونيو/حزيران الجاري.
وإذْ يعتبر المشروع أنّ الأفلام "شهادات شخصية عن لحظات يمرّ بها كلّ فردٍ بمفرده"، فالشهادات نفسها "تتحدّث عن شعورٍ مشترك في جميع أنحاء العالم". والأفلام/ الشهادات تلك يصنعها فلسطينيون مقيمون في فلسطين أو خارجها، و"ينقلون (عبرها) أحوال الفلسطينيّ، مُواطِن العالم ولاجئه".
المجموعة الأولى تضمّ الأفلام التالية: "خطوة إلى الخلف.. خطوتان إلى الأمام" لديمة أبو غوش، و"بيني وبينك" لمجدي العمري، و"إحنا بنستناك" لمؤيد عليان، و"أيار" لمها الحاج، و"حجرة الصدى" لمحمد حرب. المشترك بينها متنوّع، بدءاً من اختيار الداخل (المنزل) كحيّز فردي وفضاء مفتوح على هواجس وأمزجة، بينما الاستعانة بالخارج ـ في بعض تلك الأفلام على الأقلّ ـ استكمال بصري للحيز والفضاء معاً. هناك أيضاً مآزق البلد/ فلسطين، إنْ بسبب الاحتلال الإسرائيلي، أو لأنّ السلطة الفلسطينية تفرض على الناس ما لا طاقة لهم على احتماله، اقتصادياً أولاً. التكثيف الدرامي، المترافق واختزال مدّة كلّ فيلم، جزءٌ أساسيّ من تلك اللعبة السينمائية، كأنّ هناك رغبة مُواربة في الإجابة على السؤال التالي: ماذا سيُقال في خمس دقائق عن مسائل موغلة في ذات السينمائي وروحه وقلقه وانفعالاته ومخاوفه ورغباته وأشيائه، في زمن "كورونا"؟
اقــرأ أيضاً
الداخل عالمٌ قائم بحدّ ذاته، كما يقول فيلما ديمة أبو غوش ومجدي العمري. ورغم ظهور الخارج بين حين وآخر، يحتلّ الداخل المساحة البصرية كلّها، لكشف تفاصيل العيش اليومي فيه، أثناء حصار يصنعه "كورونا" (فيلما أبو غوش والعمري)، الذي (كورونا) يبدو كأنّه امتدادٌ لحصار إسرائيل واحتلالها، كما في فيلم مؤيّد عليان. وإذْ يحافظ الخارج على صمتٍ يحاول التماهي بصمت الداخل، مع أصوات وأصداء هي تفاصيل واقعية وعادية، كما في فيلمي أبو غوش والعمري، فإنّه مع عليان يتحوّل إلى توثيق للحظات العيش في زمن الوباء.
في "أيار"، يُسيطر الداخل على المناخ العام، والقادم من الخارج يُبدِّل سكينةً مضطربة، فالراوية تُخبر بصوتها ما يحدث في نكبة 48، قبل وصول أحدهم وتبديل مسار الحكاية إلى شكسبير والراهن. أما "حجرة الصدى"، فينقل عبر الكاميرا "يوميات فنانٍ مُقيم في الحجر، ويوميات العالم عبر شاشات الأخبار التي تبثّ تفاصيل الوباء".
مسؤولون في "فيلم لاب فلسطين" أكّدوا لـ"العربي الجديد" على ما جاء في رسالة آن ماري جاسر، مفضّلين الاكتفاء بها حالياً، بانتظار إصدار "الجهة المانعة" بياناً رسمياً حول المسألة، علماً أنّ تلك الجهة تكتفي لغاية الآن بمنع عرض (a) Live لجاسر "شفهياً".
إذاً، وبدءاً من يوم الأربعاء، 27 مايو/أيار 2020، يعرض "فيلم لاب فلسطين" أفلامه القصيرة تلك ضمن مشروع "أصوات من فلسطين في زمن كورونا"، الذي يقترح على مخرجين ومخرجات فلسطينيين إنجاز أفلامٍ (خمس دقائق لكلّ فيلم، مع بضع ثوانٍ أكثر أو أقلّ) تتمحور حول العيش اليومي في ظلّ الحجر المنزلي، بسبب تفشّي وباء "كورونا". والأفلام الخمسة المعروضة حالياً تُشكّل أول مجموعة من سلسلة لاحقة، يُفترض ببعض أفلامها أنْ يُعرض في يونيو/حزيران الجاري.
وإذْ يعتبر المشروع أنّ الأفلام "شهادات شخصية عن لحظات يمرّ بها كلّ فردٍ بمفرده"، فالشهادات نفسها "تتحدّث عن شعورٍ مشترك في جميع أنحاء العالم". والأفلام/ الشهادات تلك يصنعها فلسطينيون مقيمون في فلسطين أو خارجها، و"ينقلون (عبرها) أحوال الفلسطينيّ، مُواطِن العالم ولاجئه".
المجموعة الأولى تضمّ الأفلام التالية: "خطوة إلى الخلف.. خطوتان إلى الأمام" لديمة أبو غوش، و"بيني وبينك" لمجدي العمري، و"إحنا بنستناك" لمؤيد عليان، و"أيار" لمها الحاج، و"حجرة الصدى" لمحمد حرب. المشترك بينها متنوّع، بدءاً من اختيار الداخل (المنزل) كحيّز فردي وفضاء مفتوح على هواجس وأمزجة، بينما الاستعانة بالخارج ـ في بعض تلك الأفلام على الأقلّ ـ استكمال بصري للحيز والفضاء معاً. هناك أيضاً مآزق البلد/ فلسطين، إنْ بسبب الاحتلال الإسرائيلي، أو لأنّ السلطة الفلسطينية تفرض على الناس ما لا طاقة لهم على احتماله، اقتصادياً أولاً. التكثيف الدرامي، المترافق واختزال مدّة كلّ فيلم، جزءٌ أساسيّ من تلك اللعبة السينمائية، كأنّ هناك رغبة مُواربة في الإجابة على السؤال التالي: ماذا سيُقال في خمس دقائق عن مسائل موغلة في ذات السينمائي وروحه وقلقه وانفعالاته ومخاوفه ورغباته وأشيائه، في زمن "كورونا"؟
اللافت للانتباه أنّ الأفلام الخمسة تلك متحرّرة من وطأة الكلام والثرثرة، فالصمت أهمّ، والصُور أقوى تعبيراً عن تفاصيل وحكايات وحالات. وإذْ يُتيح مخرجٌ أو أكثر للكلام مساحة معيّنة، فذلك عائدٌ إلى حاجة الفرد إلى بوحٍ مباشر، ينعكس في كلامٍ، كذاك الذي يقوله خضر زيدان مثلاً في "إحنا بنستناك"، وهو صاحب دكانة لبيع المأكل والمشرب، يغضب من قرارات السلطة الفلسطينية القاضي بإغلاق محلاّت تبيع ما يحتاج إليه الناس، وبالسماح لأخرى تُقدّم لهم خدمات يُمكن الاستغناء عنها. بينما المرأة الحامل (عبير سليمان)، في الفيلم نفسه، تروي بصمتٍ شيئاً من تفاصيل العيش اليومي داخل عزلتها المنزلية.
الداخل عالمٌ قائم بحدّ ذاته، كما يقول فيلما ديمة أبو غوش ومجدي العمري. ورغم ظهور الخارج بين حين وآخر، يحتلّ الداخل المساحة البصرية كلّها، لكشف تفاصيل العيش اليومي فيه، أثناء حصار يصنعه "كورونا" (فيلما أبو غوش والعمري)، الذي (كورونا) يبدو كأنّه امتدادٌ لحصار إسرائيل واحتلالها، كما في فيلم مؤيّد عليان. وإذْ يحافظ الخارج على صمتٍ يحاول التماهي بصمت الداخل، مع أصوات وأصداء هي تفاصيل واقعية وعادية، كما في فيلمي أبو غوش والعمري، فإنّه مع عليان يتحوّل إلى توثيق للحظات العيش في زمن الوباء.
في "أيار"، يُسيطر الداخل على المناخ العام، والقادم من الخارج يُبدِّل سكينةً مضطربة، فالراوية تُخبر بصوتها ما يحدث في نكبة 48، قبل وصول أحدهم وتبديل مسار الحكاية إلى شكسبير والراهن. أما "حجرة الصدى"، فينقل عبر الكاميرا "يوميات فنانٍ مُقيم في الحجر، ويوميات العالم عبر شاشات الأخبار التي تبثّ تفاصيل الوباء".