قبل أيام، طرحت الفنانة الأميركية، مايلي سايرس، ألبوماً غنائياً جديداً، حمل عنوان "She is coming"، وهو الألبوم الرسمي السابع لها خلال مسيرتها الفنية. ويضمُّ الألبوم ست أغان فقط، أبرزها أغنية "Mother’s daughter" التي طرحتها كأغنية منفردة قبيل إصدار الألبوم، وصورتها على طريقة الفيديو كليب، وأصدرت الكليب الخاص بها يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن أصدرت له فيديوهات ترويجية. وحددت ميعاد إصداره بمؤقت العد التنازلي، والذي جمع على منصة سايرس على "يوتيوب" لحظة عرض الكليب لأول مرة، أكثر من مليوني مشاهد.
وتعود سايرس في ألبومها الجديد إلى موسيقى الـ"هيب هوب" والـ"بوب" مجدداً، بعد أن اختارت التخلي عنهما لحساب موسيقى الـ"كانتري" في ألبومها السابق "Younger Now". ويتمحور مضمون الألبوم حول القضايا النسوية والحرية الجنسية والفكرية. ولكن سايرس لا تسير بالموجة السائدة لأغنية "البوب" النظيفة، التي تخلت عن الإثارة والشبق الجنسي بعد الحملات المناهضة للتحرش والتنمر، ولاسيما حملة "مي تو" التي جعلت العديد من مغنيات البوب "يتخلين" عن المحتوى الجنسي في كلماتهن. فسايرس لا تتناول مفهوم الحرية الجنسية بالأسلوب الذي بات رائجاً الذي يتيح للأفراد التعبير عن ميولهم الجنسية بحرية ووقار، والتعبير عن انعتاق جسد المرأة بلغة رزينة؛ بل إن ما تقوم به سايرس في ألبومها هو التعبير عن ذات القضايا الرائجة بلغة سوقية غير مهذبة، تشبه لغة أغاني "الهيب هوب" في العقدين الماضيين، وتنادي بحرية جسدها وهي تفيض بالشبق الجنسي، فلا تسمح للقضية بأن تسيطر على مساحة جسدها الخاصة.
ويبدو ذلك واضحاً من خلال كليب أغنية "Mother’s daughter"، إذْ تجمع سايرس في كليبها نماذج لفئات نسوية مستضعفة. فتحضر بالكليب عارضة أزياء بدينة وامرأة متحولة جنسياً ورجل مثلي بميول أنثوية. وتغني سايرس باسمهم لتطالب بالحرية الجنسية والجسدية لهم؛ وبالإضافة لهذه النماذج، تحضر سايرس بجسدها وبرفقة أمها الحقيقية في الكليب، لتضع نفسها كنموذج لمغنية "البوب" الاستعراضية، بجانب ما تبقى من نماذج، لتنادي أيضاً بحريتها الجسدية التي باتت تقيدها أصوات النسوية الوقورة، كما يقيدها المجتمع الأبوي.
وعلى الرغم من تعدد الموضوعات التي تتضمنها أغاني الألبوم، إلا أنها جميعاً تسير بالمنحى نفسه، وهي أن الحرية الجسدية لا تعني قداسة الجسد بمنظور يوتوبي، وأن العلاقة مع الجسد هي علاقة خاصة جداً، يجب ألا تحددها أي قيود، حتى وإن كانت الدوافع التي فرضت هذه القيود نبيلة. ففي أغنية "Unholy"، ترفض سايرس أن تقدس جسدها، ولكنها أيضاً ترفض استباحته. وأما في أغنية "Cattitude" فإن سايرس تدافع عن نرجسيتها وشغفها غير المألوف بجسدها، لتدافع عن الخيارات الجسدية والجنسية مهما بدت غريبة.
وقد تبدو الأفكار التي تطرحها سايرس في ألبومها جريئة وغريبة، ولكنها فعلياً تبدو أحد أفضل تجارب "البوب" و"الهيب هوب" التي حمّلت بالأفكار والقضايا النسوية، فهي لا تبدو مفتعلة وتسير وفقاً لما تتطلب المرحلة والموجة السائدة، بل هي انعكاس للأفكار العامة بمنظور خاص.