كانت مومباسا إحدى المدن المهمّة في الساحل الشرقي لأفريقيا، ومركزاً لصادرات الحبوب، مثل الدخن والسمسم وجوز الهند. وقد زارها وكتب عنها الرحالة ابن بطوطة في عام 1331، وقال عنها: "وصلنا إلى جزيرة منبسي، وهي جزيرة كبيرة، بينها وبين أرض السواحل مسيرة يومين في البحر، ولا برّ لها، وأشجارها الموز والليمون والأترج، وأكثر طعامهم الموز والسمك. وهم شافعية المذهب، وأهل دين وعفاف وصلاح. ومساجدهم من الخشب محكمة الإتقان".
وقال المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا"، خالد السليطي، في كلمة ألقاها في "قفال"، متحدّثاً عن النسخة السادسة من مهرجان كتارا للمحامل التقليدية، من رحلتها الأولى إلى جميع بنادر الخليج، مستحضراً رحلات الغوص على اللؤلؤ والتجارة، إلى رحلتها الثانية التي وصلت إلى الهند: "نحن نعلن وجهة فتح الخير الثالثة التي ستكون إلى مدينةٍ كانت تُعدُّ مركزًا مهماً لتجارة التوابل والذهب والعاج. وكانت تربط تجارة الهند والصين، وشكّلت رمزًا للتفاعل الثقافي بين الشعوب الساحلية والعربية والأفريقية والأوروبية، إنها مدينة مومباسا".
وأصبحت المدينة عام 1698، تحت حكم سلطنة عمان، واستمرّت تحت حكمها حتى العام 1728. وفي العام 1826، أعيد الحكم العماني لها، وتوالى على حكمها سبعة ولاة. وفي 24 يونيو/ حزيران 1837 ضمها اسميّاً سلطان زنجبار ومسقط السيد سعيد بن سلطان. وكان شاطئ الحي الثقافي كتارا، في الدوحة، قد شهد على مدى خمسة أيام فعاليات المهرجان السادس للمحامل التقليدية الذي يعد من أهم المهرجانات الثقافية والتراثية في المنطقة.
وتضمنت النسخة السادسة من المهرجان أنشطةً عديدة، تكشف جوانب مهمة من التراث البحري القطري والخليجي، إضافة إلى مسابقات البحرية، منها مسابقة الغزل والحداق والغوص واللفاح ومسابقة التجذيف، ومسابقة الغوص على اللؤلؤ، بالإضافة إلى مسابقتين جديدتين، وهما أوّلاً، تنزيل المحامل التي ستعتمد مقياس السرعة، وثانياً، النهمة، إذ سيتم الاحتكام إلى صفاء الصوت وحسن الأداء في هذا الشكل الغنائي التراثي.
فضلاً عن مجموعة متنوعة من الفعاليات التراثية والثقافية التي لها صلة بالتراث البحري، ومنها معرض للمحامل التقليدية، بالإضافة إلى عروض الفرق الشعبية من قطر وسلطنة عمان والبحرين. وشارك في المهرجان أكثر من 230 شخصاً من دول مجلس التعاون الخليجي ومن الهند، إلى جانب مشاركة 118 محملاً من مختلف الأنواع.
واشتمل المهرجان على قرية تراثية شعبية تضم أجنحة عرضت فيها معروضات ذات علاقة بالتراث البحري. وقدم حرفيون مهناً تقليدية، منها مهنة صناعة الصل، أو ما يُعرف بالودج، ومهنة الطواش والليل واليزاف ولسكار والزراقة والحضرة.
ويستعيد مهرجان المحامل التقليدية، كل عام، تقاليد ركوب السفينة التي يعرفها الغواصون، بداية من تنظيف السفينة وإعدادها للرحلة، ونظام العمل والراحات والطعام، ومن الذي يعده، وأماكن نوم فريق العمل خلال الرحلة التي كانت تستمر أربعة أشهر، بحثاً عن اللؤلؤ.
ويحظى التراث البحري باهتمام كبير في قطر، كونه يجسد حياة الآباء والأجداد. فالبحر بالنسبة للشعب القطري وشعوب دول الخليج العربية كان أهم مصدر رزق. وكل عائلة كانت تمتلك مركباً ليكون مصدر رزق لها. واهتم القطريون باستخراج اللؤلؤ والتجارة به، وكانوا يعرفون أماكن وجود المحار بـ"الهيرات" التي تنتشر أمام السواحل القطرية. كما ارتبط استخراج اللؤلؤ بكثير من الصناعات والمهن التقليدية، مثل صناعة الخوص والشباك، ومن أهمها مهنة "القلاف"، وتتعلق بصناعة السفن.