في الوقت الذي تسابق فيه الولايات المتحدة الزمن لإعادة البشر إلى القمر للمرة الأولى منذ 50 عاماً، يهدف مختبر تموله إدارة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، بولاية كولورادو، إلى إرسال أجهزة روبوت إلى هناك لنشر تلسكوبات ستسبر أغوار مجرّتنا ويتحكم فيها رواد الفضاء عن بُعد.
وتُعد التلسكوبات اللاسلكية التي ستزرع على الجانب البعيد من القمر من بين مشروعات عديدة تباشرها وكالة الفضاء الأميركية وشركات خاصة ودول أخرى، ستغير وجه القمر خلال السنوات العشر المقبلة.
وقال جاك بيرنز، مدير شبكة الاستكشاف وعلوم الفضاء في جامعة كولورادو التي تعمل على مشروع التلسكوب "لا يشبه هذا برنامج أبولو من أيام أجدادنا".
وأضاف، في مقابلة من مختبره في حرم الجامعة بمدينة بولدر "هذا برنامج من نوع مختلف للغاية، والأهم أنه سيتضمن تضافر عمل الآلات والبشر".
وسيرسل فريق بيرنز عربة متجولة على متن مركبة إنزال قمرية إلى الجانب البعيد من القمر. وستستكشف العربة السطح الصخري الوعر، بما في ذلك جبل يزيد ارتفاعاً على أي جبل على سطح الأرض، لتضع شبكة من التلسكوبات اللاسلكية من دون مساعدة كبيرة من البشر.
وسيتمكن رواد الفضاء من التحكم في الذراع الآلية الوحيدة للعربة المتجولة، من موقع في مدار حول القمر سيطلق عليه اسم (جيتواي)، تعكف مجموعة من وكالات الفضاء الدولية على تأسيسه. وستكون المنصة نقطة عبور من وإلى سطح القمر، ومحطة لتزويد مهمات الفضاء السحيق بالوقود.
وستضع العربة المتجولة، التي يجري بناؤها في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، في باسادينا بولاية كاليفورنيا، التلسكوبات التي لا يزيد حجم الواحد منها على حجم علبة الحذاء على سطح القمر المكون من أتربة وصخور محطمة.
وبعيداً عن تشويش ضجيج الإشارات اللاسلكية والضوء الذي يعوق رصد الفضاء من على سطح الأرض، يقول بيرنز إن التلسكوبات ستحدق في الفراغ الكوني وتستكشف بدايات نشوء المجموعة الشمسية.
ويعمل بن ملينكوف، أحد خريجي جامعة كولورادو، واثنان من زملائه، في مختبر صغير بحرم الجامعة في بولدر، حيث صمموا نموذجاً للروبوت أطلقوا عليه اسم أرمسترونغ، نسبة إلى نيل أرمسترونغ، أول إنسان تطأ قدماه سطح القمر.
وأثناء زيارة جرت حديثا، تحكّم ملينكوف في الذراع الآلية باستخدام وحدة التوجيه الخاصة بجهاز الألعاب إكس بوكس وحرك الذراع باتجاه أشياء في حجم علبة الحذاء صممها باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد وتشبه التلسكوبات اللاسلكية التي ستوضع على سطح القمر.
ويعمل كيث تاوشر، زميل ملينكوف، على تصميم مركبة قمرية تستفيد من صمت الإشارات اللاسلكية على الجانب البعيد من القمر، لاستكشاف مكونات النجوم والثقوب السوداء الأولى خلال نشأة الكون.
ويسلط العمل في بولدر وغيرها الضوء على خطة ناسا الرامية إلى وجود دائم على سطح القمر، على عكس مهام أبولو التي أرسلتها في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين.
ومن أوجه الاختلاف المهمة الأخرى بين برنامج أبولو والمبادرة القمرية الجديدة، التي أطلق عليها جيم برايد نستاين، رئيس ناسا، اسم برنامج أرتميس، في مايو/أيار، مساهمة شركاء تجاريين في المهمة، مثل شركة سبيس إكس التي أسسها إيلون ماسك، وشركة بلو أوريجين التي أسسها جيف بيزوس.
وتعمل مثل هذه الشركات على خفض تكلفة إطلاق الصواريخ لتحقيق طموحها للأجل الطويل، بتنفيذ مشروعات خاصة بها على سطح القمر وكوكب المريخ، في نهاية المطاف. وقال بيرنز "إنها طريقة عمل جديدة تتضافر فيها جهود القطاع الخاص مع ناسا بشدة".
ويتوقع بيرنز أن يمتلئ القمر في غضون 20 عاماً بفنادق من المطاط القابل للنفخ للسائحين الأثرياء ومواقع للتعدين، حيث ستحفر أجهزة الروبوت تحت القطب الجنوبي للقمر بحثاً عن ماء متجمد يمكن تحويله إلى وقود صواريخ لاستخدام مهمات الفضاء العائدة إلى الأرض أو المتوجهة إلى المريخ.
(رويترز)