أثارت الأغاني الداعمة والرافضة لتعديل الدستور في موريتانيا، انقساماً كبيراً بين الجمهور الفني، وكذلك حفيظة السياسيين والمراقبين الذين انتقدوا بشدة تدخّل الفنانين في مشروع تعديل الدستور، ودعوتهم الجمهور إلى تبنّي مواقفهم السياسية التي يعتبرها البعض مدفوعة الثمن بحكم قرب غالبية الفنانين من صناع القرار.
وكانت أغنية "عزيز موريتاني تبغيك" (عزيز موريتانيا تحبك) للفنانة المعروفة كرمي بنت آبه، الداعمة للدستور، من أكثر الأغاني إثارة للجدل، بسبب شهرة الفنانة والإقبال الكبير على أغانيها، إضافة إلى الدعوة التي أطلقتها قبل أيام للتصويت بنعم على تعديل الدستور.
كما أثارت الفنانة كرمي جدلاً كبيراً حين أطلقت على نفسها "فنانة عزيز"، في إشارة إلى دعمها التام لمشروع التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الذي يطلق عليه الموريتانيون اختصارا لقب "عزيز".
وحظيت حفلات الفنانة كرمي بنصيب وافر من الإعلانات والدعاية التي تكفلت الدولة بتمويلها. وانقسم الجمهور بين من يعارض هذه الحفلات متهماً المطربة كرمي بأنها تساند مشروع سياسي بالغناء والاحتفال، وبين فريق آخر يدعو إلى الاحتفاء بأغاني الفنانة وفنها المميز.
وأثارت هذه الأغاني جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع الموريتاني، بينما اعتبرها النقاد أغاني "تطبيل وتزمير" لا تقدم شيئاً جديداً، وتهدف إلى حجب الوعي عن الشعب. وانبرى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن حرية المواطنين في إبداء آرائهم من دون ضغط من الفنانين ومشاهير المجتمع، متهمين إياهم بتغييب الوعي وحجب الحقيقة وتقاضي أموال طائلة مقابل تسخير شعبيتهم لخدمة النظام.
في المقابل، أطلقت الفنانة وعضوة مجلس الشيوخ الموريتاني، المعلومة بنت الميداح، أغنيتها الرافضة للتعديلات الدستورية "تعيش تعيش يا وطن"، والتي أرفقتها بمقدمة تضمنت موقفها الذي أكدت من خلاله أن التعديلات الدستورية أصبحت لاغية بشكل نهائي بعد رفضها من طرف البرلمان الموريتاني.
وانتقدت كلمات الأغنية إصرار النظام الحاكم على تمرير تلك التعديلات رغم المعارضة الشعبية الواسعة، إضافة إلى إسقاطها في تصويت علني بمجلس الشيوخ.
وأثارت الأغنية إعجاب جمهور الفنانة المعلومة بنت الميداح، التي عُرفت بتاريخها النضالي ومواقفها وأغانيها القوية التي كلفتها الكثير، بعد أن تم منع ظهورها على شاشة التلفزيون الحكومي لمدة تزيد عن 12 عاماً، مما جعلها تصنف ضمن أبرز المعارضين، ونجحت في دخول معترك السياسة والفوز بمقعد في مجلس الشيوخ.
ودخلت الصحافة الموريتانية على الخط حين أنتجت صحيفة "تقدمي" المعارضة أغنية بعنوان "نشيدي نختيرو" (أفضل نشيدي)، في إشارة إلى رفض التعديلات الدستورية التي تتضمن تغيير النشيد الوطني. وشارك في الأغنية كوكبة من الفنانين الموريتانيين، وكتب كلماتها الشاعر الشاب إيدومو ولد الغالي، وتدعو الأغنية إلى رفض مساعي نظام ولد عبد العزيز لفرض التعديلات الدستورية على الشعب.
وتميزت مهرجانات المعارضة التي نُظمت لإعلان رفض التعديلات الدستورية بحضور فني كبير، وانبرى عدد من الفنانين الرافضين سياسات النظام والمجاهرين بذلك في مشهد لم يألفه الموريتانيون، لإحياء المهرجانات بأغان معارضة لتغيير الدستور.