أثار قرار الحكومة المصرية بنقل 55 منبراً أثرياً بالقاهرة، إلى مخازن وزارة الآثار، حالة من الانتقاد، بسبب ضعف الحكومة في عدم قدرتها على حماية المساجد الأثرية، بعد تعرض الكثير منها للسرقات خلال الأشهر الماضية، حيث وصف المنتقدون عملية التفكيك "بالمهينة"، معتبرين القرار بمثابة تدمير لهذه المقتنيات التي لا تقدر بثمن من الناحية الأثرية، ولا قيمتها من الناحية المادية.
وأكد وزير الآثار الدكتور خالد العناني، أن خطوة تسجيل المقتنيات الأثرية بالمساجد الأثرية تأخرت عشرات السنين، وهو ما أدى إلى صعوبة استعادة بعض القطع الأثرية التي تمت سرقتها خلال الأشهر الماضية، مشيراً خلال اجتماع لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، إلى أنه لن يتم نقل أي منبر من مكانه إلا بعد عرضه على اللجنة المختصة، ودراسة حالة كل منبر على حدة، للوقوف على طبيعة كل واحد منها وحالته وآلية وطرق النقل لضمان سلامة القطعة الأثرية، مشيراً إلى أن ما تم نقله في حقيقة الأمر هو منبر واحد، وأن هناك بعض المساجد مغلقة، وهناك بعض المنابر يصعب نقلها.
وكذّب مسؤول تصريحاتِ الوزير، مشيراً إلى أن وزارة الآثار بالتعاون مع وزارة الأوقاف قامت بالفعل بنقل منابر المساجد الأثرية، وسط حالة من الرفض من الأهالي وعدد من الخبراء، وأضاف "الكارثة أن الحكومة استبدلت تلك المنابر بأخرى خشبية، ما أضاع هيبة المسجد"، لافتاً إلى أن المساجد الأثرية تتم سرقتها كل يوم، وأن الجاني معروف للحكومة، حيث إن المواطن العادي لا يعرف كيف يسرق محتويات منبر ولا يعرف أين المقتنيات الأثرية الموجودة في أي مسجد أثري، موضحاً أن صندوق النذور تتم سرقته، وأسهل شيء هو اختراق المساجد من خلال العمال.
وقال المسؤول إن فكرة التأمين أفضل من نقل المقتنيات الأثرية إلى مكان آخر، وخاصة أن هناك من يأتي من آخر الدنيا لزيارة مسجد أثري بعينه، وفي حال علمه بأنه تم نقل كل القطع الأثرية تحدث له حالة من الارتباك، ولهذا التأمين أفضل من النقل، لافتاً إلى أن تخزين المنابر يعد كارثة والقضاء عليها نهائياً، متسائلاً: "ما الحكمة من تخزين تلك المنابر؟ هل ستتم إعادتها مرة أخرى أم القضاء عليها نهائياً؟".
بدوره، قال كبير الباحثين بالآثار الإسلامية، ومدير عام آثار جنوب القاهرة، عماد عثمان: "إن قرار نقل المنابر الأثرية من مساجدها خاطئ وغير مدروس، وسيحول تراثنا إلى مسخ"، على حدّ تعبيره، مضيفاً أنه "سبق وطُرحت الفكرة منذ سنوات ورفضها الجميع، وبدلًا من الفك والتركيب والتخزين فلنوفر الأمن والحراسة على مدار 24 ساعة للمساجد الأثرية".
وتابع كبير الباحثين "مهما بلغت مهارة الترميم لن يستطيع إعادة الشيء لأصله، ولنا سابق تجربة مع مسجد سليمان باشا الخادم بالقلعة، فقد تم تفكيك المنبر أثناء الترميم ولم يستطع الفريق إعادته كما كان، والجامع مغلق حتى الآن"، وأضاف أنه "أثناء نقل منبر جامع أبو بكر مزهر، لم تكن هناك إضاءة كافية، وظل التسليم معطلاً حتى الواحدة صباحاً، واضطر الفريق لترك المنبر بالخارج بجانب باب المخزن إلى الصباح حتى يتمكنوا من إدخاله".
Facebook Post |